الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين أزمة الحرب وأزمة العقل الشرقي

ضياء الشكرجي

2024 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


تداخلت وتشابكت وتناقضت المَعَمَنِّيَّة والضِّدَّمَنِّيَّة لدى الشَّرْقَوْسَطِيّين منذ بدء الحرب الإسرائيلية- الحَماسِيَّة، ثم الإسرائيلية-الحِزبُلّاهِيَّة، والإسرائيلية-الجُمهورِسْلامِيَّة. وبالرغم من خطورة الأزمة في جانبها القتالي وما يستتبعها من دمار، وحجم الضحايا في غزة ثم في لبنان، على يد إسرائيل التي لا تتوانى عن أبشع الجرائم، إذا توقف عليها حماية نفسها، والقضاء على كل من يهدد وجودها؛ ظهرت أزمة من نوع آخر، هي ما يمكن تسميتها (أزمة العقل الشرقي)، فأصبحت الأكثرية في شرقنا تعتمد قاعدة «عدو عدوي صديقي»، بل غالى البعض وجعلها بلسان الحال، وإن لم يجرؤ استحياءً منه ليقولها بلسان المقال، «عدو عدوي حبيبي». فأصبحت حماس وحزب الله والجمهورية الإسلامية أحبة هؤلاء، سواء كانوا إسلاميين، أو مجرد مسلمين، أو عروبيين، أو يساريين، أو حتى أشخاص لم تكن لهم يوما علاقة لا بالدين، ولا بالعروبة، ولا باليسار، ولا بأصل السياسة، فأصبحوا يحضرون تظاهرات الحماوسة والحزبللاهية والمعادين لليهود.
فكما وقف الكثير من هؤلاء بالأمس مع ڤلاديمير پوتين في حربه العدوانية ضد أووكرانيا، نجدهم هم وأضيف إليهم أضعاف أضعافهم، حتى من غير ذوي الاهتمام بالشأن العام والسياسة سواء في المنطقة أو في العالم.
نعم من الطبيعي بل ومن المفرح، أن يصطف الجميع في صف واحد، بما في ذلك من غير المهتمين بالأوضاع السياسية والعامة، عندما تكون القضية قضية حق وعدالة. وإذا سئلت، أليست نصرة حقوق الشعب الفلسطيني بقضية حق عادلة تستحق التضامن والنصرة. هنا أقول ألف نعم ونعم، إنها لتستحق، ولكنت أول المشاركين في التضامن مع هذه القضية، لولا أن أكثر نشاطات التضامن مع الشعب الفلسطيني، أصبحت إعلان تضامن مع حماس وحزب الله والجمهورية الإسلامية، وتضامن مه إسماعيل هنية وحسن نصر الله وعلي خامنئي. وعلى الأغلب هي نوع من الإعلان عن العداء لليهود. فلا أعرف كيف ليساري بل وملحد، أو على الأقل لا علاقة له بالدين، أن يتضامن مع حماس وحزب الله الإسلاميتين، ويروج لمنشوراتهما المكتظة بالمفردات الدينية والتكفيربة. وكيف لكردي أن يصطف مع عروبيين لا يؤمنون بالحقوق القومية للكرد، وكيف تتضامن امرأة سافرة مع النظام الإيراني، وهي التي تعلم بوجود عشرات الإيرانيات اللاتي يقبعن في السجون، واللاتي قتلن في التظاهرات، واللاتي اغتصبن وأعدمن بسبب عد التزامهن بالحجاب الشرعي، وهي الكارهة أصلا للحجاب، ثم يتضامن عراقي معارض للميليشيات الولائية وقوى الإسلام السياسي مع حماس وحزب الله والجمهورية الإسلامية، وهو يعلم أن النظام الإيراني وقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس كانوا وراء قتل المئات من التشرينيين. ما معنى أن يخرجوا شباب عراقيون من الجنسين، متدينين وغير متدينين، ولدوا ونشأوا في الغرب، في تظاهرات إسلاموية متطرفة. بصراحة لم أعد أفهم، من حقك بل من الواجب التضامن مع الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروع، ومن حقك بل من الواجب إدانة الجرائم الإسرائلية من إبادة جماعية وتدمار ورعب، لكن أن تكون حماسيا أكثر من حماس، وحزبللاهيا أكثر من حزب الله، وخامئيا أكثر من خامنئي. فهذا ما لا أفهمه. ومن هنا لا أستطيع أن أفسر هذه الظاهرة إلا بـ:
أزمة العقل الشرقي.
06/10/2024.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اشكرك. لقد اصبت كبد الحقيقة
سمير آل طوق البحراني ( 2024 / 10 / 7 - 06:32 )
وَلا تُطيعَنَّ قَوماً ما دِيانَتَهُم ** إِلّا اِحتِيالٌ عَلى أَخذِ الإِتاواتِ
وَإِنَّما حَمَّلَ التَوراةَ قارِئَها ** كَسبُ الفَوائِدِ لا حُبُّ التِلاواتِ
إِنَّ الشَرائِعَ أَلقَت بَينَنا إَِحناً ** وَأَودَعَتنا أَفانينَ العَداواتِ
وَهَل أُبيحَت نِساءُ القَومِ عَن عُرُضٍ ** لِلعُربِ إِلّا بِأَحكامِ النُبُوّاتِ
اخي االكريم: من استبد برايه هلك ومن شاور الرجال شاركها في عقولها. ان ما قامت به حماس من دون مشورة مع القيادات الفلسطينية الاخرى والاتفاق الموحد ادى الى هذا الخراب المدمر ولكن نسال الله حسن العاقبة. سلام عليكم.


