الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيرك فروم: لماذا الخوف من الحرية؟ / الغزالي الجبوري -- ت: من الألمانية أكد الجبوري

أكد الجبوري

2024 / 11 / 2
الادب والفن


يطلعنا المفكر إريك فروم (1900 - 1980) عالم النفس الاجتماعي الألماني. والفيلسوف الاشتراكي الديمقراطي. حول الاستقبال والتراجع عن إشكالية المعرفية. في سؤالين متعارضين: "هل من الممكن أن طبيعتنا ترفض الحرية؟ و لماذا نفضل الأمن على الإستقلالية؟." *

الحرية مفهوم يبدو للوهلة الأولى أنه هدف كل إنسان. ومع ذلك، يشير إريك فروم، في كتابه "الخوف من الحرية"، إلى أننا لسنا جميعًا على استعداد لتحمل المسؤوليات التي تأتي مع كوننا أحرارًا حقًا. ووفقا له، فإن الحرية لا توفر الفرص فحسب، بل توفر أيضا عدم اليقين والعزلة، مما قد يجعل الكثير من الناس يفضلون العيش في ظل هياكل توفر لهم الأمن والانتماء، على الرغم من أنها محدودة.

من وجهة نظر نفسية، يرى فروم أن الحرية تحمل في طياتها عبئًا عاطفيًا معقدًا. إن تحرير نفسك من السلطات أو القيود الخارجية هو عملية نضج، ولكنه ينطوي أيضًا على معاناة اتخاذ القرارات بنفسك. وهذا الخوف من الاختيار قد يدفعنا إلى اللجوء إلى القواعد والأيديولوجيات الصارمة، بل وحتى إلى الزعماء الكاريزميين الذين يَعِدون بتبسيط القرارات. ويمكن فهم الارتباط بهذه الأنظمة كوسيلة للهروب من الوحدة الوجودية التي يجلبها الاستقلال الذاتي.

ويظهر مثال على هذه الديناميكية في عدد الأشخاص الذين يلتزمون بأيديولوجيات سياسية متطرفة. وفقًا لفروم، توفر هذه المواقف لأتباعها إحساسًا بالهوية والانتماء مما يخفف من وطأة الحرية الفردية. فبدلاً من افتراض عدم اليقين الذي يأتي مع التفكير واتخاذ القرار الذاتي، يفضل البعض اتباع نظام يقدم إجابات بسيطة، ويخفف من آلام الحرية دون التضحية بشعورهم بالانتماء.

المجال الآخر الذي نرى فيه هذه الظاهرة هو العلاقات الشخصية. قد يميل الناس إلى البقاء في علاقات تابعة أو خاضعة، لأن السيطرة التي تمارس في هذه الأنواع من العلاقات توفر إحساسًا زائفًا بالأمان. وفي مقابل التخلي عن استقلاليتهم، يكتسبون بيئة لا يضطرون فيها إلى التشكيك في قيمتهم أو اتخاذ قرارات بالغة الأهمية، وبالتالي تجنب عبء الحرية.

علاوة على ذلك، يؤكد فروم أن الخوف من الحرية ليس مسألة شخصية فحسب، بل هو أيضًا مسألة ثقافية. إن المجتمعات الحديثة، بهياكلها الهرمية، تشجع الأفراد على الاعتماد على شخصيات السلطة والقواعد المحددة سلفا. بهذه الطريقة، يُنظر إلى الحرية على أنها خطر، وانهيار للنظام. وحتى في المجتمعات الديمقراطية، يفضل العديد من المواطنين اتباع القواعد دون التشكيك فيها، لأن هذا يقلل من عدم اليقين.

إن مفارقة الحرية، بالنسبة لفروم، هي أنه فقط من خلال قبول مسؤولية أن نكون أحرارًا يمكننا أن نختبر شعورًا حقيقيًا بالإنجاز. إن التخلي عن هذه المسؤولية يعادل إنكار إنسانيتنا والسقوط في الخضوع، وهو أمر قد يبدو مريحًا ولكنه في النهاية يجردنا من إنسانيتنا. الحرية، رغم كونها مرعبة، هي الطريقة الوحيدة لبناء معنى أصيل وكامل للحياة.
——
* المراجع والملاحظات المعتمدة:

-كتاب الخوف من الحرية (1941): في هذا العمل الأساسي، يحلل فروم تطور الحرية من العصور الوسطى إلى الحداثة، مما يشير إلى كيف أن الاستقلال الفردي يجلب معه الشعور بالوحدة الذي يتجنبه الكثيرون. إنه كتاب أساسي لفهم القوى النفسية والاجتماعية التي تجعلنا نخشى الاستقلالية.

- كتاب فن الحب (1956): هنا، يفحص فروم الحب ليس فقط كشعور ولكن كمهارة تتطلب الانضباط والشجاعة والتنمية الشخصية. يكمل هذا العمل نظريته حول الحرية، موضحًا كيف أن القدرة على الحب الحقيقي تعني ضمنًا أن تكون حرًا وناضجًا بما يكفي لفهم الآخر دون أن تفقد نفسك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2024
المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 11/02/24
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 311 الناس الحلوه مجدى عفيفى و محمد زكى العشماوى ومحمد السنع


.. فيلم الحريفة 2 يحصد 11 مليون جنيه خلال يومي عرض بالسينمات




.. احتفاء كبير بصناع السينما المصرية وبفيلم البحث عن منفذ لخروج


.. أون سيت - لقاء خاص مع الفنان عمر السعيد | الجمعة 6 ديسمبر 20




.. تجمع لعرض ثقافات وفنون الدول في العاصمة واشنطن | أميركا هذا