الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المشروع الاستيطاني الصهيوني: بين الترانسفير ... والإبادة، بحث في الفكر الصهيوني قبل -طوفان الأقصى- وبعده (الحلقة الثانية)
مسعد عربيد
2024 / 10 / 5القضية الفلسطينية
حول الذرائع والتبريرات
أ) طرح الغرب الرأسمالي العديد من الطروحات العنصرية والاستعمارية ارتكزت على مفاهيم بربرية تطمس الإنسان وإنسانيته وتلغي تاريخه، وعلى نظرية "تفاضل الشعوب" التي تعني أن الشعوب الأصلية والجماعات السكانية في المستعمرات، هي أقرب إلى الهمجية والتخلف، أي أنهم ليسوا بشراً متحضرين أو كاملين بل هم "حيوانات بشرية". وقد استخدم الغرب الرأسمالي هذه الطروحات لتبرير حروبه الإمبريالية، وشرعنه الاحتلال والقتل والتدمير وإبادة الشعوب ونهب ثرواتها.
ب) بالإضافة إلى تبرير سياساته البربرية في احتلال واستيطان المستعمَرات، احتاج الغرب لذرائع لتبرئة القوى الاستعمارية من مسؤولياتها التاريخية الراهنة والمستقبلية عمّا آلت إليه أوضاع بلدان الجنوب، ومنهم العرب، فعمد إلى صياغة نظريات تؤكد أن البنى الثقافية والاجتماعية والنفسية لهذه الشعوب ومعتقداتها الدينية هي السبب الجذري لتخلفها وأزماتها المزمنة والمتكررة.
ومنذ ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن العشرين وما صاحبها من تحولات كبرى شهدها العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وهيمنة العولمة الرأسمالية الغربية، تعاظم تأثير هذه الأطروحات بغية تعزيز وهم الانتصار الأميركي ووحدانية القطب الأميركي في الهيمنة على الكون، فانتشر خطاب نهاية الأيديولوجيات ونهاية التاريخ وصراع الحضارات.
ج) شكّلت هذه المرتكزات الأيديولوجية مقدمة لاستمرار سياسات العداء والحرب والهيمنة التي تعتمدها القوى الغربية بقيادة الإمبريالية الأميركية، وحظيت الشعوب العربية من بين شعوب جنوب الكرة الأرضية بحصة الأسد من مؤامرات التدمير وضرب مشروعات النهضة واحتجاز التنمية وإعاقة السيادة والعدالة والتقدم.
ومن أجل ضمان استمرارية هيمنته السياسية والاقتصادية على الوطن العربي، عمد الغرب الرأسمالي - الإمبريالي إلى آليات الحروب التدميرية وويلاتها التي لم تسلم منها ليبيا والعراق وسورية والسودان واليمن وغيرها، ناهيك عن زرع الكيان الصهيوني الوظيفي في قلب الوطن العربي منذ عقود، وتعميق تبعية الأنظمة العربية، سواء النفطية وغير النفطية.
إضاءة: الجذور العنصرية للتفاضل بين الشعوب والأمم
ليس هذا استطراداً أو عودة إلى التاريخ، بل القصد هو التأكيد على أن هذه النظريات العنصرية ما زالت حاضرة بقوة في الخطاب الغربي: السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري، وما فتأت تتنامى في العديد من المجتمعات الغربية مثل ألمانيا والنمسا وفرنسا وهنجاريا والولايات المتحدة وغيرها.
خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، أضحت "الاختلافات بين المجموعات البشرية" موضوعاً هاماً في الخطاب الغربي وفي حقول الفلسفة والفكر والعلم والسياسة. وكانت هناك نظريات ومحاولات لتصنيف البشر وتراتبية الأعراق وفق التباين البيولوجي والخصائص الثقافية والحضارية، وراجت "نظرية" التفاضل بين الأجناس البشرية التي أنتجت العديد من التيارات العنصرية وفكرة تفوق الأوروبي الأبيض على الأجناس البشرية الأخرى. فعلى سبيل المثال، استقطبت فكرة تفوق العِرق الآري بعض المفكرين الفرنسيين والألمان، وازدهرت في اواخر القرن التاسع عشر ومطلع العشرين، ومفادها أن متحدثي اللغات الهندية الأوروبية يشكلون عرقاً متفوقاً على الأعراق الأخرى.
وكما هو معروف، شكّلت هذه الطروحات الأساس النظري للأيديولوجيا النازية التي انتعشت في أواخر القرن التاسع وتم تطبيقها عملياً خلال العهد النازي في المانيا (1933-1945)، ولا زلنا نرى تجلياتها اليوم في تيارات النازية الجديدة (النيونازية) المتنامية في العديد من الدول الأوروبية. كذلك، شكّلت الأساس النظري للأيديولوجيا الصهيونية القائمة على العنصرية وتفوق "اليهود" واستيطان فلسطين وإفناء شعبها.
وجدير بالتذكير هنا أن تنامي هذه المفاهيم العنصرية تزامن في سياقه التاريخي والسياسي مع صعود الرأسمالية إلى مرحلتها الإمبريالية.
مَن هي "الحيوانات البشرية":
المستعمِر أم المستعمَر؟
في مواجهة المستعمِر، يدافع المستعمَر عن نفسه وأرضه بالعنف الثوري، وهو عنف شرعي وأخلاقي بالمطلق وحق طبيعي لأنه يقاوم الاستعمار والاحتلال والاستيطان، أي أنه نقيض لعنف المستعمِر اللاأخلاقي والإجرامي. في هذا الصراع، يتحول المستعمِر إلى كائن بربري ومتوحش، رغم ادعائه نقيض ذلك، ويصبح "حيواناً بشرياً". وينعكس هذا اليوم بوضوح على الكيان الصهيوني في الحرب الدائرة في قطاع غزّ والضفة الغربية. فحين يمعن الصهيوني في القتل والذبح والاغتصاب، فإنه يُسقط القناع عن وحشيته ويفقد صفاته الإنسانية والأخلاقية ويصبح هو الحيوان البشري على عكس ما يَصف به الشعبَ المستعمَر.
يتضح مما أتينا عليه أن وزير الحرب الصهيوني يوآف غالانت لم يكن أول مَنْ لفظ "الحيوانات البشرية" في وصفه للفلسطينيين خلال الحرب الإبادية المستمرة على قطاع غزّة والضفة الغربية المحتلة، فقد تم استخدام هذا اللفظ وتكراره بشكلٍ أو بآخر في العديد من التجارب الاستيطانية الأخرى حول العالم.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. أطيب حواوشي مصري من الشيف عمر
.. بعد سقوط نظام الأسد.. ما هي المخاوف وماذا طلبت واشنطن وعواصم
.. غارات إسرائيلية تدمر القدرات العسكرية السورية.. ما رأي الشار
.. هذا ما يحدث في الغرف السرية.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف ال
.. الجزيرة ترصد عمليات نزوح لسكان من القنيطرة السورية بعد طلب ا