الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقات العمانية-الإسرائيلية: هل سنشهد افتتاح سفارةٍ قريباً؟؟

بسمة الكيومي

2006 / 12 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


تمثل علاقة السلطنة بالكيان الصهيوني قضية مثيرة للجدل بين متفقٍ مع موقف الحكومة البراغماتي من كيان قائم شئنا أم أبينا وبين رافض لأي إشارة تطبيع أو إيماءة ترحيب بهذا العدو المغروس في قلب الأمة، فضلا عن علاقة دبلوماسية تجارية.

منذ بداية السبعينات والسلطنة قد رسمت لنفسها نهجا متفردا في التعاطي مع الصراع العربي الإسرائيلي تحكمه مبادئ المنفعة والمصلحة السياسية، التي لا ترى بأساً في إقامة علاقات ثنائية طبيعية مع اسرائيل والإستفادة من خبراتها واقتصادها، في الوقت الذي تحتل فيه قواتها أراضي ثلاث دول عربية. وقد حافظت حكومة عمان على هذا النهج حتى وإن كان ذلك يعني الخروج عن الصف العربي في كثير من الأحيان وتحمل الانتقاد من الحكومات والشعوب العربية بما فيها الشعب العماني ذاته.
فقد ساندت السلطنة كل اتفاقيات السلام الثنائية مع اسرائيل بدءً من كامب ديفيد، وحافظت على استمرار علاقتها بمصر حين قاطعها العرب، وساندت اتفاقية الأردن، ودافعت عن حق موريتانيا في التطبيع مع الكيان الصهيوني واستقبلت أول وفد اسرائيلي يزور دولة خليجية وفتحت أرضها وأحضانها لرئيس الوزراء الاسرائيلي السابق اسحاق رابين ثم ذهب وزير خارجيتها إلى تل أبيب معزيا فيه عندما اغتيل. ولم ترى الحكومة العمانية حرجا في الاستعانة بخبرات اسرائيل في مجال الري والزراعة وتحلية المياه، وفتح خطوط اتصال ومكاتب تجارية للتعاون الاقتصادي في مسقط وتل أبيب والعمل كواسطة خير من أجل تعميق العلاقات العربية الاسرائيلية.

كل هذا قبل وبعد وأثناء قمة مدريد واتفاقية أوسلو، إلا أن انتفاضة الأقصى عام 2000 كانت أقوى من عين البعض وأرغمت حتى أكثر الدول ميلاً للتطبيع على تقليص علاقاتها بإسرائيل أو على الأقل الكف عن المجاهرة بها. فحجم التعاطف الشعبي مع الانتفاضة وكثرة ضحاياها وفظاعة الهمجية الصهيونية في كبحها وقمعها، جعلت المجاهرة بأي شكل من أشكال التعامل مع اسرائيل في ذلك الوقت أشبه بالانتحار السياسي لأي نظام عربي لازال يطمع في البقاء. وهكذا وجدت الكثير من الأنظمة العربية نفسها مضطرة لمسايرة الواقع ومحاولة التخفيف من احتقان الشارع العربي، و"التضحية" بإغضاب تل أبيب ونيويورك قليلاً حتى تمر العاصفة بـ "سلام". والسلطنة لم تكن استثناءً، حيث قامت بغلق مكاتب التمثيل التجاري في تل أبيب ومسقط وأكد وزير الخارجية يوسف بن علوي مراراً على قطع كافة أشكال العلاقة مع إسرائيل.

والآن بعد مرور ست سنوات على اندلاع انتفاضة الأقصى، لازالت فلسطين محتلة ولازال شعبها محاصر جائع يشيع الشهداء، وعملية السلام متوقفة تماماً. بل قبل شهور قليلة شهدت لبنان مجازر اسرائيلية في جنوبها وهجوما همجيا استمر لأسابيع وراح ضحيته مئات الأطفال والنساء والشيوخ. بينما فاجأت السلطنة الجميع بإعلانها وقف المقاطعة ضد اسرائيل ونيتها عدم المشاركة في اجتماعات المقاطعة العربية في دمشق هذا العام. هذا الإعلان جاء صدمة حقيقية للشارع العماني بعد أسابيع من العدوان الغاشم على لبنان وفي وقت يشهد تأزما حقيقية ومرحلة صعبة من الصراع العربي –الإسرائيلي، حيث كل الأطراف باتت تدرك أن عملية السلام لم تعد خياراً ممكناً، الآن على الأقل. والأغرب من التوقيت السيء، هو أن السلطنة كانت تدافع دائما عن سياستها في التعامل مع اسرائيل بأنها مربوطة بإحراز تقدم في عملية السلام، فأي تقدمٍ هذا الذي تم احرازه الآن والذي يستدعي مكافأة العدو بوقف مقاطعته وهو من كان يحارب دولة شقيقة قبل فترة بسيطة ولازال يحتل دولتين؟!

قبل هذا الإعلان نقلت لنا الصحافة العبرية خبر لقاء سري بين يوسف بن علوي ونظيرته الإسرائيلية تسيبي ليفني، فماذا يا ترى أثمر هذا اللقاء؟ هل سوف نشهد قريبا عودة مكاتب التمثيل التجاري؟ أم أن الأمر سيتطور إلى تمثيل دبلوماسي كامل لتصبح عمان أول دولة خليجية بها سفارة إسرائيلية كما كانت الأولى في استقبال الوفود والمسئولين الإسرائيليين؟!

هذه العودة المفاجئة للعلاقات المنقطعة منذ سنوات، تسيء إلى السلطنة وتناقض موقف شعبها المتضامن مع قضية الشعب الفلسطيني كقضية عربية إسلامية وإنسانية في المقام الأول. كما أننا في الأساس طرف في هذا الصراع العربي-الاسرائيلي بوصفنا عرباً، فكيف يستقيم أن نقرر أننا لسنا معنيين بكل ماحدث ويحدث وأننا سوف نقيم علاقات طبيعية مع اسرائيل وكأننا إحدى دول أمريكا اللاتينية؟!
على الحكومة أن تدرك أن سلطنة عمان جزء لا يتجزء من العالم العربي والإسلامي، وشعبها شعب عربي مسلم يرفض أن يحقق مصالحه الوطنية بالتحالف مع كيانٍ عدو والإضرار بمصالح شعوب عربية شقيقة. نحن نرفض أن نشبع على حساب إخواننا في فلسطين أو نروي أشجارنا بنفس الأيدي التي تقتلع زيتونهم، ونرفض أن نشتري أمننا بدمائهم. لكل دولة الحق في السعي لمصالح شعبها، لكن ليس بأن تبيع قضايانا القومية وتتاجر بعروبتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر ترفض اقتراحا إسرائيليا جديدا لإعادة فتح معبر رفح


.. الانتخابات التمهيدية في ميريلاند وويست فيرجينا تدفع الجمهوري




.. حرب غزة.. تصورات اليوم التالي | #غرفة_الأخبار


.. حزب الله يعلن تنفيذ 13 هجوما ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. الباحث السياسي سعيد زياد: توسيع نطاق الحرب خارج فلسطين لا يخ