الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ما تفاهة الشر؟/ بقلم حنة آرندت - ت: من الألمانية أكد الجبوري
أكد الجبوري
2024 / 11 / 1الادب والفن
اختيار وإعداد شعوب الجبوري - ت: من الألمانية أكد الجبوري
"الكذب المستمر ليس المقصود منه جعل الناس يصدقون الكذبة، بل التأكد من أن لا أحد يصدق أي شيء. الشعب الذي لم يعد يميز بين الحقيقة والأكاذيب لا يستطيع التمييز بين الخير والشر: شعب محروم من القدرة على التفكير". (حنة آرندت)
نص للفيلسوفة والمؤرخة وعالمة السياسة وعالمة الاجتماع والأستاذة الجامعية حنة أرندت ( 1906 - 1975)، حول أزمة المفهوم المثير للقلق "تفاهة الشر"* وتأثيره على فهمنا للأخلاق والمسؤولية.
النص؛
ظهر مفهوم حنة أرندت عن "تفاهة الشر" أثناء محاكمة أدولف أيخمان، أحد المنظمين الرئيسيين للجرائم النازية. غطت أرندت المحاكمة في القدس لمجلة نيويوركر، وشعرت بصدمة شديدة عندما رأت أيخمان، ليس كوحش استثنائي، بل كشخص عادي مطيع. بالنسبة لأرندت، الشر ليس دائمًا نتيجة للشر الفطري، بل هو الافتقار إلى التفكير النقدي والقبول الأعمى للأوامر.
تُعرّف أرندت "تفاهة الشر" بأنها قدرة الأفراد على ارتكاب أفعال فظيعة دون نية حقيقية لفعل الشر، بل بسبب عدم القدرة على مساءلة السلطة أو التفكير في أفعالهم. ووفقا لتحليله، يمثل أيخمان بيروقراطية تجرد الإنسان من إنسانيته، حيث يفوض الناس حكمهم الأخلاقي ومسؤوليتهم لصالح الطاعة التلقائية، دون التوقف للتفكير في عواقب أفعالهم.
إن تفاهة الشر تدعو إلى التشكيك في فكرة أن الأشرار فقط هم القادرون على ارتكاب الفظائع. لاحظت أرندت أن أيخمان وآخرين مثله كانوا ببساطة "يتبعون الأوامر" دون نية إلحاق ضرر مباشر. وهذا يعني أن الشر يمكن أن ينشأ من غياب المساءلة، وغياب التعاطف، والطاعة العمياء، مما يحول الأفراد العاديين إلى منفذي سياسات غير إنسانية.
يفتح هذا المفهوم أيضًا تفكيرًا عميقًا حول المسؤولية الفردية في المجتمع البيروقراطي. تشير أرندت إلى أن الافتقار إلى التفكير النقدي والحكم هو عنصر أساسي في انتشار الظلم والمعاناة الإنسانية. في النظام الشمولي، تصبح السلبية الأخلاقية أداة فعالة للشر، حيث أن الأفراد يعملون فقط كأدوات في آلة تنفذ قرارات عليا.
وتدعو أرندت الناس إلى مقاومة هذه السلبية، وممارسة قدرتهم على التفكير والتساؤل. فالتأمل، في نظرها، وسيلة لمواجهة الشر ومقاومته. عندما يفكر الناس بشكل مستقل، فإنهم يصبحون واعين لأفعالهم ويمكنهم اتخاذ القرارات بناءً على حكمهم الأخلاقي، بدلاً من الانجراف بسبب جمود النظام.
*- الكتب الموصى بها:
وللتعمق أكثر في مفهوم "تفاهة الشر"، هناك كتاب أساسي هو ("إيخمان في القدس"، 1963): دراسة في تفاهة الشر. في هذا العمل، تحلل أرندت محاكمة أدولف أيخمان وتعرض فكرتها عن كيف يمكن أن ينشأ الشر من قلة التفكير، وليس من النوايا الشريرة. إنها قراءة صعبة تسمح لك باستكشاف ليس فقط حالة أيخمان، ولكن أيضًا كيف يمكن للطاعة العمياء والبيروقراطية أن تجرد الفرد من إنسانيته.
كتاب آخر من تأليف أرندت يكمل هذا الفهم هو (المسؤولية والحكم، 2003)، حيث تستكشف التفكير الأخلاقي فيما يتعلق بالمسؤولية الفردية. في هذا النص، تتساءل أرندت كيف يمكن لنقص الحكم النقدي أن يحول الناس العاديين إلى شركاء في الشر. علاوة على ذلك، يعد كتاب أصول الشمولية عملا أساسيا لفهم السياق الاجتماعي والسياسي الذي يسمح بالتقليل من شأن الشر، موضحا كيف تشكل الأنظمة الشمولية الأفراد على أساس الطاعة العمياء واستبعاد الأخلاق في الحياة العامة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2024
المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 11/01/24
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. #شاهد بريطاني ينتقد تبنّي الإعلام الغربي الرواية الإسرائيلي
.. مهرجان الجونة السينمائي: دورة جديدة تحت عنوان التشابك والإبد
.. الفنان عمرو الجزار : إسماعيل الليثى نزل الشغل علشان فرقته ب
.. طرح إعلان فيلم إن كاميرا لأمير المصري بعد مشاركته بمهرجان ال
.. بلا قيود يستضيف الروائية والأديبة المصرية ميرال الطحاوي