2 - العقل الشرقي غير متعود
د. لبيب سلطان ( 2024 / 10 / 7 - 11:15 )
استاذنا العزيز ضياء الشكرجي
الواقع انكم محقون، فالعقل الشرقي لغزا كونه عاطفي يؤمن بالاسطورة والمعجزة اكثر من اتعاب نفسه في التعامل مع الواقع ، يريد حلا على الحاضر ومن السماء فيلجأ الى الله واذا لم ينفع فمقولة تدغدغ عواطفه وتؤاسيه ليستريح ..
للانصاف اغلبية المتظاهرين كما رأيت عندنا في كاليفورنيا خرجوا لنصرة الشعب الفلسطيني في قضيته وليس لنصرة حماس والسيد واية الله وقدر لي ان اعرف ذلك بوضوح من حيدهم عن
المهرجين من نظموا التظاهرات وكان اغلب الحاضرين يردد شعاراتا مناصرة للشعب الفلسطيني وعندما يتدخل اصحاب اللحى ترى الجمع يتركهم لهوساتهم الفارغة
والواقع ان ذلك لايلغي ماطرحتهموه عن ازمة مشخصة في الميل للعقل العاطفي والغيبي كونه حرم من حلاوة تحليل الواقع اللاعقلي الذي يعيشه ووجد فيه الاستحالة فهرب بعقله الى الغيب والعاطفة والخيال ..وربما غياب مايمكن دعوته العقل الذي ينهض العقول اي عقل العقول الذي بذاته في ازمة فهو يقوم على الترديد واستغلال العواطف على التحليل في الواقع فالاخير متعب ويحتاج
لجهود وربما لايعجب الحمهور
ودمتم


3 - انها ازمة الفكر الصهيوني
د.محمد الموسوي ( 2024 / 10 / 7 - 17:26 )
الاخ السيد ضياء الشكرجي المحترم
اسمح لي ان اختلف معك مؤكدا كما ترى ان حملات التضامن تجاوزت العرب بمختلف اطيافهم وشملت الجيل الشاب الاوربي والامريكي الذي لم يعد يصدق اكاذيب الاعلام الرسمي وان كل هذا التضامن هو بسبب جرائم الحرب الاسرائلية ولان القضية قضية انسانية فالتضامن مع الضحايا واجب انساني واخلاقي حتى وان اختلفنا فكريا وعقائدي مع محور المقاومة
تحياتي


