الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
السياسة وعجلة الانتاج
أسماء عيسى سلامه
2024 / 10 / 11مواضيع وابحاث سياسية

في عالم السياسة فإن المواقف والتحركات الميدانية على الأرض ترتبط بالمصالح الاقتصادية بالدرجة الأولى، ولا بد لنا أن نرصد المسلك التاريخي لأصحاب هذه المصالح.
وفي الحقيقة ليس لدي أية معرفة أن رأسماليا مثلا قد تنازل عن مصنع يملكه أو جزء من ثروته لصالح الطبقة العاملة، بل يوجد آلاف الحالات التي وثقها التاريخ لنضالات عمالية وصلت إلى حد التصادم مع قوات الأمن (الجندرمة) التي كانت تدافع عن أصحاب رؤوس الأموال. لقد تمثلت غالبية مطالب العمال المضربين في رفع الأجور وتخفيض ساعات العمل وتحسين ظروفه وتأمين الكرامة الانسانية المتأصلة في النفس البشرية. ولا أعتقد أن أي من هذه الاضرابات كانت تطالب بالسيطرة على عجلة الانتاج وملكية المنشأة الصناعية التي يعمل بها أحد ممن خاضوا الإضراب.
وفي ذات السياق، لا يمكن لنا أن نقتنع أنه بين عشية وضحاها ستنقلب السياسة البريطانية أو الأمريكية مثلا رأسا على عقب وتنتصر لصالح حركات التحرر والشعوب لأن ذلك يمس بمصالحها الاقتصادية الرأسمالية، الاستعمارية التوسعية (الجديدة) الرامية الى نهب ثروات البلاد والشعوب.
إن التطور التاريخي للبشرية على هذه المعمورة يبين لنا وبما لا يدع مجالا للشك أن جوهر أي صراع يتجسد في السيطرة الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو غيرها حيث يجري توظيف السياسة بأدواتها المختلفة لاجل أحد هذه الأهداف أو لأجلها كرزمة واحدة.
بدأ الأمر أول ما بدأ عند تشكل العائلة، حيث تولى مقاليد القيادة من تربع على الهرم الإقتصادي داخل العائلة ففرض سيطرته، ثم توسع بين أفراد قبيلته، ثم سيطرت القبيلة الأغنى إقتصاديا على باقي القبائل، وجاء نظام الرق والعبودية وتلاه نظام الاقطاع بسيطرة أصحاب الاراضي (الأطيان) على المزارعين، ومع إختراع الآلة البخارية دارت عجلة الانتاج الصناعي وبرز عصر المسننات فتشكلت طبقة البرجوازية وطبقة العمال ، ودار ويدور بينهما صراعات طبقية متعددة الأسباب والأهداف، وتفرعت طبقة البرجوازية الى شرائح من برجوازية رثة وبرجوازية ذات الياقات البيضاء وبرجوازية صغرى ومتوسطة وكبرى واختلف موقعها في عملية الانتاج ما بين البرجوازي صاحب العملية الانتاجية (المصنع) والبرجوازي الوسيط (الكمبرادور) وغيرهما بالإضافة الى إزدهار قطاع الخدمات من مصارف وبنوك وشركات إتصال وغيرها تغولت على قطاع الانتاج. وبرزت الاحتكارات العالمية ( المونوبوليا) والتكتلات التي تقود العالم وسخرت الماكنة الاعلامية لخدمة أغراضها. وفي المقابل تعددت شرائح الطبقة العاملة وتأرجحت ما بين العمال المهرة وغير المهرة.
وفي خضم ذلك وبتطور وسائل الانتاج تطورت علاقات الانتاج وأفرزت منظومات إجتماعية وثقافية متعددة تتباين في قوتها وتأثيرها وفقا لظروف كل بلد، فنجد مثلا أن ثقافة الاستهلاك تنتشر بتسارع مضطرد في دول الخليج في الوقت الذي يكون إنتشارها في البلدان الأفقر أقل ويترتب على ذلك كله تغيرا ملحوظا في العلاقات الاجتماعية بل والعادات والتقاليد والموروث الثقافي.
ومن دون أدنى شك، يجري توظيف الدين من قبل أشباه المتدينين لخدمة توجهات قادة البلد مع تشويه المفهوم الديني القائل بواجب طاعة أولي الأمر وذلك لتمرير كافة التوجهات الرأسمالية المعبرة عن مصالح طبقة ضيقة في المجتمع تحظى بالثروات والمال.
في النهاية، وكما يقول الشاعر محمود درويش " .... لن يصب النيل في الفولغا ... ولا الكونغو، ولا الأردن .. في نهر الفرات ... كل نهر، وله نبع .. ومجرى .. وحياة.
طالما بقيت عجلة الانتاج بأيدي الرأسمالية سيستمر الصراع الطبقي، وسوف تسعى الرأسمالية دوما الى الاستحواذ بشتى الوسائل بما فيها افتعال الحروب والاقتتال فهي المستفيد الأول والأخير بكل الحالات.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. توجيه تهمة التجسس لحساب الموساد الإسرائيلي للفرنسيين كولر وب

.. وزراء إسرائيليون من حزب الليكود يطالبون نتنياهو بالإسراع بضم

.. الولايات المتحدة: تبرئة بي ديدي من تهم الاتجار بالجنس وإدانت

.. هل صاروخ الحوثيين -فرط صوتي-؟ | إيقاف شاب -خجول- يخطط لطعن ن

.. ما بعد القصف.. إيران تعلن بداية المرحلة الأخطر.. وهذا موقف أ
