الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات الأمريكية القادمة مفترق طرق ( 1 )

آدم الحسن

2024 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


أيام قليلة تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية القادمة في امريكا , نتيجة هذه الانتخابات ستجعل ليس امريكا فحسب بل الوضع على الساحة الدولية ايضا يمر عبر مفترق طرق لاتجاهين مختلفين , فمن المؤكد أن هذه الانتخابات ليس كسابقاتها من الانتخابات الرئاسية في امريكا إذ انها ستشكل مرحلة مفصلية هامة بين نهجين متباينين بقدر لم تشهده امريكا في أي انتخابات رئاسية سابقة و ستكون لنتائجها تأثيرات متباينة على الصراعات و الحروب الجارية حاليا في مناطق مختلفة من العالم و خصوصا على الحرب الروسية الأوكرانية .
الشعب الاوكراني ينتظر نتائج انتخابات امريكا على احر من الجمر عسى أن تؤدي نتائج هذه الانتخابات صعود الرئيس الأمريكي السابق ترامب من جديد لكرسي الرئاسة الأمريكية و يفي بوعده بوقف الحرب الدموية في بلدهم , هذه الحرب التي ليس للشعب الاوكراني اية مصلحة في استمرارها , بعكس حكام اوكرانيا الحاليين و على رأسهم الرئيس زيلينسكي , فهؤلاء الحكام يتمنون بقاء اتباع الرئيس الامريكي بايدن في السلطة و ذلك بفوز خليفته كامالا هاريس في الانتخابات رغم أن فوزها سيؤدي الى استمرار هذه الحرب التي ستضع اوكرانيا امام مصير و مستقبل مجهول .
اصبح واضحا أن صعود ترامب مرة اخرى للسلطة سيؤسس لبداية حقيقية لنهاية الحرب في اوكرانيا و يجنب العالم مخاطر حقيقية لدمار نووي شامل يهدد العالم اجمع دون أي استثناء اذا ما انزلق الناتو اكثر في حربه و مواجهته لروسيا على الأرض الاوكرانية , أما فوز المرشحة عن الحزب الديمقراطي كامالا هاريس فسيؤدي الى صب المزيد من الزيت على نار الحرب الروسية الأوكرانية و قد يقود استمرار هذه الحرب الى تفكك الدولة الأوكرانية و لربما اختفائها من الخارطة السياسية بعد تحولها الى اجزاء يتم ابتلاعها من قبل الدول المحيطة بها , فليست روسيا فقط التي تطالب بأراضي في اوكرانيا و تعتبرها تاريخيا اراضي روسية بل ايضا لبولندا و هنغاريا أهداف مماثلة .
من المعروف أن الدولة العميقة في أمريكا هي التي تحرك التيارات اليمينية و الراديكالية الأمريكية لخدمة مصالح اللوبيات التي تشكل أركان هذه الدولة , فمرة نجد هذه الدولة العميقة تدعم الاتجاهات السياسية اليمينية المحافظة و تجعلها ممثلا لها و مرة اخرى نجدها تدعم الاتجاهات الراديكالية , لكن يبدو أن فعالية هذه الدولة العميقة قد تعطلت و اصبحت لا تملك القدرة على تحديد السمات العامة لمسارات السياسة الأمريكية و برامجها في الداخل الأمريكي او في الشأن الدولي بسبب امتداد الصراع لداخل مكونات الدولة الأمريكية كافة بضمنها العميقة منها .
لقد كان خروج الرؤساء الأمريكان عن ارادة الدولة العميقة في أمريكا أمرا غير ممكن اما الان فإن دولة امريكا العميقة تعاني من التفكك و الضعف و صارت التيارات الشعبوية قادرة على الخروج عن ارادتها و سيطرتها و التخلص من قبضتها امرا ممكننا و ضروريا ايضا و الرئيس ترامب هو احد رموز هذه التيارات .
من المؤكد أن محاكمة ترامب في عشرات القضايا المرفوعة ضده هي دليل قاطع على أنه الرئيس الأمريكي الوحيد في تاريخ امريكا غير مدعوم من قبل دولة امريكا العميقة و انه يمثل النشاط الشعبوي الذي اخذ يتنامى بسرعة تحت شعار " امريكا أولا " و الذي سيؤدي في نهاية المطاف الى انحسار الامبراطورية الأمريكية و تحولها الى دولة تحد نفسها ضمن متطلباتها الوطنية و تكف عن سعيها لتصدير نموذجها الأخلاقي و الاجتماعي و فرضه على الشعوب الأخرى .
