الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تبكير الانتخابات بالدم الفلسطيني!!

عماد صلاح الدين

2006 / 12 / 29
القضية الفلسطينية


نحن فبل كل شيء لا نتمنى كمالا يتمنى كل فلسطيني وطني مخلص وشريف أن يحدث لاسمح الله حالة من الاقتتال الداخلي الفلسطيني لتحقيق الأجندة السياسية المتصارعة لكلا قطبي الساحة الفلسطينية، لكن على أية حال الأمانة العلمية والأخلاقية والوطنية تدفعني دفعا للحديث عن السيناريو القادم المحتمل الذي تعززه مجموعة من الأنباء و الأحداث والوقائع التي تحدث ويتم تداولها في الساحة الفلسطينية والتي نريد التنبيه والتحذير بشأن اتجاهها وصبها نحو السيناريو الذي نريد الإشارة إليه في هذا المقال.

السيناريو المتعلق بتبكير الانتخابات الفلسطينية بالدم عبر اللجوء إلى المواجهة والاقتتال الفلسطيني يبدو انه الخيار الأخير بعدما فشلت كل الخيارات والأساليب التي اتبعت ضد حماس والحكومة الفلسطينية من اجل التسليم بالشروط الدولية وعلى رأسها الاعتراف بإسرائيل أو اضطرار حماس والحكومة للخروج من العملية السياسية عبر الاستقالة بفعل حالة حالة الحصار الاقتصادي والمالي الذي فرض على الشعب الفلسطيني لاختياره الديمقراطي الأخير وغير ذلك من الوسائل التصعيدية والتوتيرية ضد الحكومة من ضغوط سياسية وسحب صلاحيات وتفعيل حالة الفلتان الأمني وتأليب الشارع الفلسطيني عبر الإضراب وافتعال المواجهات الداخلية عبر الاحتكام إلى السلاح إلى اتباع أسلوب التصفيات والاغتيالات لكوادر من حركة حماس إلى غيرها الكثير الكثير.

ومع كل ما سبق ذكره تجاه حماس والحكومة الفلسطينية إلا أنها رفضت الخضوع للشروط الدولية وكذلك صمدت أمام حالة الحصار والضغوط ولم تتخل عن تجربتها الديمقراطية، بل إنها أيضا استطاعت أن تحدث خروقا واضحة في جدار الحصار المفروض عليها سواء على الصعيد الإقليمي و الدولي، وهذا بالطبع ما لا ترضى عنه أطراف محلية وعربية وكذلك على وجه التأكيد الولايات المتحدة وإسرائيل

دعا الرئيس محمود عباس في أواسط الشهر الجاري إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية والتي رحبت فيها كل من إسرائيل وأمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وابدوا موقفهم مجتمعين في دعم الرئيس عباس في توجهه الأخير هذا رغم عدم قانونية هذه الدعوة بالاستناد إلى القانون الأساسي المعدل وقانون الانتخابات رقم 9 لسنة 2005، يدرك الرئيس عباس وجميع الأطراف المعنية بمواجه حماس انه لايمكن إجراء انتخابات مبكرة بالوسائل القانونية والسياسية لعدم وجاهة المبررات المطروحة سواء في الشأن القانوني أو السياسي وفي الوقت نفسه وبقرار أمريكي وإسرائيلي وقبول المؤسسة الرئاسية انه لايمكن الشراكة مع حماس في حكومة موحدة لا تعترف بإسرائيل ولا تقبل بالخط والبرنامج السياسي للرئيس عباس المستند إلى شروط الرباعية وخارطة الطريق وهذه الأطراف أيضا لاتقبل بان تبقى حماس في السلطة ببرنامجها المعروف وتحقق الاختراقات والنجاحات المحتملة، ولذلك تتجه الأطراف المعادية لحماس والحكومة القائمة للاتجاه إلى الحسم السياسي بالوسائل العسكرية والدموية ودليلنا في هذا مايلي:-

