الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عشرون أربعون أو عشرون خمسون
خالد بطراوي
2024 / 10 / 25مواضيع وابحاث سياسية
بالنسبة لي على الأقل، بات من الثابت الان، وبعد ما يزيد عن العام من الأحداث الجسام التي عصفت بالمنطقة برمتها أن ملامح المرحلة القادمة كما تريدها الامبريالية قد أصبحت واضحة .
ثمة حقائق أخرى تصفعنا وتحتم علينا أن لا نرى الصورة وردية أو أن نشكل ألوانها وزخرفاتها كما نريد.
لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك، أن كل دول العالم (برجاء ملاحظة أنني أقول دول وليس شعوب أو قوى) قاطبة باستثناء الجمهورية الإيرانية قد انحازت للإمبريالية ووقفت بدرجات متفاوتة مع رأس حربتها في المنطقة المتمثل بدولة الكيان.
وقد يقول قائل وماذا عن الصين وروسيا واليابان وبعض الدول الأخرى، والجواب على ذلك أن مستوى مجابهة الإمبريالية لهذه الدول لم يرتق إلى ذلك المستوى من الفعل الصدامي معها، بل تم التوصل إلى تفاهمات بصدد هذه المسألة أو تلك.
كما وثبت بما لا يدع مجالا للشك أن المحافل الدولية قد تم تدجينها ومنذ نشأتها وإلى يومنا هذا وتسخيرها لخدمة الإمبريالية، ما أفرغها من محتواها والأهداف التي نشأت لأجلها.
حتى أن الجمهورية الإيرانية ذاتها وعلى لسان قادتها صرحت في كثير من المحافل بأنها ليست معنية بالتصعيد ولا تنشد توسع دائرة الاقتتال.
نحن هنا، أيها الأعزاء، نتحدث عن الدول والمحافل الرسمية لهذه الدول ولا نتحدث عن شعوبها.
لكن أيضا دعونا ننظر لحراك الشعوب في دول العالم قاطبة، ونقولها بكل صراحة ، أن هذا الحراك والزخم والمد الجماهيري وعلى أهميته وضرورته لم يثمر بالضغط على حكومات الدول أكثر من إصدار بيانات الشجب والاستنكار والمطالبة ولم يتمكن من إيصال ولو "زجاجة حليب واحدة" لطفل يعاني من ويلات العدوان، نشهد مدا وجزرا لحراك الشعب رهنا بحدث سرعان ما يتلاشى وقعه بحدث جديد، ما يجعلنا نقول وبكل صراحة أن الإمبريالية نجحت في امتصاص غضب الشعوب وقامت بتأطيره في مسارب محددة فهي تاريخيا متمرسة في سياسة "التنفيس" تحسبا من البديهية العلمية القائلة " الضغط يولد الانفجار".
تأسيسا على ذلك كله، كيف ترى الإمبريالية وتخطط لترتيبات المرحلة القادمة التي قد تمتد إلى عام 2040 مثلا أو 2050.
من وجهة نظري ستستمر أثيوبيا بدعم مطلق من الإمبريالية بملء خزانات سد النهضة وفقا لخطتها السنوية وتهدد الأمن القومي السوداني والمصري.
وسوف تتواصل حالة الاقتتال الداخلي في السودان بين الطغمتين العسكريتين برئاسة البرهان وحمدتي ، وحتى ولو بعد رحيلهما عن هذه الحياة طبيعيا أو بفعل فاعل فسوف يستمر الصراع وتتم تغذيته من قبل الامبريالية.
ستواصل روسيا قيادة مجموعة "بركس" الاقتصادية بل وتعمل على توسيعها وتدعم أيضا حكم العسكر في بوركينا فاسو بقيادة العسكري إبراهيم تراوري.
سوف تستمر الصين واليابان في التقدم التكنولوجي وعصر الذكاء الصناعي وتنأيان عن الدخول في النزاعات الدولية المحتدمة.
أما مصر فسوف تبقى في حالة المراوحة بسبب الأعباء الاقتصادية الثقيلة التي تواجهها وتستمر سيطرة العسكر على مقاليد الحكم، بعد أن نجحت الامبريالية في إصعاد جماعة " الاخوان" الى مقطورة "قطار العولمة" ثم أنزلت بهم ضربتها القاسمة بانقلاب عسكري.
ستحافظ الامبريالية على تلك الأنظمة التي يهمها أن تبقى بلادها مستقرة وتابعة حيث تبين لها أهمية الاستناد الى هذه الأنظمة في الأزمات و"المحن" كمراكز لها ولقواعدها العسكرية.
