الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب الابادة على غزة صورة خارج التغطية

سعاد أبو ختلة

2024 / 10 / 8
الارهاب, الحرب والسلام


في الحرب لا يمكنك التنبؤ باللحظة القادمة، حتى الآلة الصماء التي تلقي بالموت لا تعرف أين ستلقي حمولتها، والمجند في غرفة التحكم لا يعرف أن ما يحصدها كل يوم أرواح والدم المسكوب ليس صبغة لون قاني، وان المنازل التي تنهمر بأحلام وذاكرة وذكريات الناس تحمل من روحهم ما يجعلها تئن حين يلطمها الصاروخ المسَير، المشهد خارج التغطية، خارج الانسانية، كل هذا الدم المسكوب، الأشلاء المقطعة، من ينجو من الهلاك لا ينجو من صدمة المجزرة، كيف سيتعافى من فقد عائلته ورآهم وهم يذهبون ينسلون من حوله أشلاءً ودماء ترسم متاهة تظل تحيط به، تهيم بروحه،
تقف على شاطئ البحر تناجيه بصمت المخذول، تركت وحدها، زوجها ثم ولديها، منزلها الذي يحمل ذاكرتها الجميلة وصخبهم كل صباح وهي تعد الطعام، شرفتها المشرقة حين تحتسي القهوة مع رفيقها الذي كان الأب والأخ والزوج في الغربة والوطن، ساعدها لتكمل تعليمها، عاشت حياة مثالية لم يمهلها الصاروخ الأصم، اقتنصهم واحداً تلو الآخر لتجد نفسها على مواصي خانيونس تناجي البحر، تبثه وجع الروح وتدَعي القوة أمام أمها العجوز وابنتها التي ودعت طفليها في معبر رفح اذ سمح لزوجها وطفليها بالمغادرة ومنعت هي، امرأة ككل نساء العالم، كانت ترنو للفرح، تحلم بعائلة سعيدة، زوج يشاركها العمر يحتسون القهوة في شرفة منزلهم، يخططون للمستقبل، لحياة أولادهم، تفاصيل حياتهم، ماذا سيتناولون غذاء وما يزرعون في حديقتهم، من سيزورون ومن سيستقبلون في المساءات الدافئة، العاب أحفادهم وأعياد ميلادهم، الكعك والشموع والملابس الجديدة، لن يستوعب البحر مناجاتها، لن يحتمل الموج ثقل الهموم، سيراود مكانه مترنحاً كيف لروح أن تحتمل كل هذا الألم؟!...
الحرب لفظاً سهلة وسريعة لا حروف كثيرة ولا تعقيد، لكن تبعاتها وتفاصيلها لا يمكن لقاموس أن يعبر عنه، كيف سيتمكن معالج نفسي من دعم الآخرين وهو يعاني من الصدمة، بين ليلة وضحاها فقد كل شيء، وبقي ليعيش الفقد كل دقيقة، ما التقنية التي سيستخدمها، هل يخبرهم أنه مثلهم، أن يدعوهم للتعاطف معه، والتخفيف عنه، وأنه لا يعرف ماذا يفعل وعليهم معاً ان يتعلموا كيف يواجهون هذه الصدمة،
لطالما كانت اللغة عاجزة عن وصف المشاعر العميقة حباً وحزناً لكن هذا أشد عمقاً من أي مشاعر، لحظة واحدة كفيلة بأن تحول حياة انسان، قبل الصفر بمئات الدرجات، كيف لإنسان أن يتحمل كل هذا، في الحدث يصبح الانسان خارقاً، يحمل أشلاء أخيه، يحمل وليده بلا رأس، يرفع لوحاً من الباطون لينقذ مصاباً، لكن بعد ذلك تستيقظ حواسه فيرتجف، وتملأ رائحة البارود والدم رئتيه، يصبح كالزومبي، بلا روح، مفرغاً من كل شيء سوى الوجع، الحزن يفتت روحه، كيف سيعود ليحلم بالمستقبل، ماذا يعني له المستقبل، وكيف يضع خطة لحياته من جديد، هل هي أهداف الحرب التي يتحدثون عنها بعد الابادة؟!! أن يمضي عمراً بعد عمر يتعافى من حزنه وقهره ويضمد جراحه؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أظهر وجهه السياسي وحدث خزانة ملابسه - أبو محمد الجولاني رجل


.. أوروبا - سوريا: أي سياسة هجرة ولجوء؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. سوريا: أي مرحلة انتقالية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. كاميرا شبكتنا ترصد احتفالات السوريين في دمشق فرحًا بنهاية نظ




.. لحظة وثقتها الكاميرات.. شاهد اقتياد متهم بقتل رئيس شركة ومنع