1- بعد أن كاد التوصل إلى حكومة الوحدة الوطنية قاب قوس أو أدنى أعلن الرئيس عباس فجأة وفي مناقضة لما تم الاتفاق عليه بان حوارات تشكيل حكومة الوحدة وصلت إلى طريق مسدود بحجة الخلاف على نوعية الأشخاص المراد توليتهم للوزارات السيادية
2- خطاب الرئيس عباس حول الدعوة إلى انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة
3- تصعيد حالات الفلتان الأمني في الضفة والقطاع لتوجيه رسالة للجميع أن هنالك مشكلة جذرية تتعلق بالخلاف ألبرامجي الذي لايمكن الالتقاء فيه بين قطبي الساحة وان الأمر بالتالي يحتاج إلى حسم ينهي حالة التصارع بين البرنامجين
4- لقاء عباس واولمرت مؤخرا والذي انصب في حقيقة الأمر على البعد الأمني والعسكري في تقوية حرس الرئاسة وإمداده بالسلاح والعتاد لان الموضوعان الأخرى التي أعلن الرئيس عباس ووفده عن تحقيقها عبارة عن أوهام لا ترتقي إلى مستوى المطلوب فلسطينيا وهذا ما أكده أكثر من طرف فلسطيني بل على العكس إن ما حدث بعد يوم أو يومين من ذلك اللقاء يناقض الذي وعدنا به الرئيس عباس فبدلا من تخفيف الحواجز عبر إزالة جزء بسيط جدا منها نجد أن الإسرائيليين اخذوا يتشددون أكثر حولها وأما بالنسبة للمبعدين فها هي إسرائيل تبعد عبد الله ياسين من جنين إلى قطاع غزة وأما بالنسبة للمستوطنات فالحديث يجري الان عن موافقة وزارة الجيش الإسرائيلي على بناء مستوطنة جديدة في الضفة الغربية
5- ما ورد في النقطة الرابعة تحقق بالفعل فيما يتعلق بإمداد حرس الرئاسة بالسلاح والعتاد، فالمصادر الإسرائيلية وعبر صحيفة يديعوت احرونوت تتحدث عن تزويد حرس الرئاسة بألفي قطعة سلاح من طراز كلاشنكوف مع عشرين ألف مشط ذخيرة بالإضافة إلى مليوني رصاصة من مصر وبموافقة أمريكية وإسرائيلية حيث دم إدخالها عبر معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل، والسؤال الذي يطرح نفسه ما حاجة الرئيس وحرسه إلى هذا السلاح والعتاد، المراقب والمواطن العادي لا يعتقد أبدا انه من اجل حماية المواطن الفلسطيني لأنه باختصار لم يشهد ولم ير فيما مضى أن أجهزة السلطة المختلفة تقف في وجه إسرائيل للدفاع عن أبناء شعبها هذا من جهة ومن جهة أخرى الرئيس لا يؤمن بخيار المقاومة والكفاح المسلح بل انه يعتبره عنفا وإرهابا وعملية حقيرة وجهود عبثية هذا من جهة ومن جهة أخرى فالاستعدادات تجري على قدم وساق لإدخال لواء بدر غلى قطاع غزة والذي وافقت إسرائيل بضغط أمريكي على إدخاله وفي الفترة الأخيرة تحدثت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن زيارة وفد أمريكي وأوروبي للواء بدر للإطلاع على أحواله وامكاناته وتتحدث المصادر نفسها أن عملية إدخاله باتت قريبة جدا، ولمن ولمصلحة من يتم إدخال لواء بدر، هل هو من اجل شن الحرب على إسرائيل ؟؟!!

باختصار شديد وبوضوح ما يجري التخطيط له هو التحضير لمواجه داخلية من اجل حسم الأمور نحو الوصول إلى فرض برنامج الرئيس عباس بالقوة وهذه خطوة متقدمة من خطوات السيناريو المتفق عليه بين الأطراف التي تريد إقصاء حماس، ولذلك يجري في العلن طرح مبادرات ودعوات من اجل التمهيد إلى الخطوة المطلوبة وهي المواجهة العسكرية، فالرئيس عباس صرح لصحيفة الحياة اللندنية انه أمهل حماس عشرة أيام من اجل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ويقرا من هذا الإمهال مسبقا محاولة الإفشال، وأما المبادرة الأردنية بدعوة عباس رهنية فالقصد منها أيضا التمهيد للسيناريو بتحميل حماس مسؤولية فشل تقريب الوجهات.

يفترض السيناريو المخطط له بعناية أن تؤدي المواجهة العسكرية والدموية إلى: إما قبول حماس بحكومة وحدة تقبل بالشروط الدولية وبما يرتضيه الرئيس عباس من برنامج سياسي للحل والتفاوض، وهذا ما يستبعده أطراف السيناريو لأنهم يعرفون أن حماس لايمكن أن تقبل بالاعتراف بإسرائيل في كل الأحوال وإما أن تؤدي المواجهة وهذا ما يرجحونه إلى قبول حماس بفكرة الانتخابات المبكرة من اجل حقن دماء الشعب الفلسطيني وبالتالي هم يتوقعون أن يفوز برنامج الرئيس عباس ومن معه في الرئاسة والتشريعي وبالتالي الوصول إلى الحل النهائي الذي يقبله عباس وفريقه التفاوضي والذي يعرفه جيدا الشعب الفلسطيني

إذا ما حدث هكذا سيناريو، فعلى حماس أن تحاول قدر الامكان تلافي المواجهة الدامية وفي نفس الوقت عليها أن لاتقبل لا بحكومة وحدة تعترف بالشروط الدولية " الرباعية " ولا أن تقبل أيضا بالانتخابات المبكرة لأنها لولا إهانة لخيار الشعب الفلسطيني الذي تم فحصه قبل فترة وجيزة، ولأنه أيضا لا معنى لها سوى أن الانتخابات أصبحت مهزلة بيد أمريكا وإسرائيل تجريانها متى شاءتا وتعطلانها متى شاءتا أيضا، للخروج من المؤامرة التي تحاك ضد خيار الشعب الفلسطيني وضد وحدته، فلا سبيل عندئذ أمام حماس سوى أن تستأنف المقاومة بكل اشكالها وأساليبها حتى لا تضل البوصلة الوطنية وعند ذلك تكون عملية إنهاء السلطة ماديا حاجة وطنية طال انتظارها، لان هذه السلطة هي مولود غير شرعي لا يصلح أبدا كأداة للتحرر ولا كمشروع دولة على الطريق.
28 – 12 – 2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي