الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة -عند مفترق الرموز

مصعب فريد حسن

2006 / 12 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


متأففا متصببا بالعرق صعدت التاكسي الذي أوقفته(إلى أين ) (إلى الضاحية) ،و الركوب بالتاكسي يعني أن تتجاذب أطراف الحديث مع السائق رغما عنك ، تأملت السائق بنظرة سريعة ، محاولا التخمين عن الحديث الذي يمكن أن نتجاذبه ، الأسعار التي ترتفع كل يوم ، أو الطقس أشهر ضحية في محاولات تبادل الحديث مع الآخرين ، أو السؤال الأكثر مباشرة في التاريخ (ما الأخبار الجديدة اليوم ) غير أنني انتبهت إلى أن هذا السائق لا يضع تعويذة السائقين المعتادة إما قرآن أو آية قرآنية أو صليب أو قطعة قماش خضراء من أحد المزارات( خلعة ) ، أو سيف ذو الفقار أو صورة العذراء، وعادة ما توضع هذه الرموز في مكان بارز حتى يراها الله جيدا ،وتكون الكرة في ملعبه إذا ما حدث مكروه ما، وحتى يتمكن السائق من معاتبة الله ومسائلته ألا ترى يا إلهي أنني مؤمن بك وأضع رموزك وأيقوناتك، و تفعل بي ما تفعله، أهذا ما أستحقه منك يا إلهي، هذا في حال حدوث حادث، أما في الحالات العادية فهذه الرموز تأخذ شكلا روتينيا نادرا ما ينتبه السائق نفسه الذي وضعها لوجودها.
كل هذا لم يجعلني أحذر، وفاجئني بمباشرته (أتعرف ابراهيم حسون )(لا ، ماذا يعمل ابراهيم حسون هذا )(مساعد أول في الجيش ،ولكنك ألست من الضاحية) (لا أنا من حي الرمل) همهم وتمتم قليلا (إممممم من الرمل ، هل تعرف أحمد علي أبو فادي ،إنه يسكن في الرمل أيضا ) (ماذا يعمل أبو فادي هذا) ،( إنه مساعد أول في الجيش) ( لا ، لا أعرفه ، فأنا لا أعرف الكثيرين من حينا ، ثم أن هذا الحي كبير جدا ) ( من أين أصلك أنت بلا صغرة ) ( من بيت ياشوط، من جبلة ) هز برأسه والتفت إلي باحترام ( والسبعة أنعام يابلد، وأنا أصلي من جبلة أيضا ) أتعرف جعفر محفوض أنه من بيت ياشوط أيضا ) استغربت الاسم وأجبت ( لا ، لا أعرفه ، أصلي من هناك ولكني لم أسكن القرية أبدا، ولكن الكنية نعم من عندنا من القرية، ولكن ماذا يعمل جعفر هذا) ( إنه مساعد أول في الجيش ) استعوذت بالله من الشيطان الرجيم في سري ، ما هذا الكون الذي لا يحوي سوى المساعدين في الجيش ، فقلت له ، ( أكيد أنت كنت مساعد أول في الجيش أليس كذلك) ، فأجاب بسرعة واستغراب ( نعم ، كنت مساعد أول في الجيش وأنا متقاعد الآن ،ولكن كيف عرفت هل أنت مساعد أول في الجيش ) جاءتني الضحكة رغما عني وأجبته محاولا مداعبته وعدم الابتعاد عن جو المساعدين ( لا، أنا مساعد مخدر، يعني ممرض ، ولكني عرفتك من سيارتك ) (ما بها سيارتي وكيف أوحت لك بأنها لمساعد أول في الجيش ) حاولت أن استمر في المداعبة قليلا ، (لأنك تبدو كمثقف و علماني فأنت لا تضع أي إشارة أو رمز ديني في سيارتك لا قرآن ولا صليب ولا خلعة خضراء من الشيخ أحمد بقرفيص ، ومعظم المساعدين في الجيش هم بهذه المواصفات) ، ضحك وضحك و ضحك وقال لي يا إلهي ما أظرفك وما أروعك فعلا أنت ذكي ، قالها وهو يقصد كل كلمة مما يقول ، وأضاف( طبعا هذه كلها مظاهر فالإيمان بالقلوب والله سبحانه وتعالى يرى ما بالقلوب )، ولكن فجأة تجمد وجهه وأخذ مظهرا جادا ولهجة صارمة( انظر يا صديقي أيقونتي الوحيدة في هذا العالم هي ما تراه خلفك انظر انظر في المرآة لترى خلفك )، لم أفهم ما يقصده ، ولكنني التفت بسرعة إلى الخلف لأرى بعيني وليس بالمرآة ما الذي يقصده هذا السائق بهذه الصرامة واللهجة الأكيدة ، على الزجاج الخلفي للسيارة كانت صورة كبيرة شفافة لاصقة ، تجمع ثلاثة وجوه مكتوب تحتها كلمات ثلاث كانت مقروءة لي من داخل السيارة بالمقلوب، المثل البطل الأمل ،نزلت من السيارة قبل أن أصل وجهتي ،عندها استطعت رؤية الصورة جيدا وقراءة الكلمات جيدا مبتعدة يلفها الغبار والعادم المنبعث من السيارة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الموقف الأمريكي من هيئة تحرير الشام ومما يجري في سوريا؟


.. حكام سوريا الجدد: نحو حكم تعددي أم إقصائي؟ • فرانس 24




.. الهيئة السعودية للمياه في الصدارة العالمية وشعارات الابتكار


.. كاميرا سكاي نيوز عربية ترصد تقدم دبابات إسرائيلية في الجولان




.. طفلة غزية تبارك للسوريين انتصارهم وتشيد بتضحياتهم