الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ما هي عقوبة من يمارس المحاماة واسمه غير مسجل في نقابة المحامين؟ قراءة في قرار محكمة التمييز الاتحادية
سالم روضان الموسوي
2024 / 10 / 4دراسات وابحاث قانونية
ما هي عقوبة من يمارس المحاماة واسمه غير مسجل في نقابة المحامين؟
قراءة في قرار محكمة التمييز الاتحادية
أصدرت محكمة التمييز الاتحادية قرارها العدد 10724/هيئة جزائية/2024 في 16/7/2024 وبموجبه قررت نقض قرار محكمة جنايات (م) الذي كان قد قضى بإدانة (ص) لأنه ترافع في احدى الدعاوى بصفة محامي واسمه مشطوب من سجلات نقابة المحامين، وقررت ادانته على وفق احكام الفقرة (أولا/1) من قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 160 لسنة 1983،
وبعد تمييز القرار أصدرت محكمة التمييز الاتحادية قراراها المذكور في أعلاه، ونقضت بموجبه قرار الإدانة حيث اعتبرت ان توصيف فعل ممارسة مهنة المحاماة من غير المحامين يندرج ضمن احكام الشق الثاني من المادة (260) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل،
لكن لوحظ ان فعل المتهم قد نظمته احكام المادة (22/ثالثاً/3) من قانون المحاماة رقم 173 لسنة 1965 المعدل، والتي تعاقب على من يمارس اعمال المحاماة من غير المسجلين لدى النقابة بعقوبة الحبس مدة لا تزيد على ستة اشهر، وبذلك أصبحت الواقعة محل البحث تتنازعها ثلاث نصوص عقابية نافذة،
والسؤال أي من تلك النصوص الواجب التطبيق على الواقعة محل النظر، وللوقوف على ذلك سأعرض الامر على وفق الاتي:
أولا: تعدد النصوص العقابية:
لاحظنا ان الواقعة محل النظر تقاذفها ثلاث نصوص عقابية سأعرض لها على وفق الاتي:
1. الفقرة (أولا/1) من قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 160 لسنة 1983: حيث محكمة الجنايات اتجهت الى اعتبار الواقعة تخضع لأحكام القرار أعلاه باعتبار ان المتهم ارتكب جريمة انتحال صفة المحامي واسمه مشطوب من سجلات نقابة المحامين ، التي جاء فيها (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات كل من انتحل وظيفة من الوظائف العامة او من وظائف القوات المسلحة، او قوى الامن الداخلي، او الاجهزة الامنية او الاستخبارية او تدخل فيها او اجرى عملا من اعمالها او من مقتضياتها بغير حق وذلك دون صفة رسمية او اذن من جهة مختصة)
2. المادة (260) من قانون العقوبات النافذ: ان محكمة التمييز الاتحادية بموجب قرارها المذكور سلفاً، قد اعتبرت الفعل ينطبق واحكام الشق الثاني من المادة (260) من قانون العقوبات، التي جاء فيها (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات كل من انتحل وظيفة من الوظائف العامة او تداخل في وظيفة او خدمة عامة مدنية كانت او عسكرية او اجرى عملا من اعمالها او من مقتضياتها بغير حق وكان ذلك دون صفة رسمية او اذن من جهة مختصة. ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل موظف او مكلف بخدمة عامة عزل او فصل او اوقف عن عمله وعلم بذلك على وجه رسمي اذا استمر في ممارسة اعمال وظيفته او خدمته)
3. (22/ثالثاً/3) من قانون نقابة المحامين رقم 173 لسنة 1965 المعدل: لوحظ وجود نص عقابي ورد في المادة أعلاه قد قررت معاقبة من يمارس عمل من اعمال المحاماة من غير المسجلين في نقابة المحامين بالحبس لمدة لا تزيد على ستة اشهر او بالغرامة او بكلاهما، وعلى وفق النص الاتي (3- يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة اشهر او بغرامة لا تتجاوز خمسين دينارا او بكلتا العقوبتين كل من مارس عملا من الاعمال المذكورة في الفقرة 1 من غير المذكورين في الفقرة 2 من هذه المادة . وتكون العقوبة في حالة العود الحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة او بغرامة لا تزيد على مائة دينار او بكلتا العقوبتين) ويذكر ان الفقرة (1) من المادة أعلاه جاء فيها (لا يجوز لغير المحامين المسجلين في جدول المحامين ابداء المشورة القانونية او التوكل عن الغير للادعاء بالحقوق والدفاع عنها امام المحاكم العامة والخاصة ودوائر التحقيق والشرطة واللجان التي خصها القانون بالتحقيق او الفصل في منازعات قضائية).