4 - معضله العقل العربى
على سالم ( 2024 / 10 / 7 - 19:48 )
من المؤكد ان العالم العروبى الاسلامى يعيش ازمه كبيره دائمه وكوارث حضاريه ورده وتخلف على جميع الاصعده , العقل العروبى من المؤسف استبدادى وديكتاتورى عنصرى وانانى وقاصر وهمجى وغير ناضج , عصابه حماس اختطفت شعب غزه المسالم وتسببت له فى اكبر مذبحه وقتل وترويع وهدم بنايات على رؤوس اصحابها واصبحت اشلاء الاطفال والنساء والعجزه فى كل مكان فى شوارع غزه وهذه كارثه بجميع المقاييس , تم تدمير غزه عن بكره ابيها بسبب الفكر الاحادى القاصر لعصابه حماس الارهابيه , هل فكرت حماس مثلا فى بناء مخابئ لاابناء غزه يحتموا فيها من غارات اسرائيل الدمويه الهمجيه ؟ اكيد لم يهتموا ابدا بسلامه شعبهم واختاروا ان يهربوا فى الانفاق مثل الجرذان الجبانه , لذلك فأن العقل العروبى يجب ان يقف ويعيد تقييم هذه المنظومه العروبيه الفاسده المتخلفه


5 - اليساري لا يقف على الحياد في المنطقة الرمادية
محمد بن زكري ( 2024 / 10 / 7 - 22:32 )
ليس صحيحا - أو على الأقل ليس دقيقا - أن المثقفين اليساريين يتضامنون (فكريا) أو يتماهون (سياسيا) مع التنظيمات و/أو الكيانات الإسلامية ، في موقفهم من الحرب على غزة .
وليس صحيحا ‘‘ أن أكثر نشاطات التضامن مع الشعب الفلسطيني ، أصبحت إعلان تضامن مع حماس وحزب الله والجمهورية الإسلامية، وتضامن مه إسماعيل هنية وحسن نصر الله وعلي خامنئي . وعلى الأغلب هي نوع من الإعلان عن العداء لليهود ’’ .
فتلك النشاطات شارك فيها عشرات آلاف المتضامنين من شباب الجامعات في الغرب ، كما شارك فيها نشطاء ومثقفون (يهود) ؛ انتصارا لحقوق الشعب الفلسطيني وتعاطفا معه ، جراء فظاعة وهمجية الانتقام الإسرائيلي .
واليساريون بمختلف انتماءاتهم أو أصولهم القومية - وخصوصا ذوي التوجهات او الميول الماركسية - إنما يتضامنون مع الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة وغير القابلة للتصرف ، من منطلقات التضامن الإنساني والحقوقي والحضاري والأخلاقي (مع الضحية) رفضا لعنف وظلم الجلاد .
فاليساري - الواعي بجدلية صراع المتناقضات - لا يقف أبدا على الحياد في المنطقة الرمادية .


6 - المخدوعين
حميد فكري ( 2024 / 10 / 9 - 01:49 )
من أكبر الإختراقات التي حققتها اسرائيل في هذه الحرب ، ليس تلك التي عرفت بالأمنية (التجسس) ، بل تلك التي خدعت بها العالم ، حيث تمكنت من اقناع الكثير ، أن كل تضامن مع الشعب الفلسطيني ، إنما هو مساندة لحماس وحزب الله ولإيران .
وطبعا ، من يساند هؤلاء ، إنما هو يساند الإرهاب . وبهذا تكون إسرائيل ، بالفعل ، قد قتلت القضية الفلسطينية .
لهؤلاء المساكين ، نقول ، متى كانت ، مقاومة الإحتلال والعنصرية والإستيطان والإمبريالية ، إرهابا ، إلا في عرف المخدوعين !!؟

اخر الافلام

.. كارمن سليمان وروبي تشعلان أجواء الحفلات الافتتاحية لمهرجان -


.. ترامب يشكر إيران ويهنئ العالم بالسلام.. ما الذي يحدث؟




.. نائب رئيس الأركان للعمليات المشتركة القطرية: وردتنا معلومات


.. المتحدث باسم الخارجية القطرية: حذرنا مرارا من تصعيد إسرائيل




.. شاهد | بقايا صاروخ إيراني سقط في شمال إسرائيل