الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كنتَ أنتَ .. يا أنسي الحاج؟

أزهار أحمد

2006 / 12 / 30
الادب والفن


المرة الأولى:
قبل عام أو أقل قليلاً أو أكثر قليلاً، وفي لحظة خروجي من المنزل إلى العمل رأيتُ شخصاً، استوقفني لثوانٍ وهو يخرج من البيت المقابل لنا، كان قريباً مني. رؤية ذلك الشخص شغلت بالي طوال ثلاثين دقيقة وأنا في طريقي إلى العمل، هل كان أنسي الحاج؟ ماذا يفعل هنا؟ ربما هي خيالات. لم أنس أبداً.

المرة الثانية:
بعد يومين وفي تمام الساعة الخامسة مساءً كنت في طريقي إلى البقَّالة، رأيتُ الشخص نفسه يخرج من البيت المقابل بهدوء، ويفتح بهدوء باب سيارة صغيرة لونها رصاصي، يرتدي بذلة سوداء ورأسه إلى الأرض، اندهشت وقلت ربما يُخيِّل لي.

المرة الثالثة:
ذهبتُ مع صديقاتي إلى مقهى "كارجين" في مجمع الحارثي التجاري، وكم كانت دهشتي عظيمة عندما رأيته، لم أقل لهن، كان يجلس في طاولة بعيدة ويقرأ الصحيفة. بعد دقائق جاء رجل وجلس معه وتوقفت عن التلصص، قلت في نفسي لابد أنَّ عظمته في قلبي كشاعر هي من جعلتني أتخيله، ربما هو شخص يشبهه قليلاً وأنا طابقته به لرغبتي في لقائه.

المرة الرابعة:
أيضاً صادفته يخرج ويركب سيارته في الوقت نفسه، وأدركت أنَّ من أراه ليس إلا أنسي الحاج، وقررت أنْ أستوقفه في المرة المقبلة وأتحدث معه.
خلال ذلك فتحت الإنترنت وكتبت اسمه في الجوجل وقلت سأتقصى أخباره وأتأكد من صورته، قد يكون هاجر من لبنان إلينا، وقد يكون شخصاً يشبهه، وبالفعل تأكدت من صورته ومن انحناءة الرأس والوقار والقدسية والنظرة الصارمة.

المرة الخامسة:
في مقهى كارجين ذاته وعلى نفس الطاولة، تكرر المشهد أكثر من خمس مرات أخرى إما صباحاً أو مساءً، وفي كل مرة كنت أنعم النظر حتى لاحظني، فأشحت بوجهي وغلبني الخجل، بالرغم من أنني كنت أدفع نفسي دفعاً لكي أقوم وأسأله، إنْ كان هو أنسي الحاج أم لا، ولا أدري ما الذي كان يمنعني.

تكررت لقاءاتي به كثيراً ولفترة طويلة، ولم أتجرأ خلالها على سؤاله أو حتى الاقتراب منه. ماذا سيحدث لو كان شخصاً آخر؟ أو ماذا سيحدث لو أنه هو وأنا ذاهبة إليه عن طريق الشك؟ كل الاحتمالات محرجة، كل شيء يقول إنه هو أنسي الحاج، أسلوبه في المشي، طريقته في الإمساك بالجريدة، ابتسامته الضيقة جداً، نظارته ذات الإطار الأسود.
لكن لماذا أتى إلى هنا بالذات، إلى مكان لا يتوقع وجوده فيه، ولو كان هو أنسي الحاج لانهال عليه البشر في أي مكان يكون وكتبت عنه الجرائد واستضافته الأندية الثقافية .. يا الهي يجب أنْ أعرف الحقيقة، يجب أنْ أسأله كيف جاءته عبارة: (جميلة كمعصية) تمنيت لو أجلس إلى جانبه وأقرأ:
أيُّ صلاةٍ تُنجي؟
كلُّ صلاةٍ تُنَجي!
والرغبة صلاةُ دمِ الروح
الرغبة وجه الله فوق مجهولَين
ونداءُ المجهولِ أن يُعطى ويظلّ مجهولاً
الرغبةُ نداءُ الفريسة للفريسة
نداءُ الصيّاد للصيّاد
نداءُ الجلاّد للجلاّد
الرغبةُ صلاةُ دمِ الروح
فَرَسُها الفرسُ المجنّحة
وجناحاها
جناحا خلاصٍ في قبضة اليد.

تمنيتُ لو كان هو حقاً، لأحظى بضوءٍ مختلف في ذاكرتي يبقى فيها، ينيرها دائماً، لذا فكرت مرة أنْ أذهب إلى البيت ذاته وأسأل عن الرجل الذي يخرج منه أو أقول لهم: هل أنسي الحاج لديكم؟ ومرة أخرى أبعدت الموضوع عن ذاكرتي فماذا لو كان حضوره سرِّياً أو لعمل خاص أو أو أو؟ .
الآن وبعد هذه الفترة الطويلة ما زال ذلك الشخص عالقا برأسي، إنْ كان هو فأنا في قمة الفرح لأنني صادفته ورأيته، وإنْ لم يكن هو فلا يمكن أنْ يتشابه الناس لهذه الدرجة إذا لم يكونوا تواءم.
الأمل الآن مُعلقٌ بأنسي الحاج ... ... ...
فهل كنت أنتَ يا أنسي الحاج؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب


.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج




.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت


.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال




.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب