الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-انحدار تصنيف المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق: هل ستبقى حقوق الإنسان رهينة الحسابات السياسية؟-

خليل إبراهيم كاظم الحمداني

2024 / 11 / 2
حقوق الانسان


"انحدار تصنيف المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق:
هل ستبقى حقوق الإنسان رهينة الحسابات السياسية؟"
مقدمة:
- كان هناك عنوان مقترح آخر يمكن أن يتصدر هذه الورقة، ألا وهو "الانحدار غير المفاجئ: ماذا بعد خسارة المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق لثقة العالم؟"؛ إذ يحمل هذا العنوان بين طياته إشارة جريئة إلى الوضع الراهن، ويضع الإصبع على جرح عميق يخص مصداقية المفوضية في عيون العالم. ومع ذلك، وقع الاختيار على عنوان أكثر كلاسيكية وصحفيًا، بعد تأمل ودراسة، لتجنب الانزلاق إلى حوارات غير مثمرة أو نقاشات قد تسير في مسارات جانبية تستهلك الجهد والوقت دون إسهام حقيقي في إصلاح أو تطوير. هذا التنويه، إذ نقدمه، ليس مجرد ملاحظة افتتاحية، بل هو بيان واضح لمنهج الورقة التي أمامنا: التركيز على الرؤى العملية وتحليل المعطيات بموضوعية بعيدًا عن الجدل العقيم والثرثرة الفارغة.
- لم يكن اقتراح التوصية بتخفيض تصنيف المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية إلى درجة "ب" مفاجئًا بالنسبة للكثيرين، بل بدا أشبه بإعلان رسمي لحقيقة باتت معروفة للجميع منذ زمن. فبعد سنوات من التقارير الدولية المتواترة التي أكدت بوضوح عجز المفوضية عن حماية حقوق الإنسان بصورة فعالة، وعدم التزامها بمعايير الاستقلالية والامتثال لمبادئ باريس الأساسية، جاء هذا الاقتراح ليُسلّط الضوء على واقع مؤلم ومعروف، ولكنه أصبح اليوم أكثر إلحاحًا وخطورة.
- وفي خضم هذه الأزمة، لا يمكن تجاهل تكرار العبارات ذات المعنى المشابه في تقارير لجان المعاهدات. عبارات تتسم بحدة النقد وتلقي بظلالها الثقيلة على أداء المفوضية، مما يثير تساؤلات جوهرية عن جدوى وجود مؤسسات تدعي حماية الحقوق ولكنها تفتقر إلى الاستقلالية والمصداقية اللازمة للقيام بواجباتها. فهل يمكن أن يُصبح هذا التقييم القاسي بداية لتحول حقيقي، أم أنه سيبقى مجرد صوت آخر في قائمة طويلة من التحذيرات المتجاهَلة؟
وهنا يمكن الاشارة الى بعض الرسائل الدولية التي تم تجاهلها او التغافل عنها ":
‌أ) اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المراة : " (ه) كفالة امتثال المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق امتثالاً تاماً لمبادئ باريس، ولا سيما فيما يتعلق باستقلالها " - اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة – الملاحظات الختامية - - CEDAW/C/IRQ/CO/7 في 12 نوفمبر 2019 .-
‌ب) اللجنة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (ب)اتخاذ جميع التدابير اللازمة لكفالة تمكّن المفوضية العليا لحقوق الإنسان من الاضطلاع بولايتها بفعالية واستقلالية باعتبارها آلية مستقلة مكلفة برصد تنفيذ الاتفاقية، تمشياً مع أحكام الفقرة 2 من المادة ٣٣ من الاتفاقية ووفقاً لمبادئ باريس ومراعاةً للمبادئ التوجيهية المتعلقة بأطر الرصد المستقلة وبمشاركتها في أعمال اللجنة (CRPD/C/1/Rev.1، المرفق)؛ - اللجنة المعنية بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة – الملاحظات الختامية - CRPD/C/IRQ/CO/1 في 23 اكتوبر 2019 -
‌ج) اللجنة المعنية بحقوق الانسان "6- تلاحظ اللجنة أن التأخير في تعيين أعضاء جدد في المفوضية العليا لحقوق الإنسان كان بسبب انتظار نتائج العمليات الجارية لانتخاب رئيس جديد للعراق ورئيس جديد لمجلس الوزراء. وتعرب اللجنة عن قلقها لأن إجراءات تعيين أعضاء المفوضية العليا لحقوق الإنسان لا تضمن استقلالها عن تأثير الأحزاب السياسية. - اللجنةالمعنية بحقوق الانسان – الملاحظات الختامية -CCPR/C/IRQ/CO/6 في 16 اغسطس 2022.-
