الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر. محمد الماغوط

عايد سعيد السراج

2024 / 10 / 31
الادب والفن


وداعاً أيها الشاعر الكبير ، محمد الماغوط .
عندما تحاول الكتابة عن رحيل أديب كبير مثل محمد الماغوط , تصغر بين يديك الأحرف , فالكاتب الذي أخجل السجون قبل أن يُخجل الأنظمة , وشًّرفَ السجون قبل أن يحتقر الأنظمة , هذا الإنسان الذي عاش إنساناً حقيقياً , سلاحه الحق , وقوله الحقيقة ,والذي لم تستطع الأنظمة الاستبدادية شراء ضميره , واستمر قلمه يكتب بالبساطة نفسها التي عاشها , فكان ( بسيطاً كالماء واضحاً كطلقة مسدس) علما انه لا يحب المسدسات ولا حملة المسدسات من أزلام اليانكي الصغير ، فالذي عَرَضَ الوضع السوري والعربي بمسرحياته العظيمة مثل – غربة – كاسك يا وطن , شقائق النعمان وغيرها , التي جعلت مهرجا سلطويا ً (مثل دريد لحام ) يصبح ثرياً قبل أن يصبح نجما ً , لأن الأعمال العظيمة والكبيرة تحتاج إلى موصل لها إلى الشعب فليكن الوصول إلى الناس عبر " أمَّعَة " سلطة - دريد لحام ويستمر الكبير محمد الماغوط – يعيش غربته وفقره , ولكن يعيش فضاءاته الأبدية , إذ أن أكثر شيء كان مخلصا ً له هو " الدخان " حتى عندما بدأت صحته تخونه، و هو القائل الحياة بسيطة وجميلة وعميقة ببساطتها لأنَّ حسب رأيه (كل الذين يطرحون الأسئلة الكبيرة على الحياة هم دجالون) كيف لا وبيته في السلمية بسيط ومتواضع يتألف من غرفتين قديمتين , وباب خشبي مهترىء , ليس السلمية فقط التي مشت بجنازته بل جميع القرى المحيطة بها , وشعب هائل من مدينة حمص , ومدينة حماه , فما بالك بالمعزين من كل المحافظات السورية بل وبلدان عربية , وكانت الجنازة عرساً حيث اختلطت الزغاريد بالأرز وبالدموع , استقبلت السلمية إنسانها وشاعرها - محمد الماغوط - بالحب الذي يليق به وبالكرم الذي يكرمه الشعب لكل أرباب الحرية وأعداء الطغاة , هؤلاء الطغاة الذين يهزمهم دائماً الحبر النقي والقلم الجريء , إذ يحضرني الموقف العظيم للشاعر " كرماني " الذي دفع حياته ثمناً لكلمة حق تقال أمام سلطان جائر , إذا قال له الطاغية بعد أن فتح بلداناً كثيرة , وداست حوافر خيله فوق جماجم الشعوب التي تم احتلالها , قال له : الطاغية ممازحا ً ( بعد أن فتحت هذه البلدان الواسعة , بكم تشتريني يا كرماني , قال له كرماني : بإثنيْ عشر ديناراً , قال الطاغية : ويحك إن ثمن نطاقي الذهبي , إثنا عشر ديناراً – قال الشاعر : إنما قصدت نطاقك لأنك لا تسوى فلساً واحداً ) كما ذكر الروائي – حنا مينه - في مقدمة أحد كتبه – فأمر الطاغية – بقتل الشاعر

- أما مرتزقة الأنظمة فلا يقولوا إلا ما يمليه عليهم سيدهم الجاهل لُيزينوا وجهه القبيح , مرةَ َ دعيت إلى أمسية أدبية في مدينة السلمية ( لدى المنتدى الثقافي لرابحة ونوس ) ورابحة ونوس هي إنسانة " مقعدة "أي لا تستطيع السير , استطاعت أن تبني صداقة ثقافية مع مثقفي السلمية وغيرها ومنتداها هذا يضم خيرة الأدباء والمثقفين بالسلمية هذه السلمية العظيمة التي ليست مملؤة بالثقافة والحيوية فقط بل بالحياة أيضاً , ورغم الظروف القاسية جداً التي تعانيها المرحومة " رابحة ونوس " إذ أن جسدها لا يسمح لها بالعمل , وظروف البيت التي يحيط بها الفقر من كل جانب واستدعاءات " المخابرات " لا تترك لها مجالا ورغم ذلك هي التي تنشط ثقافيا ً وأدبياً , وتضحك أيضاً , وتحب محمد الماغوط كثيراً لأنها تعتبره معلمها وملهمها القوة فسلاماً محمد الماغوط , سلاماً أيها الراحل الباقي فلولا جائزة " سلطان العويس " للآدب لم تحاول أن تبني بيتا ً بدلاً من بيتك القديم المهتريء الذي لم تسكنه بعد - لأنك لاترضى المّنة حتى لو كانت جائزة تستحقها ولتعري مرة أخرى أرباب المال والسلطان لأن قصرك هو التراب العظيم ومداك لانهائي الكون أنت الذي تقول : ( يا وردة الجليد والغبار !
ثمة جوع منسي في أفواهنا
ثمة أثداء منسية في صدورنا
أكره البغايا كما أكره السل
* * *
ليكن وجهي أصفر كوجوه الموتى
فوق ظهري شجرة من الأصابع
شجرة من النار
هذه شهوتي
سأبعثرها بقدمي
* * *
يا أهلي يا شعبي
يا من أطلقـتموني كالرصاصة خارج العالم
الجوع ينبض في أحشائي كالجنين)
توفي الشاعر الكبير محمد الماغوط . بتاريخ يوم الإثنين
.الثالث من من أبريل / نيسان . عام 2006 م بعد
معاناة طويلة مع المرض .
كتبت. هذه المقالة بعد أيام من وفات الشاعر محمد الماغوط…ونشرت في حينها بعدة .مواقع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #شاهد بريطاني ينتقد تبنّي الإعلام الغربي الرواية الإسرائيلي


.. مهرجان الجونة السينمائي: دورة جديدة تحت عنوان التشابك والإبد




.. الفنان عمرو الجزار : إسماعيل الليثى نزل الشغل علشان فرقته ب


.. طرح إعلان فيلم إن كاميرا لأمير المصري بعد مشاركته بمهرجان ال




.. بلا قيود يستضيف الروائية والأديبة المصرية ميرال الطحاوي