الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
التكاذب منهجهم والغيبيات واقعهم
عادل صوما
2024 / 11 / 1مواضيع وابحاث سياسية
في طفولتي المتأخرة، لاحظت أبي يستمع إلى نشرات الأخبار باللغات غير العربية من محطات الراديو الأجنبية، وفسّر ذلك بأنه يعرف حقيقة ما يحدث منها، وكان الوحيد، في الدائرة البشرية التي كنت أعيش فيها، الذي قال ولم يصدقه أحد يوم السادس من يونيو 1967 : إعلام عبد الناصر كاذب. مصر انهزمت.
أمراض متجذرة
العقد الاجتماعي/الديني غير الصالح لعالمنا، والإعلام الحكومو/ديني (الحكومي/الديني) الفاسد الكاذب الموّجَه، والتعامل مع الواقع والمستقبل بالتمني والنبوءات واطلاق البخور للحكام (هم في واقع الأمر خلفاء وصلوا بانقلابات) في الدول العربية، هي ما جعلت الأمور تصل إلى المشهد الناطق بالعبرية الفظيع الذي نراه اليوم وفاق كل توقع، ولم ترغب حتى إسرائيل فيه*، لأنها وقعّت اتفاقات سلام والتزمت بها، وكانت على وشك الوصول إلى "الاتفاق الإبراهيمي" مع دول أخرى، لتصبح دولة مقبولة فاعلة في اقليمها، والجميع يتعايشون بسلام.
دروس مؤلمة
ربما لو لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي موجودة، والاعِلام غير الموّجه من الحكومات لم يصنعه أناس شجعان، لكنّا صدقنا علي خامنئي قدّس الله سره، وما رواه عن الدرس المؤلم الذي تعلمته إسرائيل في غزة، ولم نزل نهلل لما قاله أبو عُبيدة عن انتصارات "حماس" بينما أنقاض بناياتها خلفه وهو خلف قناع، بل كنا آمنا برواية الأفلام القديمة التي بثتها إسرائيل عن قصفها لمواقع عسكرية في إيران، كما قال إعلام خامنئي بُعيد أحدث قصف إسرائيلي.
توحُّش القصف الإسرائيلي وأهوال غزة سببهما وجود أنفاق ومواقع عسكرية بين مدنيين. استخدام المدنيين كدروع بشرية لأنهم يؤمنون أن الله اشترى أنفسهم، أمر غير مقبول دولياً، ولا يبرره ضيق مساحة غزة.
هل بُنيت الأنفاق لاستجداء التعاطف بعد قتل المدنيين وتهديم بيوتهم؟ أم للإنتصار وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر؟
الرد اسلاميا على اجرام "حماس" ببنائها تلك المواقع وأنفاق الجرذان بين مدنيين هو سؤالان: هل تمت الفتوحات الاسلامية من أنفاق أم وجهاً لوجه مع خصوم أكثر عدداً وأعظم تسليحاً؟ أين ايمان "حماس" بالله ودعم الملائكة؟
أمّا السؤالان التاريخيان فهما: منذ متى هزم جيش جيشاً آخر من أنفاق؟ متى كانت أي "مقاومة" في التاريخ عبر أنفاق؟
كان أجدى للمتربحين من وراء قضية فلسطين، الذين قالوا انهم سيصنعون سنغافورة في غزة، أن يبنوا مترو أنفاق وطرق ومدارس حديثة ومصانع ومزارع وأماكن تسلية للإطفال، بالمليارات التي تلقوها كمساعدات وأنفقوها لبناء أنفاق، أثبتت صواريخ إسرائيل عدم جدواها للمقاتلين وسوء عواقبها على المدنيين.
بعد الخراب
أفاق اللبنانيون بعد تصفية حسن نصر الله وتدمير قرى وبلدات بشكل شبه كامل، وأعلنوا أن إسرائيل تهدد سيادتهم الوطنيّة، وهناك احتمال أن يدفع عدوانها لبنان إلى احتلال ما، لكنهم لم يقولوا ذلك و"حزب الله" يبني جمهورية "الولي الفقيه" خطوة بخطوة، كما لم يصرحوا بعد الخراب الذي حدث حتى اليوم، بأن أي اتفاق إقليمي أو دولي لوقفه، بدون نشر جيوش أجنبية سيؤدي إلى حرب أهلية في لبنان. صار التكاذب بعد ادمانه لأجيال سمة جينية وراثية.
