الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الليبرالية في مواجهة الأصولية
خيري فرجاني
2024 / 10 / 27مواضيع وابحاث سياسية
ثمة اشكالية حقيقية تواجه الفكر العربي المعاصر، خاصة في مجال المصطلحات المتعلقة ببعض الموضوعات الهامة مثل: "التنوير، والعصرنة، والعلمانية، والليبرالية، ونظرا للابتعاد عن المنهج الصحيح في التعامل مع المصطلحات، تأثرت عدة مصطلحات بتشوهات وخرج البعض الآخر عن نطاق مدلولها الصحيح، وحدث كثير من الخلل والخلط بين المصطلح ومفهومه. لا سيما، في المصطلحات المنقولة عن الغرب، أو المتنازع عليها بين الفكر الغربي المعاصر والفكر الأصولي المتمثل في جماعات الإسلام السياسي، أو بمعنى أدق الجماعات السياسية الإرهابية المتأسلمة. إذ يحاول، الأصوليون أن يصوروا أن الليبرالية هي تنحية للدين، وحرية تصل إلى حد الإنحلال الأخلاقي والمجون، أو أن تكون هناك نوادي للعراة، أو اختلاط بين النساء والرجال دون أدنى ضابط. أي، تحلل تام من كل قيد ديني أو أخلاقي.
إذن السؤال الحاكم هنا.. ما معنى الليبرالية، وهل صحيح أن الليبراليين أعداء لكل عقيدة أيا كانت، وأن التحرر معناه الحرية الجنسية، وأن حياة الليبراليين هي حفلات مجون وجنس جماعي، الواقع أن هؤلاء الأصوليون لا يدركون حقيقة الليبرالية لأنهم لا يرون إلا الجانب الجنسي منها، نظرا للهوس الجنسي الناتج من الثقافة القمعية الآتية من دول متصحرة، وحيث ان رجال الدين لا يتحدثون إلا عن الجنس بشكل غير طبيعي، وبشكل منفر. وليس صحيحا على الإطلاق أن الليبرالية هي تنحية للدين، أو تجرد من الملبس، أو إنحلال اخلاقي.
فالليبرالية تأتي من كلمة ليبرالي"liberal"، وهي مشتقة من كلمة"liber"، اللاتينية، والتي تعني حر، والمصطلح يشير إلى معاني مثل: التحرر، والديمقراطية، أو الأفراد الأحرار..إلخ. وإصطلاح الليبرالية نفسه "liberalism" يشير إلى توجه فكري أو سياسي أو إقتصادي يقوم على أساس الحرية، فالحرية إذن: هي القيمة الأسمى في هذه الإيديولوجية.، ومعني الحرية كما جاء في دائرة معارف القرن العشرين، أن الناس يولدون أحرارا ويجب أن يبقوا أحرارا فكل انسان حر في عمله واعتقاده الا فيما حدده القانون من الاعمال التي لايجب اقترافها.
توقف الطهطاوى أمام كلمة (Libre) فترجمها بمعنى "حر" واشتق منها "حرية."
وفى قاموس أكسفورد: ليبرالى تعنى متفتح الذهن، عقلانى، غير متعصب، منحاز للديمقراطية، يرفض المسلك البربرى. فيما يرى الدكتور مراد وهبة: أن الليبرالية تعني الحرية وهي أساس التقدم، وتعارض السلطة المطلقة سواء أكانت دنيوية أم دينية. ومن ثم، فإن الليبرالية تهدف إلى وضع قيود على سلطات الهيئة الحاكمة، وإحترام الحريات الفردية، والفكرية، وسيادة القانون. فالمجتمع الليبرالي الحر تكون السيادة فيه للقانون، الذي يحمي حرية وحقوق الأفراد، والأفراد في المجتمع يحترمون القانون ولا يخضعون لسلطة أي فرد من أفراد الهيئة أو السلطة الحاكمة.
نخلص من ذلك، أن هناك ثلاث مبادئ رئيسة هي: سيادة القانون، الحرية الفردية، تقييد نفوذ السلطة الحاكمة. وهذا يعني تقييد فرصة أن تطغى الحكومة، أو أن تقمع حريات الأفراد، أو أن تفرض حكم ديكتاتوري فردي، أو أن تتعدى على حرية أو حقوق أي فرد، فالسيادة هنا ليست لها وإنما للقانون. وهذا القانون تم سنه وتشريعه من أجل حماية حقوق وحريات الأفراد. هذا، وتتعدد الإتجاهات الليبرالية كالليبرالية الإقتصادية، والليبرالية السياسية، والليبرالية الثقافية. لكن يبقى الأساس الرئيس الحاكم لكل هذه الاتجاهات هو الحرية. فأساس الإيديولجية الليبرالية هو الحرية، فهي شئ مقدس وحق طبيعي لكل إنسان وأي محاولة لسلب الإنسان حريته فهي غير مقبولة فكل إنسان حر مادام لا يتسبب في ضرر أو أذى الآخرين.
والحرية بصفة عامة وحرية الاعتقاد بصفة خاصة، هي أساس رئيس نصت عليه الأديان، فـكل انسان حر في إختيار عقيدته وأفكاره ولا أحد يملك الحق في التحكم فيه، حيث ان حرية الإعتقاد ليست خاصة بالليبرالية وحدها. لكن، لَم تسلم الأديان من عبث أيادي البشر بها، ليس لاختلاف الرؤى حول تشريعاتها ومضامينها فحسب، بل العبث بأهدافها الأساسية وتحوير مقاصدها عن نهجها الصحيح. حيث ان سطوة الأديان، أو سطوة رجال الدين تطول الحرية الفردية وتكاد تطوقها، دون النظر إلى القاعدة الهامة والرئيسة في حرية الاعتقاد.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. أكثر من 30 شهيدا إثر القصف والغارات الإسرائيلية المتواصلة عل
.. باتشوكا المكسيكي يحقق مفاجأة ويفوز على بوتافوغو البرازيلي
.. أبرز ما تناوله الإعلام الإسرائيلي بشأن التطورات في سوريا ومح
.. سوريا.. فلسطيني ينجو من سجون بشار الأسد بعد 42 عاما
.. مقتل أحد المصابين في عملية إطلاق النار جنوب القدس واقتحامات