الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الحرب على غزة
سعاد أبو ختلة
2024 / 10 / 15الارهاب, الحرب والسلام
كلما اقترب الشتاء توترت النساء وأصابها الهلع، كيف ستستطيع مواجهة البرد، كيف ستصمد خيامها أمام الريح والمطر، تدعو في سريرتها ألا يكون الشتاء بارداً وأن يتأخر حتى تنتهي الحرب، أن تنتهي الحرب سريعاً وتستقر الأوضاع لتنظر من نافذة بيتها للمطر الذي يعانق الأرض بشوق، يحمل الخير والغيث لشجر شحب وجفت أوراقه. تجتهد واطفالها في ري الأشجار المحيطة بخيمتها من عوادم الماء الذي استخدمته لأغراض التنظيف، تطلب منهم ان يسكبوا الماء على شجرة كل مرة كي تنعم الأشجار ببعض الماء لتستمر حياتها وتعوض الورق الجاف ببراعم جديدة وتكتسي باللون الأخضر، تبادل منافع، ترويها العائلات وتستظل بها، وتمنحها بعض السكينة والهدوء اذ تغطي شحوب المحيط وتغلف الخراب بالأمل في الحياة.
وفي ظل الاغلاق المتكرر للمعابر، وغلاء الأسعار الفاحش، وانعدام السوق من الخضروات، أبدعت الكثير من العائلات في زراعة مربعاتها السكنية الضئيلة حول الخيام، بعض الورقيات، والأعشاب العطرية، مساحات صغيرة مهدت وزرعت بحب، في دلاء صغيرة يركض الأطفال لري منتجاتهم الزراعية، تبذر النساء البذور وتدعو الله أن تنتهي الحرب قبل أن تنمو، ومضى الصيف ونقترب من الشتاء بوجل من أن تستمر، فلا ملابس شتوية ولا أغطية، الخيام اهترأت، والقلوب أنهكها الوجع.
أصبحت النساء كالراصد الجوي، تنظر في السماء، اتجاه الغرب، وتتابع حركة المد البحري، سرعة الريح واذا تسنى لها الحصول على اتصال بالشبكة العنكبوتية، ركضت بين خيوطها لموقع رصد الطقس، وهكذا، كلما أطبق الليل وجلت من طارئ قد يتعدى على مرتعها الذي تحفه بكل مشاعرها، وتركز أذنيها مع صوت أزيز الطائرة الملعونة التي تدور على مدار الساعة وتزأر أحياناً بصوت متحشرج صدئ لتقض مضاجعهم، أصبحت كالموسيقى التصويرية المرافقة للدراما، وكلما ابتعدت أو صمتت، أصابهم الهلع، أين ستلقي ما بجعبتها النتنة من تعاويذ موت ودمار، وخاصة حين تختفي ليظهر الطيران الحربي الخارق للصوت، يرتفع ضغط الدم فجأة في الأوردة، تحترق الجباه وترتجف المفاصل، أين سيهبط غراب الموت الآن، روتينات يومية لايعتادها الناس رغم تكرارها، فلن يناموا والطائرة تسخر من فوق رؤوسهم تحلق وتطلق أصواتها المرعبة، لا تحتاج النساء لقص الحكايات عن الغولة، فالغولة تنهش وقتهم، ليل نهار، تتطفل على حياتهم، تعكر كل لحظاتهم كي لا ينسوا للحظة أن هناك حرباً دائرة، وأن آلة الموت قد تنقض في لحظة ما على ملاجئهم الصغيرة، وما أن ينال التعب منهم وتذبل عيونهم بالنعاس، تنهمر عليهم الصواريخ التي قد تذري أشلائهم، مدارس وبيوت وخيام، أسواق وشوارع لم تسلم من الضربات التي تحيل المكان لكومة من خراب، وتتناثر الأشلاء، ومن ينجو يبحث عن ذويه، يستدلون بالملابس، بعض التفاصيل، تختلط الأشلاء وتختفي آثار البعض من قوة الانفجار، يقول الناجين أن المفقودين تبخروا فقوة الصواريخ التي تضاهي هيروشيما ونجازاكي في قوتها التدميرية، الصواريخ التي تخرج باطن الأرض وتدفع بالخيام والبيوت والملاجئ التي تقصفها في قاع الأرض عشرات الأمتار تحت الأرض، مئات الشهداء يقضون يومياً من أماكن اللجوء الآمنة والمحصورة بين الشمال والجنوب في بؤرة ضيقة.
الشمال... قطاع غزة الذي تبلغ مساحته 360كم مربع، والذي يمتد بشريط حدودي بمساحة 14كم جنوباً مع مصر، تتضاءل كلما اتجهنا شمالاً، لينحسر في الشمال بمساحة 9كم، قطاع غزة الضئيل والذي تطبق عليه اسرائيل كالكماشة، وتم اجتزاء المساحة للثلث، الجنوب منطقة عسكرية الشرق منطقة عسكرية والشمال... بدءاً من شمال النصيرات، المدينة الصغيرة التي يُنهش أطرافها كل يوم، وحتى الحدود الشمالية، تدور معارك طاحنة للبقاء، يصر المواطنين الذين رفضوا النزوح على البقاء، يهربون من آلة الموت هنا وهناك ويرفضون الانصياع لأوامر النزوح للجنوب، مجازر، شهداء وجرحى، جوع وقهر، مستشفيات تُستهدف كي لا يتم اسعاف الجرحى وكي تسقط المنظومة الصحية بالكامل فلا يجد المريض دواءَ، والخراب يخيم في كل مكان، تفاصيل من القهر والوجع، عائلات بعضها هُجر للجنوب وبقي البعض في الشمال، عائلات فقدت بعضها في مراكز الايواء شهداء في استهدافات للحياة، والحديث عن صفقة لم تمل القنوات من الحديث عنها منذ عام، تراجعت التغطية الاعلامية عما يحدث في شمال غزة، فتحت اسرائيل جبهات سبع كما تعلن متبجحة في الاعلام ولم تتراجع المجازر في الشمال، أهلنا في الشمال يواجهون حرب ابادة ضارية، لنا الله ...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - اقتباس (لنا الله)
سمير آل طوق البحراني
(
2024 / 10 / 16 - 05:50
)
الاخ الكريم بعد التحية. الله للجميع متمنين لكم حسن العاقبة بعد هذه الماساة التي حدثت ولا زالت مسنمرة نتيجة سوء الادارة والتخطيط من حركة حماس ربما باوامر خارجية وليس باتفاق وطني لاجل مصالح سياسية وهي تعلم علم اليقين ان ليس هناك تكافؤ في القوة ولكن (من استبد برايه هلك ومن شاور الرجال شاركها في عقولها). انها النكبة الثالثة والامور تعرف بخواتمها ولكن ما يحدث الآن للفلسطينيين لا يبشر بخير والضحية هم المستضعفين. رحم الله الشهداء وانا لله وانا اليه راجعون.هذا ما ينطبق على حركة حماس وقادتها.
ما كل من حمل القنا طعن العدى *** ولا كل من سلك الطريق دليل.
سلام عليكم
.. بعد سقوط الأسد.. ظهور مصانع -الكبتاغون- علنا بدمشق في سوريا
.. بعد إغلاق 12 عاماً.. تركيا تعيد فتح سفارتها في سوريا
.. نواب أميركيون: العقوبات على سوريا مستمرة رغم سقوط الأسد
.. مسيرة لطلاب جامعة أمستردام للمطالبة بتعليق العلاقات مع إسرائ
.. كيف ستلبي الحكومة السورية المؤقتة طلبات الإدارة الأمريكية؟