الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجاني بولعوالي فاعل مدني بهولندا يتحدث عن واقع الحركة الأمازيغية بالمهجر

مصطفى عنترة

2006 / 12 / 30
مقابلات و حوارات


ـ كيف تنظرون إلى طبيعة التطورات التي عرفتها المسألة الأمازيغية بعد وفاة الحسن الثاني؟
كنت في مقالة سابقة معنونة ب(القضية الأمازيغية بين رد الاعتبار والتوظيف الأيديولوجي)، تناولت بالتفسير الملابسات العامة التي كانت وراء إقدام الحسن الثاني على التعاطي لملف القضية الأمازيغية، الذي ظل طوال ما يقارب النصف قرن طي النسيان والتغييب، وما ترتب عن ذلك من خلفيات وتداعيات، وقد شكلت تلك الخطوة، في إبانها، ما يمكن أن نطلق عليه رد الاعتبار للأمازيغية، لغة وثقافة، لكن بعيد مضي بضع سنوات على ذلك الحدث، أدركنا أن دار لقمان مازالت على حالها، وأن القضية الأمازيغية زادت تقهقرا وترديا، لأن ما كنا نراه رد اعتبار للأمازيغية لم يكن إلا توظيفا أيديولوجيا لها، وإلا فلماذا لم يف الملك بما قاله في خطاب ثورة الملك والشعب في صيف 1994، لاسيما وأن أكثر الوعود التي ترددت آنذاك (إذا ما استثنينا نشرة اللهجات)، من مثل تدريس الأمازيغية، دسترة الأمازيغية، إدماج الأمازيغية في الإعلام وغير ذلك، سوف تظل معلقة حتى بعد وفاة الحسن الثاني بحوالي سنتين، حيث سوف تشهد القضية الأمازيغية منعطفات جديدة، على عهد محمد السادس، أهمها إطلاق المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي رغم السلبيات التي سجلت عليه، فإنه سوف يشكل لا محالة طفرة نوعية في عالم القضية الأمازيغية، ثم الاعتراف بخط تيفيناغ الأمازيغي الذي يعتبر إغناء للتراث المغربي عامة، ثم تجربة تدريس اللغة الأمازيغية ومحاولة إدماجها في التعليم، ثم إدراج اللغة والثقافة الأمازيغية في الفضاء الإعلامي، وغير ذلك من المنعطفات التي يمكن اعتبارها مؤشرات على أن ثمة تطورات نوعية تشهدها القضية الأمازيغية.

ـ ما هو موقع الثقافة الأمازيغية في هولندا؟
إن الحضور الثقافي الأمازيغي في هولندا، محكوم بعنصرين هما؛ أولا: طبيعة القوانين المنظمة لمشاركة الأجانب في الحقل الثقافي العام، وهي قوانين تمنح الحرية الكافية لسائر الأقليات الموجودة على التراب الهولندي، في القيام بأنشطة فنية وفكرية وعقيدية ونحو ذلك تمت بصلة إلى ثقافتها الأصلية، بيد أن التوجه الأخير للسياسات الغربية نحو إدماج المسلمين في بوتقة الثقافة الغربية، والتي نجم عنها تقليص الاعتمادات المادية التي كانت تخصص للأنشطة الثقافية التي كان يقوم بها ذوو الأصول الأجنبية، سوف يؤثر سلبا على الحضور الثقافي الأجنبي، ومنه الأمازيغي، الذي كان مدعوما في الماضي، مما سوف يدفع العديد من الفاعلين الثقافيين إلى خلق أنشطة جديدة مدعومة ماديا، مادام أنها توازي متطلبات الدولة الهولندية، كتشجيع سياسة الاندماج، وتعميم اللغة الهولندية، ومحاربة العنف المنزلي وغير ذلك.
أما العنصر الثاني، فهو طبيعة الجالية التي تقطن الديار الهولندية، التي يعتبر شغلها الشاغل تحقيق الرخاء المادي، أما الجانب الثقافي فهي لا تؤمن به أصلا، لاسيما وأن أغلب أفرادها منحدرون من مناطق المغرب غير النافع، التي كان يعشش فيها الجهل والتخلف، الذي ظل سمة متجذرة في معظمهم، رغم احتكاكهم المباشر واليومي مع عالم جد متحضر، مما سوف يؤثر سلبا على الحضور الثقافي الأمازيغي، الذي وإن استطاع تحقيق بعض المكاسب الهامة، كتأسيس عشرات الجمعيات الأمازيغية التي تنشط في مختلف الحقول الثقافية، من فن وأدب ومسرح وفكر وتراث وغير ذلك، وإصدار العديد من الأعمال الفكرية والأدبية بلغتها الأصلية أو مترجمة إلى اللغة الهولندية، وإدخال مادة اللغة الأمازيغية في بعض الجامعات الهولندية كجامعتي لايدن وأوتريخت، واستحداث برامج إعلامية أمازيغية تذاع عبر الأثير وغير ذلك.
رغم هذه المكتسبات فإن هذا الحضور الأمازيغي يعاني من خلل عميق، وهو طغيان الطابع الفردي في العمل الثقافي، وغياب التنسيق الجماعي، الذي من شأنه أن يوحد صفوف المثقفين الأمازيغيين، ليشكلوا بذلك نوعا من الضغط على السلطات الهولندية، فيكون من السهولة بمكان تلبية بعض المطالب المطروحة من لدن النخبة الأمازيغية بهولندا، بالإضافة إلى ذلك يمكن الحديث عن لاجدية بعض الجمعيات الأمازيغية التي أسست أصلا لتلقي الدعم المادي من الدولة الهولندية، فهي مسكونة بما هو مادي لا بما هو ثقافي أو فكري، لذلك نراها تقوم بأنشطة هزيلة تفتقد الجدة وروح الإبداع، حتى تقنع الجهات الهولندية بأنها قامت بشئ ما، وهي أنشطة لاتعدو أن تكون إلا سهرات غنائية الغرض منها تهييج الجمهور وتقديم الفرجة له، وهذا في اعتقادي لا يخدم الأمازيغية في شيئ، بقدرما يمسخها!

