الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تعدم أمريكا صداما ؟

سهر العامري

2006 / 12 / 28
مواضيع وابحاث سياسية



ضحكت بخلدي حين قرأت لرئيس الوزراء في العراق ، نوري المالكي ، تصريحا يقول : إن تنفيذ حكم الإعدام بصدام سيكون قبل نهاية هذه السنة ، أي سنة 2006م ، وها نحن نقترب من نهاية السنة هذه دون أن ينفذ هذا الحكم ، لا بل أن أحد قضاة محكمة التمييز ، تلك المحكمة التي صدقت على حكم الإعدام ذاك ، قال متوقعا : إن تنفيذ الحكم سيتم قبل اليوم السابع والعشرين من الشهر القادم ، الواقع في السنة الجديدة 2007م ، وهو ذات القاضي الذي أعلن احتجاج المحكمة تلك على تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي في العراق ، موفق الربيعي ، أو كريم شهبوري وفقا لاسمه الحقيقي ، تلك التصريحات التي استبق بها محكمة التمييز نفسها ، وأعلن بنفسه خبر تصديق تلك المحكمة لحكم الإعدام الصادر بحق صدام الساقط ومجموعته ، والملفت للانتباه هنا هو لماذا استعجل مستشار الأمن الأمريكي في العراق ، كريم شهبوري ، أمره وأعلن خبر التصديق ؟ هذا في الوقت الذي كان العراقيون وغيرهم ينتظرون تصريحا وعدوا به منه ، يخص العملية العسكرية الأمريكية التي قام بها الجنود الأمريكان في بغداد ، والتي تم على إثرها اعتقال أربعة من عناصر القوات العسكرية الإيرانية العاملة في العراق بعد أن ألقي القبض عليهم في دار عبد العزيز الحكيم ، مثلما ذكرت ذلك بعض المصادر الخبرية ، وكانوا هم قد حضروا الى العراق بدعوة من رئيس الجمهورية في العراق ، جلال الطلباني ، وعلى ذمة تلك المصادر أيضا .
مما تقدم يظهر أن مستشار الأمن القومي الأمريكي في العراق ، موفق الربيعي ، والذي يُعد الأكثر خضوعا من بقية الخاضعين من أعضاء الحكومة في العراق للمشيئة الأمريكية ، قد استلم إشارة من الحكومة الأمريكية ، وليس من الحكومة في العراق ، توجب عليه الإعلان عن خبر تصديق حكم الإعدام الصادر بحق صدام الساقط ، وذلك من أجل تحويل أنظار الرأي العام في العراق عن عملية اعتقال العسكريين الإيرانيين الذين اعتقلتهم القوات الأمريكية في بغداد مثلما أشرت الى ذلك من قبل ، تلك العملية التي رفض هو التعليق عليها قبل يوم واحد من إعلانه عن خبر تصديق حكم الإعدام ذاك ، شأنه في ذلك شأن أكثر من مصدر أمريكي آخر ، كالسفارة الأمريكية في بغداد على سبيل المثال ، حيث أنيط أمر تلك العملية الغامضة بوزارة الدفاع الأمريكية في بادئ الأمر ، ويبدو أن هذا هو الدافع الذي جعل الربيعي أن يسكت عن حديث تلك العملية ، ليعوضه بالحديث عن تصديق حكم إعدام صدام من قبل محكمة التمييز .
ويبدو كذلك أن الأمريكان حصلوا على صيد سمين ، ليس فقط باعتقال للعسكريين الإيرانيين أولئك ، وإنما في وضع أيديهم على الوثائق المهمة التي بحوزتهم ، والمعلومات التي سيحصلون عليها منهم لاحقا ، هذا بالإضافة الى أنهم صاروا ورقة يمكن للأمريكان مساومة الحكومة الإيرانية بها ، أو ربما ستدفع أجهزة التحقيق الأمريكية بهؤلاء الى الانشقاق عن حكومة طهران ، مثلما فعلت الأجهزة هذه ذلك مع آخرين غيرهم من قبل .
ويظل السؤال : هل تعدم أمريكا صداما ؟ وهل هناك من وقت محدد لهذا الإعدام ؟ وما هي الكيفية التي يتم بها الإعدام ذاك ؟