‌د) لجنة مناهضة التعذيب "40-يساور اللجنة القلق إزاء التقارير التي تشير إلى التأخر في اختيار أعضاء جدد في المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان وتلك التي تشير إلى غياب الاستقلالية تجاه الأحزاب السياسية أثناء عملية الترشيح( ). وتأسف اللجنة لأن الدولة الطرف لم تقدم معلومات عن تحقيقات المتابعة والملاحقات القضائية ونتائج القضايا التي أحالتها اللجنة إلى دوائر الادعاء العام فيما يتعلق بادعاءات التعذيب. ومما يثير القلق أيضاً عدم توفير الحماية والحصانة لأعضاء اللجنة من الأعمال الانتقامية أو غيرها من تدابير الترهيب في سياق أداء واجباتهم الرسمية، على نحو ما لوحظ خلال المحاكمة الأخيرة، التي توقفت الآن، حسبما أوضح الوفد أثناء الحوار، للمفوض السابق علي أكرم البياتي بسبب التعليقات التي أدلى بها أثناء وجوده في منصبه بشأن التعذيب في العراق (المادة 2). - لجنة مناهضة التعذيب – الملاحظات الختامية – الوثيقة CAT/C/IRQ/CO/2 في 15 حزيران 2022 -
- من الواضح جدًا أن مقترح توصية اللجنة الفرعية في التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان (GANHRI) ليس مجرد حدث منفصل عن المشهد الدولي الأكبر. فالتقارير الدولية المتتالية على مدى السنوات الماضية، كما أوضحنا أعلاه، سلّطت الضوء بشكل صارخ على أوجه القصور الجسيمة في حماية حقوق الإنسان في العراق، مشيرة بأصابع الاتهام إلى المفوضية العليا لحقوق الإنسان، واعتبارها شريكًا في هذا الإخفاق المدوي. هل سنشهد هذه المرة استجابة جدية لهذه التوصيات الدولية المتكررة، أم أنها ستُرمى مرة أخرى في كومة التقارير المهملة التي لم تلامس يومًا جوهر المشكلات؟
- هذا التحليل يتناول القضية بجرأة، ويكشف الحقائق المرة دون تحفظات أو محاولات للتخفيف من وطأة الواقع. إن التقييم الدولي الذي صدر لا بد أن يُؤخذ على محمل الجد في أي عملية إصلاح قادمة. بل أكثر من ذلك، يجب الاستعانة بخبراء دوليين متخصصين في حقوق الإنسان لوضع إطار إصلاحي صارم، متوافق مع المعايير العالمية، وبعيد كل البعد عن وعود التسويف والتأجيل التي أرهقت الجميع.
- ورغم أن اقتراح اللجنة الفرعية بالتوصية كان متوقعًا، إلا أنه يبرز حقيقة مريرة: المفوضية، بدلاً من أن تكون حصنًا صلبًا يحمي حقوق الإنسان، أصبحت في أحسن الأحوال مجرد ظل باهت لما كان يُفترض أن تكون عليه. وهذا التراجع المؤسف يخلق فرصة قد تكون مؤلمة لكنها حاسمة لإجراء مراجعة هيكلية شاملة. نحن بحاجة إلى إصلاحات جذرية لا مجرد عمليات "تجميل" سطحية لا تُجدي نفعًا. فهل سيتحلى المسؤولون بالشجاعة الكافية لمواجهة هذا التحدي ومعالجة القصور المكشوف، أم سيختارون مجددًا الاختباء وراء وعود جوفاء؟
- ما يضيف مزيدًا من التعقيد هو أن الصورة القانونية لمحنة المفوضية تكشف مدى الالتباس والإهمال في التعامل مع الأمور الدستورية. فقانون المفوضية العليا لحقوق الإنسان، الذي صدر عام 2008، وبعد مرور أكثر من ثلاثة عشر عامًا، تبين أن مادة أساسية فيه لا تتماشى مع الدستور. فقد نظرت المحكمة الاتحادية العليا في 11 يوليو 2021 في دستورية قانون المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان رقم (35) لعام 2008، وقررت أن المادة (2/أولًا) التي نصت على ارتباط المفوضية بمجلس النواب تتعارض مع أحكام المادة (102) من الدستور، التي تؤكد على الاستقلالية. وفي حكم تاريخي، قضت المحكمة بعدم دستورية المادة المذكورة وأجزاء أخرى من القانون، ما يفتح بابًا واسعًا لإعادة التفكير الجدي في البنية القانونية والإدارية للمفوضية.
