الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفشل السياسي للتركمان لا يعكس نقصاً في الكفاءة

ديار الهرمزي

2024 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


الفكرة بأن التركمان آخر من يفقه السياسة وفنونها ولا يزالون في سبات سياسي تعكس قلقاً عميقاً حول غياب الفعالية السياسية لدى التركمان رغم تواجدهم التاريخي والديموغرافي المهم. يمكن تحليل هذا الوضع بشكل تفصيلي وفق عدة محاور رئيسية:

التهميش التاريخي والسياسي

التجاهل المستمر:
على مدار التاريخ عانى التركمان من تهميش سياسي في معظم دول الشرق الأوسط حيث لم يكن لهم تمثيل كافٍ في الهيئات السياسية أو مواقع اتخاذ القرار.

هذا التهميش جعلهم يعانون من فقدان قوة التأثير في صنع القرارات الوطنية وأدى إلى ضعف ارتباطهم بالعملية السياسية ككل.

الإقصاء المتعمد:
بعض القوى السياسية عمدت إلى إقصاء التركمان عن المشاركة السياسية سواءً لأسباب طائفية أو عرقية مما زاد من إحساسهم بعدم الانتماء إلى النظام السياسي المحلي.

هذا الإقصاء أثر في نفسية الأجيال وقلل من ثقتهم في قدرتهم على إحداث تغيير حقيقي.

الافتقار إلى الوعي السياسي والثقافي

قلة التعليم السياسي:
قلة التعليم السياسي وعدم وجود منهجيات واضحة لنقل المعرفة السياسية من جيل إلى آخر جعل التركمان أقل وعياً بالتكتيكات السياسية وأسسها.

الوعي السياسي يأتي من التجارب السابقة والتربية المدنية وهو ما لم يكن متاحاً بالشكل الكافي للتركمان.

التركيز على القضايا الاجتماعية والدينية:
التركيز الزائد على قضايا اجتماعية أو دينية دون التركيز على القضايا السياسية زاد من ضعف الثقافة السياسية لدى التركمان.

فقد كانوا في الغالب مهتمين بقضايا اجتماعية داخلية، مما جعلهم بمعزل عن النقاشات السياسية الكبرى التي تؤثر على مستقبلهم.

نقص في القيادات السياسية الكفوءة

ندرة القادة المتمرسين:
القيادة السياسية تحتاج إلى أشخاص ذوي خبرة وفهم عميق في فنون السياسة والتفاوض وأحياناً يفتقر التركمان إلى قيادات تمتلك هذه الخبرة في ساحات السياسة الكبرى.

غياب القيادات الكفوءة والمتمرسة جعلهم يفتقرون إلى الصوت القوي الذي يستطيع أن يمثل قضاياهم بفعالية.

تردد القيادات في اتخاذ القرارات الجريئة:
القيادة السياسية تحتاج إلى شجاعة وجرأة في اتخاذ قرارات قد تكون صعبة، لكن التردد في مواجهة القضايا السياسية العالقة أدى إلى تراجع التركمان سياسيًا مقارنة بالمجموعات الأخرى.

الاعتماد على الآخرين وصراعات النفوذ

الاتكالية السياسية:
الاعتماد على دعم قوى سياسية أخرى وعدم الاستقلالية في اتخاذ القرارات السياسية جعلهم في حالة من التبعية حيث أن البعض ربما يعتقد أن مصالحهم السياسية مضمونة من خلال التحالفات، لكن هذا الوضع يضعف من موقفهم ويجعلهم عرضة للاستغلال.

التمزق بين التيارات:
نتيجة لعوامل متعددة انقسم التركمان إلى تيارات سياسية ذات ولاءات مختلفة منها ما يرتبط بقوى داخلية أو خارجية.

هذا التمزق جعل من الصعب الاتفاق على رؤية موحدة أو استراتيجية شاملة تحقق مصلحة التركمان ككل.

غياب الاستراتيجيات طويلة المدى

الافتقار إلى رؤية سياسية شاملة:
في السياسة تحتاج المجموعات العرقية إلى استراتيجيات بعيدة المدى تركز على الأهداف الكبرى وتضمن حقوقهم السياسية والثقافية.

لكن التركمان يفتقرون إلى خطة بعيدة المدى تعالج قضاياهم المحورية وتوفر لهم منصة مستدامة للمشاركة الفعّالة.

التكيف العشوائي مع التغييرات:
عوضًا عن بناء استراتيجيات بعيدة المدى تعتمد بعض القيادات التركمانية على ردود الفعل المؤقتة تجاه الأحداث السياسية مما يجعلهم غير مستعدين للتعامل مع التحولات السياسية الكبرى في المنطقة.

ضعف في التمثيل الشعبي والمشاركة الفعالة

تباين الاهتمامات الشعبية:
عدم التواصل الجيد بين القيادات والجماهير جعل من الصعب بناء قاعدة شعبية تلتف حول هدف سياسي موحد.

التمثيل السياسي يعتمد على القدرة على جذب تأييد شعبي واسع وهذا ما لم يتم تحقيقه بشكل مؤثر لدى التركمان.

التركيز على القضايا الثانوية:
التركيز على قضايا ثانوية أو اجتماعية وتجاهل القضايا الجوهرية التي تمس مستقبل التركمان ككل جعلهم غير قادرين على تنظيم أنفسهم بشكل يعزز من تأثيرهم في الحياة السياسية.

التحديات المستقبلية وآفاق التغيير

التغيير يبدأ بالوعي:
النهضة السياسية تتطلب تعزيز الوعي السياسي بين التركمان عبر التعليم وتطوير الفكر السياسي الحديث.

يمكن تحقيق هذا عبر إطلاق برامج توعوية وإقامة ندوات ومؤتمرات وتطوير المناهج التعليمية.

تمكين الشباب:
مستقبل التركمان يعتمد على الشباب الذين لديهم طاقات وطموحات.

التركيز على تمكين الشباب وتدريبهم على القيادة وفنون السياسة سيساهم في بناء جيل قادر على النهوض بالمجتمع وتحقيق الأهداف السياسية.

توحيد الرؤية والأهداف:
الخطوة الأهم هي الوصول إلى اتفاق داخلي بين كافة التيارات والاتجاهات السياسية للتركمان حول رؤية موحدة.

الرؤية الموحدة تعزز من موقف التركمان وتجعل من الصعب تهميشهم سياسيًا.

الفشل السياسي للتركمان لا يعكس نقصاً في الكفاءة بل هو نتيجة تراكمات تاريخية ونقص في الوعي السياسي وضعف في التعليم وغياب استراتيجية واضحة.

الطريق للنهوض يبدأ ببناء ثقافة سياسية جديدة وخلق قيادة كفوءة تتمتع بالشجاعة والتركيز على تمكين الشباب وتوحيد الرؤية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرق الدفاع المدني السوري تعمل على إخماد حرائق اندلعت ليلا في


.. مقتل أسد هارب بعد مهاجمته عاملا بتركيا




.. الأطفال حديثي الولادة في قطاع غزة يواجهون كارثة إنسانية في ظ


.. لارا ترمب كنّة الرئيس الأميركي تشارك بتدريبات عسكرية بقيادة




.. تصاعد كثيف للدخان بعد نسف الاحتلال منازل في خان يونس بقطاع غ