يمكن معرفة اهم التباين بين توجهات ترامب و منافسته كامالا هاريس من خلال تناول , بشكل مختصر , بعض مواقف و مخاوف الاطراف الدولية و اهمها :
اولا : تخوف حكومات معظم دول الاتحاد الأوربي باستثناء عدد قليل منها كحكومتي هنغاريا و سلوفاكيا من صعود ترامب لكرسي الرئاسة من جديد لأسباب عديدة اهمها :
** توجهات ترامب الداعية الى شعار " امريكا اولا " ستؤدي الى ضعف في العلاقة الاقتصادية بين دول الاتحاد الأوربي و امريكا , فترامب يرى أن هذه العلاقة غير عادلة حاليا و تصب في مصلحة دول الاتحاد الأوربي على حساب المصلحة الامريكية إذ من المتوقع أن تتخذ ادارة ترامب في حالة فوزه بكرسي رئاسة امريكا إجراءات لتصحيح العلاقة التجارية الأمريكية الأوربية منها فرض قدر معين من الرسوم الجمركية على السلع الأوربية الداخلة للسوق الأمريكية لإعادة التوازن لهذه العلاقة .
** اوضح ترامب اكثر من مرة انه سوف لن يعطي حلف الناتو الدعم الغير ضروري الذي يحصل عليه هذا الحلف حاليا من ادارة الحزب الديمقراطي و يرى وجود تناقض بين هذا الدعم و مصالح أمريكا الاقتصادية إذ ليس من واجب امريكا حماية دول اوربا بالمجان , حيث أكد أكثر من مرة انه اذا كانت الدول الأوربية بحاجة حقيقية للحماية الأمريكية فعليها دفع ثمن هذه الحماية للخزانة الأمريكية .
** يرى ترامب أن سياسة حلف الناتو الحالية تعتمد على وجود عدو افتراضي يهدد الغرب الذي هو روسيا , و إن استراتيجية هذا الحلف هي ليس ردع روسيا من خلال حروب هجينة دون الدخول بحرب مباشرة معها فحسب بل العمل ايضا على انزال هزيمة استراتيجية بروسيا الاتحادية تؤدي الى تفككها و تحولها الى دويلات متناحرة و هذا يعني المزيد من الإنفاق العسكري لتغطية نفقات مرحلة جديدة لسباق تسلح نووي في غاية الخطورة بين القوى العسكرية العظمى و مخاطر هذا السباق تتمثل في احتمالية وصول العالم الى حافة الهاوية النووية .
ثانيا : تفضل الصين استمرار الحزب الديمقراطي في حكم امريكا , فهذا الحزب يعتبر أن العدو أو المنافس الأول لأمريكا هو روسيا بعكس الحزب الجمهوري الذي يرى أن العملاق الاقتصادي و العلمي و التكنولوجي الصيني الصاعد هو الخطر الاول الذي يهدد المصالح الأمريكية و هيمنتها على العالم أما روسيا فتأتي في المرتبة الثانية من هذا الخطر .
ثالثا : تخشى حكومة زيلنسكي في اوكرانيا من فوز ترامب بسبب أن ترامب قد وعد في حملته الانتخابية بوقف كل المساعدات لأوكرانيا و هذا يعني نهاية حتمية لهذه الحكومة و نهاية سريعة للحرب الروسية الأوكرانية و خروج روسيا منتصرة من هذه الحرب .
رابعا : تخشى حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل من فوز كامالا هاريس التي قد تدعم مشروع حل الدولتين , هذا المشروع الذي سيكتب نهاية للصهيونية الدينية و يعزز اهداف الصهيونية السياسية في اقامة دولة لليهود عندها القدرة على العيش ضمن الوسط العربي و الإسلامي من خلال دعم امريكي غير محدود .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوري بريف دير الزور يستخرج ا?لفي كتاب دفنها خوفا من نظام الا


.. مظاهرة تدعو لوقف جراي?م الاحتلال وتندد باستمرار حرب غزة




.. بدء مفاوضات الدوحة لوقف إطلاق النار في غزة وترامب يتحدث عن -


.. كاسياس يتحدث بصراحة عن كريستيانو رونالدو | #الصباح




.. قتلى وعشرات المفقودين إثر فيضانات عارمة في تكساس