الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخيانة خيار وطني

سعيد لحدو

2006 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


بداية أرجو من القارئ العزيز ألا يعتبر هذا العنوان مزحة في غير محلها أو نكتة (بايخة) لا تضحك ذلك لأن هذا هو واقع الحال. فمن البديهي والمتعارف عليه أن السلطة في أي بلد لا بد وأن تمثل الشعب. والشعب هو السيد في وطن تحكمه سلطة. وبالتالي فإن السلطة تكون في هذه الحالة سيدة الوطن والشعب و (تاج راسهم), على الأقل في بلادنا. وهذا الاستنتاج الأخير هو اكتشاف جديد في علم الاجتماع وإضافة هامة للحضارة البشرية, يستحق مكتشفها الأول أرفع الأوسمة. وقد نختلف على تحديد المبدع الأول لهذا النوع من سلوك المجتمعات البشرية, لكننا بالتأكيد لن نختلف على مطوري هذا الاكتشاف ومجسديه على أرض الواقع. فبعد سقوط صدام حسين بات النظام السوري من أبرز الأسماء المرشحة لنيل الجائزة الأولى في تعريف الوطنية والخيانة وتصنيف الوطنيين والخونة. فأن يقف عضو في مجلس الشعب وفي جلسة رسمية ليكيل الشتائم البذيئة التي يأنف منها أبناء الشوارع وبحماس زائد لعضو آخر لمجرد أنه أبدى تساؤلاً في الجلسة عينها حول الأسباب التي تدفع بالمجلس لتعديل مادة في الدستور تتعلق بعمر المرشح لرئاسة الجمهورية ليأتي التعديل بمقاس شخص بعينه, هذا التصرف نـُظر إليه من قبل السلطة كعمل وطني يحسب له, بينما كان تساؤل العضو الثاني خيانة ما بعدها خيانة, وقد عوقب عليها.
تلك كانت مجرد حادثة ومرت. ونحمد الله أن مؤامرة ذلك "الخائن" لم تنجح, وقد تحطمت على ضخرة الصمود الوطني من بقية أعضاء مجلس الشعب وزملائهم ممن يحتلون مواقع المسؤولية...... واستمرت مسيرة النضال الوطني بالتقدم نحو الهدف المرسوم بقيادة المناضل آنذاك عبد الحليم خدام, والتي ما زالت مستمرة رغم فقدانها أبرز قيادييها..؟؟؟
فالوطني الحقيقي هو من يستلهم مبادئ وسياسة السلطة ومروجيها من وسائل الإعلام الوطنية من صحف لا تصلح حتى للف سندويتشات الفلافل, وإذاعة ملأت الأثير ضجيجاً وقرقعة, وتلفزيون مشاهدته أقسى من عذاب القبر وأهون من الحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة. هذه الوسائل التي لم تتوقف لحظة واحدة منذ دخول أول جندي سوري إلى لبنان عام 1976 عن نشر وإذاعة طوفانات من التقارير والبرامج التي تمجد السياسة السورية تجاه لبنان وتركز على وحدة الشعبين اللبناني والسوري, أو بالأحرى الشعب الواحد في بلدين فرقهما الاستعمار. وتؤكد على تلازم المسارين والمصير الواحد والعلاقات الأخوية المميزة جداً ... وسوى ربينا , وما إلى هنالك من برامج رنانة, ولكن دائماً وفقط عبر قنوات السلطة أو التابعة المسموح بها. والتي تلاشت كلها كفقاعة في الهواء بمجرد انسحاب الجيش السوري من لبنان..!!!!
وأما من يتجرأ أن يردد ولو العبارات نفسها ولكن خارج تلك القنوات السلطوية ووفق منظوره للأخوة والتلازم والوحدة, سرعان ما يتحول إلى مشبوه وخائن ومتآمر بحق الوطن والشعب و....... السلطة.!!! وإذا حالفه الحظ فسيحاكم على هذا الأساس أمام محاكم أقل ما يقال فيها أنها خاضعة كلياً لقرارات السلطة السياسية. ولا تتمتع بأي قدر من الاستقلالية القضائية, هذا إذا افترضنا الكفاءة والنزاهة. وقد لا يمثل أبداً أمام أية محكمة حتى لو كانت من هذا النوع الصوري.
هذه كانت وما زالت حال الكثيرين ممن سقطوا في فخ "الخيانة والتآمر" من أمثال ميشيل كيلو ورفاقه السابقين واللاحقين والذين نأمل دون أن نجزم أن عام 2006 قد اختتم بآخر المعتقلين من القياديين في إعلان دمشق وهما المير والشيخ آلي, فما زال بعد بضعة أيام لنهاية العام لا ندري مالذي ستفاجئنا به سلطتنا الوطنية جداً من هدايا كتعبير عن وطنيتها وسماحتها. فقد تطول قائمة أسماء الذين تجاوزوا حدود اللياقة الوطنية, وحاولوا ابتكار نوع آخر مختلف من عروض الموضة السياسة التي يجري تقديمها على مسرح شعبي لا تمتلك السلطة فيه أية أسهم, وبالتالي فإن عائدات هذا المسرح والعروض التي تقام عليه لا بد وأن تعود للشعب وليس للسلطة. وباعتبار أن السلطة ,كما أسلفنا, هي سيدة الوطن والشعب, فإن هذا التصرف من قبل أولئك لا شك خيانة ما بعدها خيانة, ومؤامرة خطيرة على الشعب والوطن و....... السلطة؟؟؟
فهل بعد من يتساءل ويتعجب لقضاء أولئك "الخونة والمتآمرين" ما أمكن من بقية أعمارهم في السجون؟؟
رحم الله الكاتب المبدع والفذ محمد الماغوط حين صرخ بأعلى صوته "سأخون وطني". ولم يكتف بصرخته تلك بل دونها في كتاب ونشرها على الملأ, لتكون وثيقة يتشرف بها وطنه على الدوام.
ولأن المعايير اليوم قد انقلبت, فمن المشـرِّف لي ولأي مواطن الآن أن يكون خائناً ومتآمراً. ومن هذا المنطلق فإنني أدعوا الجميع أن يضربوا بقوة على جدران السلطة التي عزلت نفسها ونصرخ جميعاً معلنين مع محمد الماغوط على الملأ "إننا خونة" حتى تستوي المعايير وتعود السلطة للشعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشييع الرئيس ابراهيم رئيسي بعد مقتله في حادث تحطم مروحية | ا


.. الضفة الغربية تشتعل.. مقتل 7 فلسطينيين بنيران الجيش الإسرائي




.. هل ستتمكن إيران من ملئ الفراغ الرئاسي ؟ وما هي توجهاتها بعد


.. إل جي إلكترونيكس تطلق حملة Life’s Good لتقديم أجهزة عصرية في




.. ما -إعلان نيروبي-؟ وهل يحل أزمة السودان؟