إن هذا القرار القضائي يبرز حجم التحدي الذي تواجهه المؤسسات العراقية في التوفيق بين التشريعات الداخلية ومتطلبات الدستور، ويضعنا أمام تساؤلات جوهرية: هل يمكن للمفوضية أن تنهض من جديد وتستعيد ثقة الناس، أم أن هذه التحديات ستبقى شاهدًا على تعثر الإصلاحات؟
أسباب تخفيض التصنيف
- تُعزى أسباب تخفيض تصنيف المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق إلى مجموعة من العوامل المعقدة والمترابطة، التي تتراوح بين قصور داخلي وهيمنة ما يُعرف بـ "الاحتواء السياسي" إلى تدخلات خارجية مؤثرة. يمثل "الاحتواء السياسي" أحد أبرز التحديات، ويشير إلى مجموعة من الممارسات التي تُقوّض استقلالية المفوضية وتؤثر على موضوعيتها، مما يُعرقل أداءها في حماية حقوق الإنسان بفعالية.
الاحتواء السياسي وآلية التعيين المعيبة
- تُعَدُّ مسألة "الاحتواء السياسي وآلية التعيين المعيبة" واحدة من أخطر التحديات التي تُواجه المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، وتُسلّط الضوء على العلاقة المُعقدة بين السياسة ومؤسسات حماية حقوق الإنسان. فعلى مدار السنوات، لم يكن من السهل تجاهل تأثير السياسات الحزبية التي تفشت في عملية تعيين المفوضين وتشكيل البنية الإدارية للمفوضية، مما أفرز بيئة عمل مليئة بالعراقيل التي تُعيق الاستقلالية والحيادية. لقد غابت معايير الكفاءة والشفافية، وأصبحت الاعتبارات الحزبية تتصدر المشهد، مُقوِّضة بذلك قدرة المفوضية على القيام بواجباتها بشكل موضوعي. إنّ هذا التداخل السياسي لم يُؤدِّ فقط إلى اختلال في التوازن المؤسسي، بل أثار أيضًا تساؤلات جدية حول مدى مصداقية المفوضية في تنفيذ مهمتها الأساسية: حماية حقوق الإنسان دون تحيّز. ويتجلى الاحتواء السياسي في جملة امور منها :
(1) التعيينات السياسية: إن غياب معايير واضحة وشفافة في اختيار أعضاء المفوضية يُعد أحد أهم مظاهر الاحتواء السياسي. بدلاً من الاعتماد على الكفاءة والخبرة في مجال حقوق الإنسان، تُسيطر الاعتبارات السياسية والحزبية، ما يؤدي إلى تعيين أشخاص قد يفتقرون إلى الاستقلالية والقدرة المهنية اللازمة. هؤلاء المفوضون غالبًا ما يكونون عرضةً للضغوط والتوجيهات الحزبية، مما يُفقد المفوضية حياديتها ويُعيق أداءها بموضوعية. تزداد خطورة الوضع عندما يُحرم الرأي العام من فرصة متابعة هذه التعيينات أو محاسبة القائمين عليها، كما يشير إلى ذلك فشل مجلس النواب في تعيين مجلس مفوضين كامل لأكثر من أربع سنوات.
(2) غياب الرقابة والمساءلة: إن افتقار المفوضية إلى آليات رقابة فعالة يُسهّل عملية الاحتواء السياسي. فبدون أنظمة شفافة تضمن المساءلة، تُصبح المفوضية بيئة خصبة للتدخلات الخارجية والداخلية. كما أن غياب الدور الرقابي الفعال للبرلمان والمجتمع المدني يُضعف المفوضية ويجعلها أكثر عرضة للتأثيرات السياسية.