ثانياً: ما هو النص الواجب التطبيق:
بعد ان لاحظنا وجود ثلاث نصوص تعالج موضوع واحد فلابد من معرفة القانون الواجب التطبيق حيث لا يجوز ان تطبق جميعها او تهمل جميعها، والمعالجة تكون قضائية وفقهية تتولاها المحكمة المختصة وعلى وفق الاتي:
1. التكييف القانوني : ان تكييف الفعل الذي هو من اهم مهام محكمة الموضوع، ويكون ذلك من خلال تحليل الفعل أو الواقعة لتحديد ما إذا كان يشكل جريمة أو مخالفة قانونية، ومن ثم تصنيفه ضمن احد الفئات (الجنايات، الجنح، أو المخالفات) ويهدف الى تحديد النموذج الجرمي الموصوف في القانون لتطبيقه على الواقعة، وحيث ان محكمة الجنايات كان لها تكييف لفعل المتهم باعتباره ارتكب جريمة انتحال وظيفة عامة، بمعنى ان مهنة المحاماة من الوظائف العامة، بينما محكمة التمييز الاتحادية كان لها تكييف اخر حيث اعتبرت ان مهنة المحاماة ليس بوظيفة عامة وانما خدمة عامة وان فعل المتهم يكون تحت طائلة المادة (260) من قانون العقوبات النافذ، لان نص تلك المادة في الشق الثاني منه فرق بين منتحل الوظيفة العامة ومنتحل الخدمة العامة، وارى ان تكييف محكمة التمييز هو الأكثر انطباقاً على الواقعة، لان المحامي ليس موظف على وفق تعريف الوظيفة العامة الوارد في قانون الخدمة المدنية، وانما يعد من المكلفين بخدمة عامة .
2. فض التنازع بين النصوص القانونية الوطنية: ان التنازع بين النصوص القانونية الوطنية يقصد به وجود اكثر من نص قانوني يعالج واقعة واحدة في البلد الواحد، ولهذه الحالة عدة معالجات منها ان تطبيق قاعدة الخاص يقيد العام، بمعنى ان وجود نصوص قانونية تتعلق بواقعة بعينها ومختصة بتنظيمها تكون لها الأولوية في التطبيق على النصوص القانونية العامة، وفي الواقعة محل البحث نجد ان الواقعة تتعلق بعمل مهنة المحاماة التي تنظمها احكام قانون المحاماة، وبذلك فان نصوص القانون اذا ما وردت فيها نصوص عقابية تكون هي الخاصة التي تطبق لأنها تقيد النص العقابي العام الوارد في قانون العقوبات،
كما يوجد مبدأ دستوري وقانوني بتطبيق النص القانوني الاصلح للمتهم، فاذا وجدت عدة نصوص فيها مواد عقابية فان القانون الذي يمثل العقوبة الاخف فهو الواجب التطبيق اعمالاً للمبدأ الدستوري والقانوني (القانون الاصلح للمتهم) وحيث ان النص الوارد في قانون المحاماة هو اخف من حيث العقوبة فانه يكون هو الاصلح للمتهم.
الخلاصة: ومن خلال ما تقدم فان النص الأكثر انطباقاً على فعل المتهم في حال ثبوته وتوفر اركانه المادية والمعنوية والمشروعية، هو نص المادة (22/ثالثاً/3) من قانون نقابة المحامين رقم 173 لسنة 1965 المعدل، لأنه خاص بمهنة المحاماة، وان العقوبة الواردة فيه هي الاصلح للمتهم.
قاضٍ متقاعد
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. هيومن رايتس ووتش تتهم إسرائيل بارتكاب -جرائم ضد الإنسانية- ف
.. كل الزوايا - د. أيمن سلامة يوضح أهمية توثيق المحكمة الجنائية
.. لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة: إسرائيل استخدمت متفجرات في غ
.. موجز أخبار السابعة مساءً - الفاو: احتمالية حدوث المجاعة الآن
.. هيومن رايتس ووتش: إسرائيل تمارس التهجير القسري في قطاع غزة