الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صوت المقاومة يتحدى الصمت

سامح قاسم

2024 / 10 / 2
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


في زمنٍ تغرق فيه الأمة العربية، والغرب المتواطىء، في صمتٍ مريب تجاه الاعتداءات المتكررة على غزة ولبنان، يأتي الرد الإيراني على إسرائيل اليوم ليكون صرخةً مدوية في وجه هذا الصمت. لم يكن هذا الرد مجرد عملية عسكرية تقليدية، بل كان إعلانًا صريحًا بأن محور المقاومة، رغم التحديات والضغوطات، قادر على مواجهة العدوان الإسرائيلي والرد بقوة على كل محاولة تهدف إلى تدمير أمن واستقرار المنطقة.

منذ سنوات، تعتمد إسرائيل على تفوقها العسكري المدعوم من الولايات المتحدة والغرب، معتبرةً نفسها القوة التي لا تُهزم في منطقة الشرق الأوسط. غير أن الرد الإيراني الأخير جاء ليكسر هذا الاعتقاد المتغطرس، ويُظهر أن اللعبة قد تغيرت، وأن هناك قوى جديدة أصبحت قادرة على تعديل التوازنات الاستراتيجية في المنطقة.

إن هذا الرد ليس مجرد رد فعل على هجمات إسرائيلية معزولة، بل هو تعبير عن موقف ثابت وحازم من قِبل إيران، التي ترى أن محور المقاومة لا يُمكن السماح له بأن يتعرض لأي هجمات دون رد قوي. إيران، التي تمتلك نفوذًا واسعًا في المنطقة من خلال دعمها للمقاومة في لبنان وسوريا وغزة، أثبتت اليوم أنها لن تتهاون في الدفاع عن حقوق شعوب المنطقة، حتى لو كان الثمن مواجهة مباشرة مع إسرائيل.

إن الرد الإيراني يحمل في طياته رسالة واضحة لإسرائيل وللعالم أجمع: محور المقاومة لم يعد ذلك اللاعب الضعيف الذي يمكن تجاوزه بسهولة. بالعكس، هذه القوى أصبحت تمتلك القدرات العسكرية والتكنولوجية اللازمة لشن هجمات مضادة قد تُحدث تأثيرًا حقيقيًا على الأرض. وما حدث هو تأكيد على أن أي اعتداء إسرائيلي سيُقابل برد غير متوقع، ولن يكون هناك مكان للاحتلال ليشعر بالأمان.

إسرائيل التي كانت تعتمد على قوة سلاحها وحدها، تجد نفسها اليوم في مواجهة قوى مقاومة متنامية قادرة على الرد بالمثل، بل وربما بتصعيد المواجهة إلى مستويات غير مسبوقة. وفي الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل فرض هيمنتها بالقوة العسكرية، يظهر محور المقاومة كقوة متماسكة ذات قدرة على تنظيم ردود فاعلة ومؤثرة في الميدان.

في قلب هذا الرد، تظهر ملامح تحالف قوي يمتد عبر عدة دول وحركات مقاومة في المنطقة. إيران، بدورها القيادي في هذا المحور، تمثل العمود الفقري لهذا التحالف الذي يشمل أيضًا حزب الله في لبنان، والجماعات المقاومة في غزة، والقوى الداعمة في سوريا والعراق. هذا المحور، الذي نشأ كحركة مواجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي والتدخلات الأجنبية، يُظهر اليوم أنه لم يعد يقف مكتوف الأيدي، بل يمتلك المبادرة والقدرة على التحرك في اللحظة المناسبة.

في ظل هذا التحالف، لا يمكن لإسرائيل أن تتصرف بعدوانيتها المعتادة دون أن تتوقع رد فعل قاسٍ. الحروب التي كانت تخوضها إسرائيل سابقًا بغير مقاومة تُذكر أصبحت اليوم مواجهات مُكلفة، ليس فقط من الناحية العسكرية، بل من الناحية السياسية والمعنوية أيضًا. فقد أصبح الرد القاسي من محور المقاومة يحظى بدعم شعبي واسع في الدول التي تعاني من الاحتلال والعدوان الإسرائيلي.