(3) ضعف الموارد البشرية والمالية: نقص الموارد البشرية المؤهلة والدعم المالي الكافي يعوق المفوضية عن القيام بواجباتها بكفاءة. عدم توفر الإمكانيات المطلوبة يجعل المفوضية عرضةً للتدخلات، ويُضعف قدرتها على التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان.
(4) الضغط على التحقيقات: تتعرض المفوضية لضغوط مستمرة للتأثير على تحقيقاتها، خاصةً في القضايا السياسية الحساسة. قد تشمل هذه الضغوط التخفيف من حدة التقارير أو حتى التعتيم على الانتهاكات تمامًا.
(5) التدخل في إصدار التقارير: غالبًا ما تُمارس ضغوط لتعديل أو حجب نتائج التحقيقات. في بعض الحالات، تُمنع التقارير من النشر نهائيًا، ما يقوض الشفافية ويُشكك في مصداقية المفوضية.
(6) الرقابة على الموارد: يُستخدم التحكم في الموارد المالية كأداة ضغط على المفوضية، مما يحدّ من قدرتها على العمل بكفاءة ويجعلها أكثر عُرضة للضغوط الخارجية.
(7) عدم حماية الشهود والمبلغين: غياب إجراءات فعالة لحماية الشهود والمبلغين عن الانتهاكات يزيد من خطورة الانتهاكات، حيث يمتنع الكثيرون عن الإبلاغ خشية الانتقام.
(8) التأثير على التغطية الإعلامية: يُمارس ضغط على وسائل الإعلام للحد من تغطية تقارير المفوضية أو التقليل من شأنها، مما يؤثر على الوعي العام بحجم الانتهاكات.
تأثيرات التخفيض
- أن تخفيض تصنيف المفوضية ليس مجرد إجراء فني؛ بل يحمل في طياته تأثيرات سلبية خطيرة على مستويات عدة:
(1) المصداقية: يُؤدي هذا التخفيض إلى تراجع الثقة في قدرة المفوضية على أداء مهامها بحيادية وكفاءة، سواء على المستوى المحلي أو الدولي. يصبح الشك أكبر حول ما إذا كانت المفوضية قادرة على الوقوف في وجه الانتهاكات بجرأة.
(2) حماية حقوق الإنسان: يفقد الجهاز المفوض قوته في التأثير على السياسات الحكومية، مما يُضعف قدرته على الضغط من أجل إجراء إصلاحات ضرورية لحماية الحقوق.
(3) التعاون الدولي: تقلص مشاركتها في المحافل الدولية، ما يُحدّ من قدرتها على الوصول إلى الموارد والدعم الدولي. يصبح العمل المشترك مع الهيئات الأممية ومنظمات حقوق الإنسان أكثر صعوبة.
(4) الدعم المالي: من المرجح أن يؤدي فقدان التصنيف الأعلى إلى خفض التمويل والدعم المقدم من الجهات المانحة الدولية، ما يزيد من معاناة المفوضية.
(5) ثقة المواطنين: يؤثر هذا التخفيض بشكل مباشر على ثقة الجمهور، حيث يرى المواطنون أن المفوضية لم تعد قادرة على حماية حقوقهم، مما يُعمّق الإحباط الشعبي ويُضعف التضامن المجتمعي.
(6) هذه التداعيات تجعل من تخفيض التصنيف قضية تتجاوز المفوضية نفسها لتطال الأمل في بناء نظام يحمي حقوق الإنسان بفعالية، ما يفرض ضرورة ملحة لإصلاحات جذرية وشاملة.
السياق السياسي وتحديات الإصلاح
- يتسم الوضع السياسي في العراق بتعقيد عميق ينعكس بشكل مباشر على محاولات إصلاح المفوضية العليا لحقوق الإنسان. فقد أفرز النظام السياسي التوافقي، الذي يعتمد بشكل أساسي على المحاصصة الحزبية وتقاسم السلطة بين المكونات السياسية، بيئة يصعب فيها على أي مؤسسة أن تحتفظ باستقلاليتها التامة. هذا النموذج السياسي، الذي جاء في أعقاب عقود من الحكم الدكتاتوري القمعي ، كان يُفترض أن يُحقق استقرارًا من خلال التوزيع العادل للسلطة بين الأحزاب والمكونات المختلفة. لكن على أرض الواقع، تحوّل هذا النظام إلى أحد أكبر العوائق أمام بناء مؤسسات حكومية فعالة ومحايدة، وهو ما أثّر سلبًا على أداء المفوضية.
- تعاني المفوضية العليا لحقوق الإنسان من تحديات هائلة في الحفاظ على موضوعيتها وحيادها بسبب تأثيرات النظام السياسي القائم. فبدلاً من اعتماد معايير الكفاءة والخبرة في اختيار أعضائها، تُسيطر الولاءات الحزبية على عملية التعيين، مما يُضعف بشدة مصداقية المفوضية ويثير الشكوك حول قدرتها على أداء مهامها بحيادية. إن تعيين الأعضاء وفقًا لانتماءاتهم السياسية، وليس بناءً على مؤهلاتهم ومعرفتهم بحقوق الإنسان، يؤدي إلى خلق بيئة ملوّثة بالتبعية السياسية، حيث يجد المفوضون أنفسهم غالبًا مُلزمين بالاستجابة لضغوط من الأحزاب التي دعمت تعيينهم.
- هذا الوضع لا يُسهم فقط في إضعاف استقلالية المفوضية، بل يترك أثرًا واضحًا على قراراتها وفعاليتها. عندما يتعرّض أعضاء المفوضية للضغوط السياسية والتوجيهات الحزبية، تضعف قدرتهم على التحرك بحرية وجرأة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان أو محاسبة المسؤولين عنها. فبدلاً من أن تكون المفوضية حصنًا يحمي الحقوق الأساسية للمواطنين ويُدافع عنها، تتحوّل أحيانًا إلى أداة خاضعة لأجندات سياسية، مما ينعكس على أداءها المهني ويجعلها عُرضة للنقد من الداخل والخارج.
- إن تحديات الإصلاح في هذا السياق لا تقتصر على تغيير الأفراد أو تحسين الهيكلية الإدارية؛ بل تمتد إلى إعادة النظر في جذور المشكلة نفسها، وهي ثقافة المحاصصة السياسية المتجذرة في النظام السياسي العراقي. فالإصلاح الحقيقي يتطلب إرادة سياسية جادة لتحييد المؤسسات العامة، بما في ذلك المفوضية، عن التدخلات الحزبية. يحتاج العراق إلى تبني نموذج جديد يُفضّل الكفاءة على الانتماء السياسي، ويُعزز الشفافية في آليات التعيين. كما أن تعزيز الرقابة البرلمانية والمجتمعية على أداء المفوضية، دون المساس باستقلاليتها، يُعد خطوة حاسمة نحو تحقيق الإصلاح المنشود.
- ولكن، هذه الإصلاحات تُواجه تحديات إضافية؛ إذ إن تغيير الوضع الراهن يعني مواجهة شبكات النفوذ القوية التي تستفيد من بقاء النظام الحالي. ويتطلب ذلك رؤية شاملة وإصرارًا على تنفيذ إصلاحات جذرية تتجاوز الحلول التجميلية. إنّ بناء مفوضية فعّالة ومستقلة يُعزز ثقة الشعب العراقي ويُعيد للمؤسسات حقوقها ودورها الأساسي في حماية حقوق الإنسان، لكن هذا لن يتحقق دون جهود جماعية وحوار وطني يُركّز على وضع مصلحة المواطنين فوق أي اعتبارات سياسية أو حزبية.
- باختصار، يُظهر السياق السياسي الحالي في العراق مدى صعوبة إصلاح المفوضية في ظل نظام يضع الولاء السياسي فوق المصلحة العامة. وهذا يُعد أحد أكبر التحديات التي يجب التغلب عليها من أجل بناء مؤسسات قوية قادرة على حماية حقوق الإنسان والدفاع عنها في كل الظروف.
تصريح مثير قد يكون قد كشف ببعض الالتباس
- تصريح (1)أدلى به عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي سعادة النائب سجاد سالم، يعكس تعقيد المشهد السياسي وتداخله مع عمل المؤسسات الوطنية، وتحديدًا المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق. ففي قوله: "لا يوجد توافق سياسي على المرشحين. هناك من يريد معاقبة المفوضية نتيجة لموقفها في احتجاجات تشرين 2019"، يكشف بوضوح عن الطريقة التي يتم فيها استغلال المؤسسات لأغراض سياسية وانتقامية. هذا التصريح يُضيء على أن الخلافات السياسية لا تقتصر على التنافس على النفوذ، بل تمتد لتشمل رغبات في تصفية الحسابات مع المؤسسات التي لعبت أدوارًا محورية في أحداث مفصلية.