ـ أي دور لعبته الحركة الأمازيغية في المهجر لدعم مطالب مثيلتها بشمال إفريقيا والمغرب على وجه التحديد؟
في حقيقة الأمر، إن الحركة الأمازيغية لا وجود لها إلا في إطار ضيق هو الجمعيات الثقافية والمنابر الرقمية، أما على مستوى واقع الناس فلا صدى لها يذكر أو يسمع، إلا أن هذا الحضور الجانبي للحركة الأمازيغية ساهم في زرع وعي بالهوية الأمازيغية، لدى مجموعة من المثقفين سواء من الجيل الثاني أو الثالث، الذين بدأوا يتبنون القضية الأمازيغية، ويخدمونها باللغات التي يتحدثون بها، عبر الشبكة العنكبوتية، وعبر بعض الإصدارات بالأمازيغية، وعبر بعض المعارض المصغرة للكتب والتحف واللوحات الأمازيغية وغير ذلك، مما اقتضى منها أن تنسق مع الأطراف الأمازيغية الأخرى في الوطن وفي المهاجر، وتعتبر حالة الكونغرس الأمازيغي خير شاهد على التعاون بين أمازيغ الشتات وأمازيغ الداخل، هذا التعاون الذي أعطى أكله من خلال القيام بالعديد من اللقاءات والأنشطة والمؤتمرات التي كانت فرصا لتبادل الدعم المادي والمعنوي بين أطراف الحركة الأمازيغية الموزعين عبر الوطن والمهجر.

ـ أي مستقبل للغة الأمازيغة في هولندا مع العلم أن بعض الهيئات المدنية المغربية هناك طرحت مسألة إدماج الأمازيغية في مؤسسات الدولة بهولندا؟
إن الحديث عن إدماج اللغات الأجنبية في منظومة التعليم الهولندي، يعتبر من الأمور التي بدأت تعارضه الدولة الهولندية، لأن ذلك يعرقل عملية اندماج المسلمين في هولندا، كما تزعم! ثمة حقيقتين تجدر الإشارة إليهما وهما:
أولا أنه بناء على دراسات وإحصائيات تمت في هولندا حول مستوى التلاميذ الأجانب الأصل عامة، والمغاربة خاصة، توصلوا إلى أن سبب هزالة مستوى هؤلاء التلاميذ يرجع إلى أنهم يتلقون التعليم بغير لغة الأم، أي بغير اللغة التي يتحدثونها في المنزل، خصوصا وأن أقرانهم الذين يدرسون باللغة الأم يحصدون نتائج معتبرة، لكن فيما يتعلق بالتلاميذ المغاربة من أصول أمازيغية ما هي لغتهم الأم؟ أليست العربية حسب التعليم الهولندي، وإلا فلماذا نجد العربية حاضرة ولو بشكل اختياري في المنظومة التعليمية، ونجد التركية بالنسبة للأتراك، ولا نجد الأمازيغية، أليس هذا تقصير في حق الجالية الأمازيغية؟!
أما الحقيقة الثانية فإنه رغم إدخال العربية منذ زمن طويل في التعليم الهولندي فإن ذلك لم يؤت أكله، لذلك نرى الدولة الهولندية تقلص من إدماج العربية، بتسريح العديد من رجال التعليم الذي كانوا قد جاؤوا من المغرب خصيصا لتدريس اللغة العربية، لكن في مقابل ذلك يسجل إقبال كبير على تعلم العربية في المساجد والجمعيات الثقافية المغربية، لكن تبقى النخبة الأمازيغية متعاجزة عن وضع برنامج لتدريس اللغة الأمازيغية خارج إطار التعليم الهولندي، الذي يسعى إلى التقليص من وجود لغات المهاجرين في بنيته التعليمية، فكيف له أن يفكر في إدماج الأمازيغية في تعليمه!

ـ لماذا في نظركم لا زالت بعض الأنظمة بشمال إفريقيا كموريتانيا وتونس وليبيا ترفض الإعتراف بالمكون الثقافي الأمازيغي؟
في اعتقادي، أن ذلك راجع إلى وزن الحركة الأمازيغية في تلك البلدان، فكلما كانت تلك الحركة قوية وصلبة، كلما أرغمت الأنظمة على الاعتراف بها، وهذا ما جرى في الجزائر التي لبت بعض مطالب الحركة القبائلية، ليس حبا في عيون أمازيغ القبائل، وإنما خشية من خطر الوعي بالهوية الأمازيغية لديهم، أما في المغرب فقد بادر القصر بالتعاطي لملف القضية الأمازيغية إدراكا منه لأهمية الورقة الأمازيغية في تحقيق التوازن السياسي والثقافي والاجتماعي داخل المجتمع المغربي، وريثما يتصلب عود الأمازيغية في البلدان الأخرى سوف نرى أنظمتها وهي تقبل على المكون الثقافي الأمازيغي إقبالا لا مثيل له.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا