الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمعات المفككة

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2024 / 10 / 27
القضية الفلسطينية


تظهر مشاهد القتل و الدمار و النزوح و فقدان و سائل العيش من غداء و شراب و كساء وعناية صحية و تربية و تعليم ، حقيقة المجتمعات المفككة ، و شبه الدولة و شبه الوطن ، ليس في لبنان و فلسطين فقط و إنما في غالبية البلدان العربية أيضا ، حيث كنا نعتقد أنه تكوّن فيها ، بعد رحيل المستعمرين عنها ، مجتمع و طني و دولة وطنية . و لكن إذا استثنينا الجزائريين الذين حازوا على استقلال بلادهم بعد حرب تحرير طويلة و دامية ، فإننا نستطيع القول أن الاستعمار منح على الأرجح ، هذه البلدان استقلالا مشروطا أو ملغّما إذا جاز التعبير ، و أن السلطات التي ورثت الحكم عن المستعمر أرتبطت به بعلاقات أبقت الاستقلال غير مكتمل ، نجم عنه استمرار حضوره في سياسة الحكم و في إدارة الشؤون العامة . فكان طبيعيا ألا يتكون مجتمع و طني متضامن في ظل سلطة غير وطنية ، ليس بالضرورة عن وعي أو عن قصد ، و لكن أحيانا عن جهل و سذاجة أيضا .
و لا شك بهذا الصدد أن شبه الدولة و المجتمع المفكك في لبنان يمثلان انعكاسا بالغ الدلالة على المأزق الوجودي الذي يوصل إليه استمرار تأثير الاستعمار و تغلغله في مختلف الجماعات السكانية المتعايشة في البلاد التي نالت استقلالها الشكلي من المستعمر ، كما لو أن الاستقلال مكافأة أو ترقية من السيد صاحب الملك و ليس استعادة لملكية غير شرعية .
لا نجازف بالكلام أن هذا كله يتجلى في لبنان الذي أعلن عن استقلاله في سنة 1943 ، و اعترفت فرنسا ، الدولة المستعمرة آنذاك ،بهذا الاستقلال في سنة 1944 ، الذي اكتمل في 1946 بجلاء القوات الفرنسية عن البلاد . فالذين أعلنوا عن الاستقلال هم وجهاء الطوائف الذين اوكلت إليهم سلطات الانتداب الفرنسي ممارسة الحكم تحت وصايتها ، و استمروا فيها بعد الجلاء ، حيث توارثوه جيلا بعد جيل حتى سنوات السبعين من القرن الماضي ، حيث تلاشت شبه الدولة كما هو معروف إلى حد بعيد !
أما إذا حاولنا ان نشرح بشكل تبسيطي آليات ممارسة السلطة في المجتمع المفكك من خلال النموذج اللبناني فيمكننا القول أنها قائمة على مبدئين أساسيين :
1 ـ اعتماد المحاصصة بين زعماء الطوائف ،على كافة الأصعدة الإدارية و الأمنية و القضائية والداخلية ، محل مشاركة كل مواطن في الاجتهاد و الحوار للتوصل إلى رسم سياسة وطنية تصون الحقوق و تحدد الواجبات على أساس المساواة بين المواطنين دون الأخذ بعين الاعتبار ، انتماءهم الديني الطائفي و القبلي و الجهوي .
2 ـ أما في في موضوع العلاقات الخارجية ، على المستوى الإقليمي و الدولي ، فإن زعماء الطوائف يتحركون كما لو انهم ممثلون لكيانات دولية قائمة بذاتها ، بحرية تكاد أن تكون مطلقة و تحت حماية حصانة دينية "متفجرة " يٌحذّر من المس بها ،
مجمل القول أن المجتمع المفكك دائم الاضطراب ، المجتمع اللبناني نموذجا و هو ليس فريدا في بلاد الشام و العراق على وجه الخصوص . حيث أن السكان منقسمون بين الولاء للحكم و معاداته ، دون أن يحسب حسابا للمصلحة الوطنية العامة . خذ إليك على سبيل المثال اللبنانيين ، حيث تنابذوا و اقتتلوا في سنة 1958 ، فريق باسم القومية العربية و آخر دفاعا عن القومية اللبنانية ، ثم احتربوا من جديد في سنوات 1970 بين إصلاحيين للنظام و مناصرين لحركة التحرير الفلسطيني من جهة و بين انعزاليين و محافظين من جهة ثانية ، و تواصل هذا الاحتراب في سنوات 1980 بإشراف الإسرائيليين الذين احتلوا البلاد من أجل " طرد " فصائل منظمة التحرير الفلسطينية و محو مخيمات اللاجئين الفلسطينيين . من المعلوم أن المعارك تتابعت ضد المقاومة اللبنانية ثم بعد ذلك ، ضد المقاومة الإسلامية .لا بد من التذكير هنا بأن العامل الثابت في كل هذه الحروب و المعارك ، هو الدور الفاعل للدول الغربية الأساسية ، على رأسها الولايات المتحدة الأميركية ، في إيقادها على الدوام على الساحة اللبنانية ، ثم في المساعدة على تمددها في مرحلة ثانية في الهشيم الإقليمي استباقا للمعمعة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عراقجي: متسابق الدراجات الفرنسي المفقود منذ يونيو معتقل في إ


.. بعد 14 شهر على سقوطها، طاحونة مولان روج تدور مجددا




.. روسيا تطرح مقاربة جديدة لأوكرانيا.. هل يتبناها ترامب؟ | #غرف


.. شاهد | إسرائيل تهدم منازل قصفتها صواريخ إيرانية




.. تايوان تجري تدريبات عسكرية وسط توترات صينية