من الصعب تجاهل أن هذا الرد الإيراني جاء في ظل صمت عربي مخجل. الدول العربية التي لطالما كانت تُعتبر الداعمة للقضية الفلسطينية ولحقوق شعوبها في مواجهة الاحتلال، باتت اليوم تتخذ مواقف متخاذلة، تكتفي ببيانات جوفاء تدعو إلى "ضبط النفس" دون أن توجه أصابع الاتهام إلى المعتدي.

هذا الصمت العربي الرسمي يُعد بمثابة تأييد ضمني للعدوان الإسرائيلي. إذ أن عدم اتخاذ موقف واضح وحاسم يُعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لمواصلة هجماتها بدون خوف من أي عواقب. وفي الوقت الذي تلتزم فيه بعض الدول العربية موقف الحياد أو الصمت، تُصبح المقاومة وحيدة في ساحة المعركة، تواجه عدوًا متفوقًا عسكريًا، دون دعم سياسي أو عسكري من الجوار العربي.

ومع ذلك، فإن الرد الإيراني أتى ليكسر هذا الحصار النفسي، ويُثبت أن المقاومة ليست بحاجة إلى الدعم الرسمي العربي لكي تستمر. إنها تعتمد على إرادتها، وعلى دعم شعوب المنطقة التي ترى في هذه المقاومة الأمل الأخير في مواجهة الاحتلال والظلم.

إن الصوت الذي جاء به الرد الإيراني هو صوت المقاومة، الصوت الذي لن يخفت مهما كان حجم التآمر عليه. هذا الرد يُرسل رسالة واضحة: لا يمكن لإسرائيل أن تفلت بجريمتها دون أن تواجه عواقب. ومحور المقاومة، سواء في لبنان أو غزة أو إيران، لن يقف مكتوف الأيدي في وجه العدوان.

وما يجعل هذا الصوت أقوى هو أن المقاومة لم تعد مجرد رد فعل على العدوان، بل هي حركة ذات رؤية واضحة، ترفض الذل والخنوع، وتؤمن بأن الحق لا بد أن ينتصر مهما كانت التضحيات. إن هذا الصوت يتحدى الصمت العربي الرسمي، ويدعو الشعوب إلى أن ترفع صوتها ضد الظلم والعدوان.

إن ما يميز هذا الرد هو أنه يحمل في طياته رسالة واضحة للعالم أجمع: الكرامة في المقاومة. ففي وقت تسقط فيه الأنظمة تحت ضغوط الاحتلال أو المصالح السياسية، تبقى المقاومة هي الحامية الأخيرة لكرامة الشعوب.

إسرائيل قد تظن أنها بإمكانها الاستمرار في عدوانها بلا رادع، لكنها اليوم تواجه قوة جديدة، قوة ترفض الصمت، وترد بكل حزم. هذه القوة ليست مجرد تحالف عسكري، بل هي تحالف إرادة الشعوب التي ترفض الظلم، وتؤمن بحقها في الحرية والكرامة.

إن الرد الإيراني هو تجسيد لهذه الإرادة، وهو دعوة لكل من يؤمن بالعدالة والحق أن يقف بجانب المقاومة. لأن المقاومة هي ما تبقى لنا في مواجهة عالم يزداد ظلماً وفساداً. هي صوتنا الذي يتحدى الصمت، وصدى الكرامة التي لن تسقط مهما اشتدت الرياح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإيطالية تعتدي على متظاهرين مؤيدين لفلسطين في ميلانو


.. الحكومة تعالج الاختلالات المالية من جيوب المغاربة #المغرب




.. تغطية القناة الأولى للجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإقليمي لحزب


.. محمد نبيل بنعبد الله : صفقة أكبر محطة لتحلية المياه فازت به




.. علم الحراك الشعبي في سوريا لعام 2011 شوهد وهو معلقا خارج الق