الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
كل شيء يهون من أجل عيون البوليساريو
زكية خيرهم
2024 / 10 / 14مواضيع وابحاث سياسية
منذ استقلال الجزائر، لم تعرف السياسة الخارجية الجزائرية أي قضية أهم أو أكثر حضورًا من قضية البوليساريو. فمنذ اللحظة الأولى، صنعت الجزائر هذا النزاع كوسيلة لطمس قضية الصحراء الشرقية حتى لا يُطالب المغرب باستعادتها، مما يضمن بقاء المغرب منشغلاً ومستنزفًا في قضية الصحراء الغربية. وبالفعل، لطالما كانت الجزائر تدعم جبهة البوليساريو بشغف لا يُضاهى، حتى يبدو أن الحكومة الجزائرية قررت أن تجعل من نزاع الصحراء الغربية هواية وطنية. عقود من الإنفاق السخي، وكأنهم يمولون بطولة عالمية، لكن بدل الكؤوس الذهبية، تُهدر الأموال على نزاع لا يغير شيئًا في واقع المواطن الجزائري. أما السياسة الخارجية الجزائرية، فيبدو أنها قررت أن البوليساريو هي القضية الأكثر إلحاحًا في العالم، حتى لو كان الشعب الجزائري ينتظر في طوابير للحصول على الزيت والخبز، وكأننا في مسابقة "من ينجو أولًا". وبينما يردد الجزائريون "One, two, three, Viva l Algérie!" بحماس، يبدو أن من يستمتع بالاحتفالات والمال والإنفاق هم قادة البوليساريو الذين يعيشون على حساب الجزائر، فيما الشعب لا يجد ما يكفيه ليعيش حياة كريمة. نعم، الجزائر تفعل كل شيء بإتقان لدعم البوليساريو، إلا شيء واحد فقط، وهو الاعتراف بأن الشعب الجزائري قد يحتاج إلى بعض الاهتمام هو الآخر. أنفقت الجزائر مبالغ طائلة على دعم البوليساريو، سواء كان ذلك من خلال المساعدات المالية المباشرة، أو الدعم العسكري واللوجستي، أو الترويج الدولي للقضية. هذه الأموال التي تُهدر على دعم حركة انفصالية تمثل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد الجزائري الذي يعاني من تحديات حقيقية. إنفاق هذه المبالغ يثير التساؤلات حول أولويات الحكومة الجزائرية، خاصة في وقت يمر فيه الشعب الجزائري بصعوبات اقتصادية واجتماعية قاسية. بينما تنشغل الحكومة الجزائرية بدعم البوليساريو على الصعيد الدولي، يواجه المواطنون الجزائريون طوابير طويلة للحصول على السلع الأساسية مثل الزيت والخبز والسميد. كما أن هناك نقصًا حادًا في المواد الغذائية الأساسية، بما في ذلك اللحوم والمياه، ما يضعف الاقتصاد المنهك ويزيد من معاناة المواطن. الشباب الجزائري يعاني من البطالة المستشرية، الأمر الذي يدفع الكثيرين إلى الهجرة غير الشرعية عبر البحر بحثًا عن حياة أفضل في أوروبا، في ظاهرة باتت تعرف بـ"الحراقة".
الأوضاع في المستشفيات الجزائرية تعكس الحالة المتردية للخدمات العامة في البلاد. تعاني المستشفيات من سوء التجهيزات والنظافة، فضلًا عن نقص الأدوية والموارد الطبية الأساسية. هذه الظروف تجعل الجزائريين يتعرضون لمستويات غير مقبولة من الرعاية الصحية، ما يزيد من تفاقم الأوضاع المعيشية. بدلًا من تحسين المستشفيات وتوفير رعاية صحية لائقة للشعب، تواصل الجزائر إنفاق أموالها على قضية البوليساريو التي لا تمس احتياجات المواطنين. إلى جانب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، يواجه الجزائريون قيودًا صارمة على حرية التعبير. أي محاولة لانتقاد الحكومة أو السياسات المتعلقة بدعم البوليساريو تُقابل بردود فعل قمعية. السلطات الجزائرية تستخدم قوانين صارمة لتقييد حرية الصحافة والتظاهر، مما يجعل من الصعب على المواطنين التعبير عن آرائهم أو المطالبة بحقوقهم. منذ الصغر، يُعلم النظام الجزائري مواطنيه أن الصحراء الغربية المغربية هي "مستعمرة" يجب تحريرها، وأن البوليساريو هي الحركة الشرعية لذلك. هذا الأسلوب يُعرف بـ"غسيل الأدمغة"، حيث يتم تحويل انتباه الشعب الجزائري عن مشكلاته الحقيقية وتركيزه على قضية خارجية لا تؤثر بشكل مباشر على حياتهم اليومية. في هذا السياق، تصبح البوليساريو أهم من الشعب الجزائري نفسه، وكأن الجزائر لا تعرف قضية أهم من قضية الصحراء الغربية. من الواضح أن الحكومة الجزائرية تضع قضية البوليساريو في مرتبة أعلى من مشكلات الشعب الجزائري. رغم تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لا تزال الحكومة تصر على تمويل البوليساريو ودعمها على الساحة الدولية. هذا الموقف يثير تساؤلات حول مدى التزام الحكومة بتلبية احتياجات شعبها وتخفيف معاناتهم.
إن استمرار الجزائر في إنفاق أموالها ودعمها لجبهة البوليساريو يعكس انحرافًا خطيرًا في أولويات الحكومة. بينما يعاني المواطن الجزائري من البطالة، الفقر، نقص السلع الأساسية، وتدهور الخدمات الصحية، تركز الحكومة جهودها ومواردها على قضية خارجية لا تمس احتياجات المواطن العادي. يجب أن تعيد الجزائر التفكير في سياستها وتضع مصلحة شعبها في المقام الأول قبل الاستمرار في هذا النهج الذي أثبت فشله في تحقيق أي تقدم ملموس للشعب الجزائري.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. هجوم روسي على أوديسا وميكولايف الأوكرانيتين يخلف دمارا
.. روسيا وإندونيسيا تجريان تدريبات عسكرية مشتركة في بحر جاوة
.. تعيينات جديدة في إدارة ترمب.. مارك روبيو لحقيبة الخارجية
.. المحددات الخارجية لإدارة بايدن
.. مسعد بولس.. صهر ترمب الذي ساهم بفوزه ويرتقب توليه مهاما في ا