لم يقل السياسيون المرتهَنون، أمثال الرئيس السابق ميشال عون وصهره ووريثه ومن لف لفهما، أو حاملي المباخر أو المرتزقة والمتربحين للمحافل الدولية، أن وجود سلاح غير لبناني في أيادي "حزب الله" يمثل تهديداً للوطن، بينما اللبنانيون المخلصون وهم قلة مع بعض الإعلاميين المستقلين أصحاب الرؤيا يعلمون أن من يحمل سلاح أقوى وأحدث من الجيش له الكلمة العُليا، ويمنع قيام دولة مستقرة، أو مجتمعات متعايشة في بلد متعدد الطوائف مثل لبنان، يعيش على خطي زلازل "قضية فلسطين" و"الإسلام السياسي"، وأن "استعادة مزارع شبعا" وهمٌّ سوّقه مرتزقة لن يتحقق بدون دولة تفاوض أو تحارب، وليس ميليشيا غير وطنية تعيش على الكر والفر في الأنفاق، أو بين مدنيين عُزل.
تمادي الأكثرية في تجاهل القوة المتفوقة على الجيش اللبناني أو الخنوع لها وتصديق شعار كاذب هو "جيش..شعب..مقاومة"، جعل هذه القوة تحتكر حتى العملية السياسية وليس قرار لبنان فقط، وتشلّ الحكومة وبرلمانها بما أطلقوا عليه "الثلث المعطّل"، الذي أسر نواب البرلمان وعطّل انتخاب رئيسي جمهورية عدة مرات، في جلسات انتخاب سمجة استخفت بالعقول، وغير مقبولة حتى من أطفال، قادها مُماطل ممارس للتقيّة وسمسار سياسي هو نبيه برّي، ومن أقواله الوطنية رداً على القرار الأممي 1701: "من السهل نقل نهر الليطاني بدلا من نقل مقاتلي "حزب الله" خلفه!"، لكنه يقول اليوم أن لديه خطة لانقاذ لبنان بتنفيذ القرار 1701، وكأن كل الناس ذاكرتهم ضعيفة، أو فاقدي الوعي.
هكذا بعدما كان الشيعة جزءاً من النسيج اللبناني حتى اختفاء الإمام موسى الصدر المولود في مدينة قم بإيران، تحولوا تدريجياً نحو سياسة الولاء لإيران وتدمير علاقات لبنان العربية والغربية، برعاية حسن نصر الله ونبيه بري المولوديّن في لبنان!
ومن أجل هدف بناء جمهورية "الولي الفقيه" الغائب في السرداب حسب ما تقول الاسطورة، ولن يأتي ولا في الاحلام، سفهوا لبنان بأنه كان بلد "الملاهي والمسابح.. والمعاصي إلخ..إلخ"، متجاهلين أن "حزب الله/فرع لبنان" أنشأ عاصمة تجارة الكبتاغون وتهريب السلاح في الشرق الأوسط، ومركز المرتزقة الذين يحاربون في دولٍ عربية مثل سورية، ويخرّبون في مصر كما حدث بعد سقوط نظام مبارك.
بدون ردع
إسرائيل وما تفعله في غزّة وفي لبنان، بدون أي ردع دولي أو حتى إسلامي، وقول نتنياهو في الأمم المتحدة مخاطباً الغرب: نحن نحارب حربكم، قد يعني ضمناً بدء الوقوف ضد الإسلام السياسي، الذي أطلقه وشجع على انتشاره الغرب نفسه وبدأت مجتمعاته تعاني منه، والبداية كما يبدو بالإرهاب الشيعي.
