الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزة تباد جوعاً وقهراً وقصفاً

سعاد أبو ختلة

2024 / 10 / 7
الارهاب, الحرب والسلام


غزة تباد بأبشع الطرق والعائلات لا تعرف أين تذهب وماذا تفعل؟! يعانون الجوع والمرض ويتنقلون على أقدامهم سيراً من وإلى المناطق الأمنة التي يتلقون الأوامر ليذهبوا لها ثم يذهبوا منها لمكان آخر، وفي كل نزوح يفقدون بعضهم، بعض أشيائهم وأجزاء من أرواحهم، هولوكوست غزة ليس له مثيل، مسَيرة واحدة تديرها مجندة من غرفة تحكم تحتوي كل سبل الراحة، تقتلع جذور عائلات وتشتت شملها، تقتنص طفلاً ينهشه الجوع يجلس شاحباً ينظر للمارة على باب مركز ايواء، تنتقم من امرأة تجلس في آخر غرفة الصف المعتمة تلقم طفلها الحليب وعينيها تذرف الدموع كيف تسد جوعه وكيف تتخطى هذه الأيام الصعاب ونظرات السؤال الصامت في عيون صغارها متى سنأكل؟! مراكز الايواء ليست سوى جدران وسقف وغالباً جدران التهمت بعضها القذائف وسقف ترنح بعضه وصمد بعضه اثر القصف المجنون الذي طاله ويطاله كلما أصاب المسَيرة الضجر وبحثت عن بعض الصخب...
العائلات لا تعرف أين تذهب وماذا تفعل، جل اهتمامها كيف تقضي هذا اليوم وكيف تتخطى تفاصيله التي قد تنقلب فجأة وتجد من حولك جرحى وشهداءوأنت تنظر لا تملك شيئاً وقد تصاب وترى دمك منساباً وعيناك شاخصة لا تتألم ولا تسمع صوتك حين تصرخ، قد تدب فيك الروح وتحمل طفلك من الركام لتقضي شهيداً وتناوله لآخرين ينقذوه بينما تستسلم لقدرك... وقد ترى عيناك عائلتك رغم غبار البارود وتطمئنهم أنك بخير وحنجرتك تبتلع الموت، قصص كثيرة تناولها الاعلام كيف أمضت عائلة عدة أيام تحت ركام منزلها وكيف ساعدت فتاة عائلتها المصابة ولعدة أيام لم تصل سيارات الدفاع المدني والاسعاف، وكيف شاهد أب ابنه يموت أمامه ولم يستطع انتشال جثمانه وكيف لحق به ليستلقيا في عراء الطريق عدة أيام، ما يغفل عنه العالم المتحضر أن هذه التفاصيل والتي هي غيض من فيض، عالقة في ذاكرتنا شيباً و شباباً، غزة التي تبلغ مساحتها مساحة مدينة في دول كثيرة ويبلغ عدد سكانها ما يقارب سكان دولة مترامية الأطراف، هذا التكدس السكاني الذي تقتطع أرضه كل فترة، حدود وحرم حدود، مناطق عازلة ومناطق محيطة بالمناطق العازلة... غزة قبل الحرب لم تكن في رخاء من العيش، كانت محاصرة، وتعاني من نقص في الموارد، انعدام فرص العمل فليست بطالة لكن تعطيل عن العمل لعدم وجود فرص للعمل، كان الأهل يبيعون الغالي والنفيس لتعليم أبنائهم، في كل مربع سكاني كانت توجد جامعة أو معهد وكلية، عسى أن يحصلوا على فرصة عمل هنا أو هناك، غزة كانت كالطفل الذي يحبو محاولاً أن يمشي ليصل لأي شيء يستند عليه ليرى الشمس، أن تشتت شمل عائلات وتجبرهم على النزوح أكثر من مرة وتمعن في تعذيبهم ليس انتقاماً بل عدم انسانية، اما أن اسرائيل تعتبرنا غير بشر أو أنها تعتبر نفسها في مقام أعلى من البشرية، هذا القتل والترويع ومسح المربعات السكنية على ساكينيها، امعان في عدم الرضوخ لأي معايير، وعدم اعتبار لأي جهة دولية أو اقليمية، كم القذائف والقنابل التي ألقيت يعني استخفاف بكل المعايير والنظم، وكأن من يبادوا خطر على البشرية بينما هم طيبون مسالمون ويبحثون عن عيش كريم في أرضهم ومنازلهم بين أهليهم....
غزة تباد جوعاً وقهراً والمنطقة تشتعل والعالم يدير القنوات ليسمع بما يحدث ولا يملك سوى التعبير عن قلقه في تغريدة ومشاركة صورة وبعض عبارات الأسى...
السابع من أكتوبر 2024








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كارولين مارليني وماريانا تختاران دراما كوين السوشيال ميديا


.. سيارات مدرعة وفسيفساء مذهلة.. شاهد ما رصدته مراسلة شبكتنا دا




.. تواصل سري بين إسرائيل والنظام السوري.. وثائق مسربة تكشف أسرا


.. مراسل الجزيرة: الكلاب تأكل جثامين الشهداء الملقاة في شوارع ش




.. بعد سقوط بشار الأسد.. مراسل الجزيرة يرصد الأوضاع من داخل مدي