الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
موقعة ( الأم بي سي)
جمال الهنداوي
2024 / 10 / 24الصحافة والاعلام
تدفعنا تعقيدات الحياة أحياناً إلى أن نلدغ من العديد من الجحور التي تنتشر حولنا كسواتر وأفخاخ تستهدفنا في حياتنا وانشغالاتنا اليومية، وتواتر الأمر جعل من اللدغ المتكرر حالة مقبولة نوعاً ما ولا تصلح أن تكون مما يقدح في إيماننا أو مبرراً لدمغنا بالغفلة والتهاون.. وهذا الواقع، مع الكثير الكثير من حسن النية – حد السذاجة – قد يجعلنا نقتنع بجدية إعلان الهيئة العامة لتنظيم الإعلام في السعودية، إحالة مسؤولين في إحدى القنوات التلفزيونية ، دون ذكرها بالأسم، للتحقيق بسبب تقرير إخباري "مخالف للأنظمة والسياسة الإعلامية للسعودية"، خاصة مع تأكيد الهيئة أنها "تتابع باستمرار مدى التزام وسائل الإعلام بالأنظمة الإعلامية للمملكة وضوابط المحتوى، ولن تتهاون في تطبيق النظام تجاه أية مخالفة".
ولكن القليل أيضاً من التفكير، قد يقودنا إلى استنتاج أنَّ موجة الانتقادات والاستهجان التي طالت الإعلام السعودي، والخليجي عامة، وإلغاء رخصة عمل قناة الـ "أم بي سي" في العراق، واقتحام مقرها ، من الممكن أن تكون الدافع وراء تذكر الهيئة المفاجئ لـ " ضوابط المحتوى" وهو ما لم يكن ضمن عناية الصحافة السعودية -بل والخليجية عموماً - وهي تسرف، ولسنوات في النيل من كرامة وأمن وسمعة العرب والعراقيين في أخبار قد لا يكون أشنعها ما تقيأته علينا الـ " أم بي سي"..
من الصعب علينا تقبل أن يصدر تقرير أقرب إلى الجناية منه الى المادة الإعلامية مثل تلك تقرير الـ ""ألفية الخلاص من الإرهابيين.. الشخصيات التي روعت العالم وسفكت الدماء"، من قناة عرف عنها أنها لا تنطق إلا عن هوى ووحي مصادر القرار في البيت السعودي، والأكثر صعوبة هو بلع دور "الزوج المخدوع" الذي تمارسه هيئة الإعلام السعودي ، والتعاطي مع هذا التخرص على أنه حالة خارجة عن السياق الخليجي العام في التعاطي مع قضايا الأمة المصيرية..أو انتظار " الالتزام بضوابط المحتوى " من مثل هذه المؤسسات التي لم يستدر منها مثل هذا الفعل أي صيغة اعتذار للشعوب العربية في محنتها الراهنة واكتفت بإحالة مراسلها "المشاري" إلى تحقيق قد يتم من خلاله – بالتأكيد - التضحية به قرباناً لدرء التهمة عن من هو أقرب منه إلى قلب وعقل أصحاب القرار.
ولنبقى مع هذا المراسل الهمام الذي لفظه أولياء نعمته في العراء ، فالسؤال هنا هو عن ذلك التبسط - والجرأة- مع أمن وكرامة الشعوب العربية الذي تبديه تلك الفئة من المراسلين لوسائل الإعلام الخليجية الذين يسرفون في اللهاث وراء استرضاء الجهات الممولة على حساب الأمانة ومصالح الوطن والشعب العليا عابثين بالحقائق ومغامرين بمقومات السلم الأهلي ارضاءً لتوجهات الوسائل الإعلامية التي يعملون معها..بل ومستبقين الطلب مستمرئين انتاج المادة الإعلامية الزائفة رغم التعارض البواح ما بين هذه الممارسات واحترام الذات والعمل الصحفي الرصين والموضوعي..
صدقاً، قد لا نجد مهمةً أصعب في أن تكتب – أو تستكتب-لدنيا غيرك، و الأكثر تعسراً هو ذلك البذل السخي من النفس والفكر في التقاط ما يمكن أن يكون أكثر تودداً للممول البعيد والأقرب إلى قلبه وإلى ما تحت يمينه، وأقر بحيرتي عن فهم تلك القدرة والتمكن الذي يتحصل عليها المرء لمعرفة نقاط الاستثارة والتقبل المسبق من قبلهم لما سوف يكتب، وكيف يختار المسالك التي تصل به لدغدغة عواطف أولي الأمر واستدرار رضاهم.
لا ندعي فيما سبق إعماماً ، بل هي أمنية على البعض الأقل من أسرتنا الصحفية الذين يقعون في مثل تلك المنزلقات أن يكونوا أكثر حرصاً وحذراً حتى نحفظ للمهنة مصداقيتها لدى القراء... فمثل هذا الفلتان الإعلامي الذي يصاحب كل الخوانق السياسية والأمنية قد يشي بأن هناك العديد من ممتهني الصحافة ممن لا يدركون خطورة وفداحة ما يفعلون... فغياب المعايير والضوابط قد يؤدي إلى خلط كبير وإضرار أكبر على القيم العامة والأخلاق العامة ولا يشيع البلبلة في أوساط المجتمع حسب لكنه إلى ذلك يفقد الصحيفة والكاتب مصداقيتها وهو ضرر معنوي لا يوازيه أي ضرر مادي تتعرض له أية وسيلة اعلامية.
كما ننتظر من هيئة الاعلام والاتصالات التفكير ملياً قبل منح إجازات العمل لقنوات لم نشهد منها الا كل ما يسيء إلى قيمنا وثوابتنا الوطنية، ولا جدال في أهمية العلاقات مع دول الجوار خصوصاً تلك التي تتحصل على القدرة على الإيذاء ولا ضرر في تأليف قلوبهم ببعض المواقف التصالحية الاسترضائية، ولكن ليس إلى الحد الذي يفقد الدولة هيبتها وكرامة شعبها، ويؤسفنا أن نقول بأنَّ العراق لم يتعلم من اللدغات العديدة التي تتواتر – كالمطر- من الجحر نفسه !
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. إحراج نتنياهو بمشهد تسليم المجندات.. هل نجحت حماس في إيصال ر
.. مخاوف من تهجير ممنهج بجنين.. الاحتلال يهدد باستهداف المنازل
.. الأسير المحرر زيد بسيسي للجزيرة: آخر عام في الأسر يعادل الـ
.. الناطق باسم حماس للجزيرة: نتنياهو كان يبيع الوهم طيلة الحرب
.. الأسبوع وما بعد | ترمب وماسك.. من يسرق الأضواء؟