الصورة الساخرة
قد يكون هذا التحليل غير صائب، لكن ما أعتقد أنه صواب هو ما ذكرته في بداية المقال، عن أسباب تخلف منطقة الشرق الأوسط، وحتمية صدامها وعدم تصالحها مع الجميع في الماضي والمستقبل.
بدون علاج عميق بالغ الجرأة لهذه الاسباب، وجعل الأدبيات الإبراهيمية ومؤسساتها خارج السياسة والحياة المدنية، ستظل هذه المنطقة تُفسر الطعنات التي تصيبها بمؤامرة على الإسلام، وسينال إعلامها وكتابها الذين يقولون الوقائع كما هي، التشهير بالانتماء إلى الصهيونية أو الماسونية أو الدعوة إلى قتلهم، لأنهم ببساطة ضد رواية هزيلة لوقائع الشرق الأوسط ونكباته وتخلفه بمفردات دينية، تعمل على وضع العقل والمنطق وواقع الدول فوق رفوف التاريخ، وتتعامل مع المستقبل بالمنطق نفسه الذي استُخدم منذ 1445 عاماً.
هل نجح هذا المنطق؟! نعم، لأسباب لم تعد موجودة، أبسطها عدم صناعة تقنية متطورة ورادع نووي يضع المتمسكين بهذا المنطق على قدم المساواة مع أسياد الكوكب. ناهيك عن قنبلة إيران اليتيمة التي لن تفيد، بل ستتسبب في سقوط نظام الغائب في السرداب، أو في الأنفاق!
بسبب هذه العقلية، انتهت دول منطقة الشرق الأوسط إلى انهيار فظيع، وتسوّل الإعانات، وشيزوفرانيا الخوف من حكم الاخوان المسلمين بينما هم يطلبون حكم الشريعة.
هكذا أصبح سكان المنطقة غير مشمولين بأيّة قوة أرضية أو حماية سماوية تحفظهم.
*بعد هزيمة 1967 عرضت إسرائيل على الفلسطينيين، جعلهم أغنياء ووعدتهم بخطط اقتصادية لتحسين أحوالهم، ولو ارادت إسرائيل ضرب غزة كما حدث بعد 7 أكتوبر 2023 لسوتها بالأرض آنذاك، بينما عبد الناصر يلعق جراح تهوره وعدم التزامه بما قاله قادته العسكريون له، ويلملم ما تبقى له من كبرياء مكسورة، خصوصاً بعد تحليق الطيران الإسرائيلي فوق رأسه وكَسِرْ حاجز الصوت، ما أدى إلى تهشّم زجاج منزله، لكن الفلسطينيين لأسباب غيبية لم ولن تتحقق، اتخذوا طريق العمل الفدائي لتحرير أراضيهم المحتلة، ففقدوا الكثير منها للأبد، ولم يتيحوا لإسرائيل تحسين أوضاعهم.
وقعّ ياسر عرفات على اتفاق سلام كان سيرفع مستوى شعبه ويحسّن أوضاعه، لكنه كان يقول للرؤساء العرب أنه وقعّ على "صلح حديبية" مع إسرائيل، ما يعني انه كاذب لا يرغب بالسلام ولا يستطيع الحرب، بل يريد توريط غيره في حروب بالنيابة عنه، لأن اتفاق الحديبية كان اتفاق هدنة عشائرية، ولم يكن معاهدة سلام اقليمية.
مما قاله زعماء "حماس" انهم يريدون تحويل غزّة إلى سنغافورة الشرق، لكنهم جعلوها قاعدة عسكرية إيرانية لتعطيل عملية السلام، وبسبب ذلك أهلها شهداء عند ربهم يرزقون!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. لهذا السبب.. أميركا تعلن بقاء قواتها في سوريا | #أميركا_اليو
.. مشاهد جوية تُظهر نسف الاحتلال لمنازل في مخيم جباليا
.. خيارات جديدة تضمن ملاحقته.. هذه سيناريوهات محاكمة بشار الأسد
.. مصدر في -النقل- السورية يتوقع عودة مطار دمشق الدولي للعمل ال
.. هياكل سفن حربية سورية متفحّمة في ميناء اللاذقية بعد ضربات إس