كان الوقت الملائم لإعدام صدام هو سنة 1962م ، بعد مشاركته في عملية اغتيال الزعيم الوطني ، عبد الكريم قاسم ، وذلك بعد أن جندته المخابرات الأمريكية مع مجموعة مجرمة من بين صفوف حزب البعث وقتها . وهي المخابرات نفسها التي ساعدته على الفرار من العراق بعد فشل محاولة الاغتيال تلك ، ليستقر في مصر زمن عبد الناصر ، ولم تمض إلا سنوات حتى جاءت به الى الحكم في العراق بانقلاب 17 تموز سنة 1968م ، ليصبح نائبا لرئيس الجمهورية ، أحمد حسن البكر ، وهو مازال طالبا في السنة الثالثة من كلية الحقوق بجامعة بغداد ، لكنه كان شقيا من شقاوات بغداد وقتها ، فقد أوكلت له مهمة إفشال اجتماع طلابي انعقد في كلية الحقوق من تلك الجامعة ضم المئات من طلبتها ، وكان كاتب الحروف هذه واحدا من بينهم ، وذلك حين قام بإطلاق النار على حشود الطلاب بالتنسيق مع شرطة عبد الرحمن عارف ، رئيس الجمهورية وقتها ، وقد أدى هذا الهجوم الغادر الى فشل الاجتماع ذاك ، وهذا ما أدى بدوره الى إنهاء إضراب طلبة الجامعة المذكور ، ذلك الإضراب الذي تواصل على مدى أشهر بقيادة جبهة طلابية تزعمها الشيوعيون ، وقد عكس الإضراب ذاك تنامي نفوذ قوى اليسار العراقي ليس في صفوف الطلبة وحسب ، وإنما في صفوف شرائح اجتماعية كثيرة ، عبرت عنه التظاهرات التي كانت تسير بين فترة وأخرى في شوارع بغداد ، خاصة في شارع الرشيد ، وهذا ما استدعى الدوائر الغربية ، وخاصة الأمريكية ، الى التعجيل بإسقاط النظام العارفي الضعيف ، ليحل محله نظام قمعي ، شرس ، عرض العراق الى الكثير من الويلات والمحن وعلى مدى سنوات طويلة رأت فيها الناس في العراق سيلا من الموت والقتل والدمار لازال متواصلا للساعة ، وكل هذا بسبب من المخططات الأمريكية الجهنمية التي أبقت قاتلا مثل صدام في الحكم ليسدي لها خدماته الجلى ، وعلى هذا فمن الإنصاف أن نقول : إن كل ما لاقته الناس في عهد المجرم صدام حسين يقع وزره في أعناق الإدارات الأمريكية المختلفة ، فما صدام إلا صنيعة أمريكية مثله مثل الصنائع الأمريكية المتربعة على كراسي الحكم في العراق اليوم ، تلك الصنائع التي لا تملك لنفسها وللآخرين ضرا ولا نفعا ، هؤلاء الحكام الذين ستزيحهم أمريكا عن تلك الكراسي بذات الطريقة التي أزاحت بها صدام الساقط من قبل ، صدام هذا الذي أذاعت أمريكا خبر تصديق محكمة التمييز في العراق عن إعدامه ، وعلى لسان عميل جديد ، هو كريم شهبوري ، قبل ساعات من الآن ، ومع ذلك سيظل التصديق الأول والأخير على الإعدام ذاك للإدارة الأمريكية ، فهي صاحبة القول الفصل في هذه القضية ، وما عداها سوى قبضة ريح ، وإذا كان الحال هكذا فمن المشكوك فيه أن تلك الإدارة ستقوم بإعدام صدام ، فتاريخ هذه الإدارة يقول لنا : إن أمريكا ما عاقبت عميلا لها بالإعدام شنقا بحبل ، أو رميا برصاص ، وما حددت وقتا معينا لهذا الإعدام أبدا ، ولكن يمكن لأمريكا أن تتبع وسائل أخرى لقتل عملائها ، وذلك عن طريق حادث مدبر ، أو عن طريق زرقه بإبرة قاتلة مثلما فعلت ذلك مع شاه إيران ، أو رميه بسجن مثل رئيس جمهورية بنما ، نوريقا ، وقد يتكرر مثل هذا مع صدام . أما تاريخ السابع والعشرين من الشهر القادم الذي حدده القاضي منير حداد ، أحد قضاة محكمة التمييز في العراق ، فأغلب العراقيون يتشوفون نحو ذاك التاريخ ، ولكن إذا ما تجاوز صدام ذلك التاريخ حيا فما على السيد منير الحداد إلا أن يبادر الى تقديم استقالته حفظا لماء وجهه ، ووجه القضاء العراقي الذي يتحدث باسمه تحت فوهة المدفع الأمريكي المشرع بوجه الجميع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد