الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
اليهودي المغربي: جسر بين الشرق الأوسط وسراب السلام
بن سالم الوكيلي
2024 / 10 / 8كتابات ساخرة
أول ما يخطر ببالك عندما تسمع كلمة "يهودي" هو غالبا الصراع في الشرق الأوسط، إسرائيل، الحروب، وربما مشاهد الجنود والمدافع التي تغذي الأخبار كل يوم. لكن، ماذا لو أخبرتك أن هناك يهوديا مغربيا يعيش بيننا، لا يحمل مدفعا ولا دبابة، بل يحمل نظارات شمسية وأفكارا قد تفاجئك؟ ماذا لو قلت لك إنه بدلا من أن يرفع صوته بالصراخ والتهديد، يحاول أن يقنعك بأن الحل ليس في الرصاص، وإنما في الحديث؟ هيا، لا تستغرب، فهذا الشخص ليس مشهداً من مسلسل درامي، بل هو حالة حية في الواقع، يروي لنا قصة قد تجعلنا نعيد التفكير في كل ما كنا نظنه عن "اليهودي" والصراع الأبدي.
هذا الت
الحديث عن اليهود المغاربة، خصوصا عندما يقدمون أنفسهم في سياق الحوار الدولي، يميل إلى التبسيط الشديد، وكأنهم مجرد "جزء من" أو "خارج اللعبة". ولكن، يا صديقي، هذا الشخص المغاربي اليهودي الذي يقف أمامنا في هذا العرض الفني الساخر هو ليس مجرد تمثيل لمجموعة عرقية، بل هو تجسيد لثقافة وعقلية لم تتورط في الحروب. هو ببساطة، ذلك الصوت الذي يتناغم مع الوعي الذي يقول: "لا، ليس الحرب هي الحل".
هذا اليهودي المغربي، الذي يخرج على خشبة المسرح وهو يرتدي نظارات شمسية ويجلس على كرسي قديم، يبدو وكأنه قادم من مشهد سينمائي لكن مع تغيير بسيط: ليس هو العدو، بل هو المصلح. وبينما يتحدث باللغة العبرية والمغربية، يصر على توضيح أن الحلول التقليدية مثل "مضاعفة الرصاص" لم تأت بشيء سوى المزيد من الدمار. بل هو يصر على أنه لا يختلف في رؤيته عن الفلسطيني أو الإسرائيلي، لأن الجميع ببساطة يطلبون السلام.
هنا يبدأ العرض الفني في أخذ منحى ساخر: هذا اليهودي المغربي، الذي ربما يكون قد قابل آلاف الإسرائيليين في حياته، يصر على التذكير بأننا جميعا نعيش على كوكب واحد، وتحت نفس الشمس، ونستطيع أن نشرب من نفس البحر. لكنه لا يسكت، بل يضيف بتفاؤل ملحوظ: "إذا كنا نشرب من نفس البحر، فماذا يمنعنا من العيش معا؟".
لكن، وبينما يتنقل بين الفقرات، يبدأ بشكل غير متوقع في فضح الفكرة السائدة التي تروج لها معظم وسائل الإعلام: أن اليهود والمغاربة، وحتى الإسرائيليين، هم في الحقيقة لا يريدون الحرب، لكنهم مجبرون على الاستمرار في هذه الفوضى الكبرى، التي لا تمت لواقعهم بصلة. "نحن"، يقول، "نعيش مع الفلسطينيين، ليس كأعداء، بل كجيران. ومع الإسرائيليين، نحن مجرد أصدقاء. من يمكن أن يعيش كل هذه السنين على هذه الأرض دون أن يشعر بالسلام الداخلي؟".
هنا، يتوقف. يتنفس. يعيد ترتيب كلامه، كما لو كان يود أن يختتم بكلمات حاسمة. ثم يقول: "جميعنا نعيش في نفس الحلم، ولكن، للأسف، الحلم هذا مفقود. لا أحد منا يريد أن يبني جسرا، وبدلا من ذلك نبني حواجز... ونحن في انتظار الفجر". في تلك اللحظة، يصبح واضحا أن هذا اليهودي المغربي لم يأت ليحكي لنا عن ماضيه، ولا عن أي شيء يخصه فقط، بل هو يأتي ليحكي عن حلم مشترك، لا يحمل اسما أو لونا. هو يأتي ليقول لنا إن الحرب لم تكن، ولن تكون، هي الحل.
وبينما تخفت الأنوار على خشبة المسرح، يظل هذا الصوت المغاربي اليهودي يهمس في آذاننا: "دعونا نضع الحرب خلفنا، دعونا نبني الجسور، دعونا نعيش كأناس". ما لم يقله هو، بالطبع، أن الحديث عن الجسر المفقود ليس مجرد فكرة فلسفية، بل هو صرخة ضد المآسي التي تغذيها الحروب والصراعات، وهو دعوة للعودة إلى الأساس: الإنسانية.
قد لا تحل القضية الفلسطينية من خلال الكلمات التي قالها هذا اليهودي المغربي، لكن على الأقل، ربما يقتنع بعضنا بفكرة أن هناك من يتوق إلى عالم يسوده الحوار أكثر من الرصاص.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. أنجلينا جولي تكشف عن رأيها فى تقديم فيلم سيرة ذاتية عن حياته
.. اسم أم كلثوم الحقيقي إيه؟.. لعبة مع أبطال كاستنج
.. تستعيد ذكرياتها.. فردوس عبد الحميد تتا?لق على خشبه المسرح ال
.. نافذة جديدة على العالم.. مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة ا
.. الحكي سوري | فنان يجسد مآسي اللاجئين السوريين في تركيا.. وذك