الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين قبعة بوش وسجائر شارون..

رجا زعاترة

2003 / 7 / 6
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 
السبت ‏2003‏-07‏-05 

يحب البعض تقسيم السنوات الأخيرة الى ما قبل أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 وما بعدها، كأن العمليات التاريخية تتبدل بهذه الحدة، وكأن عالمنا قبل ذلك الحدث كان يتميز بالإنسجام الحضاري واستفاق ليرى المباني النيويوركية تنهار لتعلن بداية الصراع الحضاري.
القطب الإمبريالي وحليفته الإستراتيجية في منطقتنا لم يجلسوا بعيد 11 ايلول للتفكير في كيفية مجابهة الوضع "الجديد"، لسبب بسيط هو انهم هم من انتجوه ومن زجوا بحيثياته الى الواقع الدولي المعاصر، فالسؤال لا يدور حول صياغة استراتيجية مواجهة بل كيفية تسخير الأحداث لمصلحة الإمبريالية والحركة الصهيونية، تلك المصلحة الثابتة التي يتم توظيف متغيراتها بما يتلائم والديكور الهوليوودي الأكثر نجاعة في تضليل وعي شعوب العالم وحرف انظارهم عن السياسات الرأسمالية- الكولونيالية.
بعد انهيار المنظومة الإشتراكية واطلاق العنان لوحشية وشراهة ورأسمالية النظام العالمي الكوني الجديد، لا بد من ايجاد "بعبع" جديد، شماعة جديدة تعلق عليها التناقضات التي تفرزها كونية الصراع الطبقي على شاكلة صراعات اثنية أو اقليمية أو دينية، أو حضارية اذا اقتضت حاجة السادة القابعون في مراكز صنع القرار ومن يدور في فلك هؤلاء من أنظمة دولية وطبقات مستفيدة في شتى بقاع العالم.
من الذي يمكنه لعب دور هذه "البُعبُع" بعد اندثار الشبح الأحمر؟ من الذي يمكنه ايهام العالم بانه على القدر الكافي من عدم الإنصياع لقوانين اللعبة الكونية؟ ولم تكن مراكز الإبحاث الإستراتيجية الأمريكية لتجد أفضل من الإسلام السياسي لتقمص هذا الدور، وهنا يجدر التنويه الى ان أحداث 11 ايلول لم تكن نقطة البداية بل مجرد قفزة نوعية في مسار بدأ قبل 11 ايلول بما لا يقل عن عقد من الزمن.
الطريف في كل الأمر هو إن البعبع الجديد ليس أكثر أو أقل من أداة امريكية الفكرة والصنع كان موظفة في مرحلة ما ضد البعبع القديم، ضد الإتحاد السوفييتي الذي حاربه بن لادن بدعم مالي وعسكري أمريكي، تمامًا كما حدث حين دعمت الولايات المتحدة حرب صدام الإستنزافية ضد النظام الإصولي في ايران، بواسطة قنوات إمداد أنظمة النفط الخليجية في الثمانينات، وتمامًا كما حاولت الحركة الصهيونية خلق بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية، ودعمت وساهمت بشكل فاعل في إقامة تنظيمات إصولية في المناطق المحتلة، وتمامًا كما حدث حين شجعت اسرائيل التيار الإصولي في اسرائيل للحد من نفوذ التيار الوطني اليساري، وتمامًا كما حدث حين ساهمت الأجهزة الأمنية والسياسية الإسرائيلية في ابتداع فتنة طائفية وافتعال قضية شهاب الدين في مدينة الناصرة.
إن ما يحدث اليوم سواء على الصعيدين الدولي و الإقليمي، وحتى على صعيد الجماهير العربية الفلسطينية داخل اسرائيل، هو جزء من استراتيجية أمريكية- اسرائيلية ترى إنها قد إستنفذت توظيف الإسلام السياسي بالطريقة التي إعتمدتها حتى اليوم، ولكن ليس دون استغلال الوضعية القائمة ووجود هذا التيار بتعدد اشكاله وتباين أطيافه لإنزال ضربات جديدة تتوافق مع الإستراتيجية الجديدة لضمان إعادة إنتاج معادلة الإستغلال الطبقي ذاتها.
وأحيانًا يبدو إن اللعبة السياسية تكاد تكون مكشوفة لدرجة الذعر، فالوضع الحالي يذكر بنكتة الأسد الذي كان يضرب الأرنب كلما رآه في الغابة تارة بحجة اعتماره قبعة وتارة بحجة عدم اعتمارها، وفي يوم من الأيام إرتاى الأسد وجوب تحضير تقليعة جديدة وكانت أن يطلب من الأرنب سيجارة وضربه اذا كانت مع فلتر أو بدونه، وبالفعل يطلب منه الأسد سيجارة وحين سأله الأرنب "مع فلتر او بدون فلتر" يضربه صارخًا: "لماذا لا تعتمر قبعة؟"..

 

نقلا عن موقع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة
http://www.aljabha.org/
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتوسع في إفريقيا.. والسودان هدفها القادم.. لماذا؟ | #ا


.. الجزيرة ضيفة سكاي نيوز عربية | #غرفة_الأخبار




.. المطبات أمام ترامب تزيد.. فكيف سيتجاوزها نحو البيت الأبيض؟ |


.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. فهل تتعثر مفاوضات القاهرة؟




.. نتنياهو: مراسلو الجزيرة أضروا بأمن إسرائيل | #غرفة_الأخبار