وفي هذا الصدد ستحرص الامبريالية على أن يبقى النظام والتركيبة في لبنان تركيبة طائفية، بينما بترتيب مع روسيا وإلى حد ما أيضا مع الصين سينتهي حكم حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا تماما كما انتهى في العراق التي ستبقى على حالاتها دون أية تغييرات جذرية.
سوف تواصل تركيا نهضتها الاقتصادية وتتعرض لأزمات سياسية بين الفترة والأخرى لكنها لن تكون مصنفة ضمن الدول المفصلية في المنطقة كما السعودية وإيران.
ستدعم الامبريالية الجهود السعودية في "سياسة الانفتاح" الحضاري واطلاق طاقات الشباب والحد من القيود المفروضة على المجتمع بحكم المكانة الدينية للبلاد وستحفظ للسعودية دورها في المنطقة.
كما وسوف تستمر سياسة "خرمشة القطط" في باقي دول الخليج ولن تسمح الامبريالية مثلا لقطر أن تتخطى الدور الحالي الذي تلعبه تحت توجيهات وسيطرة منها.
أما ذلك الحسم العسكري الذي تعمدت روسيا تأخيره مع أوكرانيا، فسيأتي ذلك اليوم الذي تقرر روسيا تفعيله نهائيا لحقبة زمنية يكون معها أركان النظام هناك تابعا لها، وأيضا بترتيبات وتفاهمات مع الامبريالية وتقسم "للكعكة الدولية".
ونأتي الآن إلى توقعات الصفقة الأمرو-إيرانية المرحلية حتى العام 2040 أو 2050.
سوف تمنح الامبريالية الجمهورية الإيرانية مكانة موازية للسعودية في المنطقة، وستغض النظر عن برنامجها النووي مع التشديد على تكريسه لأغراض سلمية، وسوف تفرج عن الأموال الايرانية المحتجزة منذ "شاه إيران" وهي بالمليارات وربما يتبوأ من هم في حكم سلالته بعض مقاليد الحكم هناك، وكل ذلك في مقابل تفكيك الأذرع الايرانية المتواجدة في هذا البلد أو ذاك وتحويلها إلى قوى وأحزاب سياسية وليس عسكرية مع تصفية "الرؤوس الحامية" جسديا، وأيضا ستعمل الدول الامبريالية على التطبيع مع الجمهورية الايرانية.
ومن نافلة القول، أن الامبريالية سوف تكثف وتواصل دعمها لرأس حربتها في المنطقة بشتى الوسائل والمقومات وتكون الترتيبات للمرحلة القادمة متعلقة بالسعي لحث الدول العربية والإسلامية على التطبيع مع دولة الكيان وفتح ملف "أملاك الغائبين" اليهود في الدول العربية التي تم التطبيع معها، قدما على طريقة اعادة هذه الاملاك لهم ليقوموا بدورهم ببيعها الى اللوبي الصهيوني الذي سيبدأ عملية الزحف المعاكس لهذه الدول بما يعرف "بالاستيطان الهادىء" وبعد العام 2050 ستشرع الصهيونية بالعمل على تحقيق حلمها بالدولة العبرية من النيل إلى الفرات.
أما فيما يتعلق بالقضية الكبرى، قضية الشعب الفلسطيني، التي سيتم العمل على أن تتحول إلى قضية "صغرى" فسوف يستمر الاحتلال، وتستمر عملية التهجير الطوعي والقسري، والحفاظ على أن تبقى السلطة الوطنية الفلسطينية سلطة خدماتية أكثر من كونها سيادية لا تقرر بخصوص الأرض والحدود والنشاط الاقتصادي وقضايا الشعب المصيرية.
في المحصلة العامة، مقابل حالة النهوض المقاوم التي شهدناها في الفترة الماضية، سوف تستشرس الامبريالية أكثر فأكثر ولن تحصل قفزات تاريخية لصالح الشعوب وسوف نشهد "سنوات عجاف".
قد يقول قائل لقد بالغت أيها الكاتب المتشائم في مقالتك هذه وأنا لا ألومه، فشتان بين الأحلام ومعطيات الواقع.
انطلاقا مما تقدم ثمة حاجة لتتداعى قوى التحرر بغية تنظيم حوارات معمقة لبلورة رؤيا واستراتيجيات الفعل المناهض لكافة هذه الترتيبات.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. إسرائيل وحزب الله.. هل يصمد وقف إطلاق النار أم تشتعل الحرب م
.. أول انتكاسة لترامب: القضاء الأمريكي يعلق قرار إلغاء حق نيل ا
.. ما تداعيات رفض -قوات سوريا الديمقراطية- تسليم السلاح والانضم
.. كريستيا فريلاند.. سياسية كندية تحذر من الخطر الوجودي لترمب
.. حماس توضح شروط اليوم السابع من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.