- ما أشار إليه السيد النائب يحمل في طياته معانٍ عميقة تؤثر على مسار الإصلاح والتغيير في المفوضية. إذا كانت المفوضية قد اتخذت موقفًا يُنظر إليه على أنه منحاز للمحتجين أو داعم للحريات خلال احتجاجات تشرين 2019، فإن محاولة معاقبتها الآن تُظهر ضعف استقلالية هذه المؤسسة الوطنية. هنا، يُثار تساؤل أساسي: كيف يمكن لمؤسسة مكلفة بحماية حقوق الإنسان أن تؤدي دورها بفعالية في بيئة حيث استقلالها مهدد من قِبل الأطراف السياسية المتصارعة؟
- إن هذا التصريح يؤكد الحاجة إلى إصلاحات جذرية في طريقة اختيار أعضاء المفوضية وآليات عملها. ففي ظل انعدام التوافق السياسي، وتفشي مظاهر المحاصصة والتدخل السياسي، يبدو أن تعزيز استقلالية المفوضية يتطلب إعادة النظر في الأسس التي تقوم عليها هذه المؤسسة. تجارب الدول الأخرى تُظهر أن إحدى الخطوات الحاسمة هي ضمان تعيينات مبنية على الكفاءة والخبرة بدلاً من الولاءات السياسية. لكن في العراق، يبدو أن هذا المسار محفوف بالتحديات، خاصة إذا استمرت المؤسسات في أن تكون ساحةً لتصفية الحسابات السياسية.
- يشير هذا التصريح أيضًا إلى صعوبة تحقيق أي إصلاح حقيقي دون معالجة السياق السياسي الأوسع الذي يؤثر على جميع جوانب الحوكمة في العراق. فالمفوضية ليست معزولة عن هذا السياق، بل هي جزء من منظومة أوسع تحتاج إلى ترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة والاستقلالية. وفي ظل الأجواء المشحونة بالتوترات والخلافات السياسية، يصبح من الواضح أن أي حديث عن الإصلاح يجب أن يأخذ بعين الاعتبار هذه التعقيدات.
مقاومة التغيير: حجر الزاوية في التحديات:
- تشكّل مقاومة التغيير حجر الزاوية في قائمة التحديات التي تواجه عملية إصلاح المفوضية. هذه المقاومة ليست مجرد رفض سلبي، بل هي تعبير عن مصالح سياسية واقتصادية متشابكة تحافظ على الوضع الراهن. يمكن تفصيل جوانب هذه المقاومة كما يلي:
(1) المصالح السياسية الضيقة: يُحافظ البعض على النظام الراهن لخدمة مصالحهم السياسية الضيقة، حيث يُعتبر الاحتفاظ ببعض المفوضين الذين لا يُلبّون معايير الاستقلالية والموضوعية أداةً للتأثير على عمل المفوضية وخدمة أجنداتٍ خاصة.
(2) الخوف من المساءلة: يُخشى من بعض الجهات أنّ إصلاح المفوضية يُؤدي إلى الكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان والمساءلة عنها، مما يدفعهم إلى مقاومة أي تغيير يُهدّد مراكزهم السياسية.
(3) الضغوط من جهات خارجية: قد تُمارس بعض الجهات الخارجية ضغوطاً على الحكومة لإعاقة عملية الإصلاح، لأسباب متعلقة بمصالحها الخاصة أو للحفاظ على علاقات سياسية معينة.
(4) غياب الإرادة السياسية الحقيقية: يُعتبر غياب الإرادة السياسية الحقيقية لتنفيذ إصلاحات جذرية أحد أبرز أسباب مقاومة التغيير. ففي غياب الدافع الحقيقي للتغيير، تبقى الإصلاحات محدودة وغير فعّالة.
التجارب الدولية والدروس المُستفادة
- تلعب التجارب الدولية دورًا حاسمًا في تسليط الضوء على أهمية استقلالية المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وفاعليتها في حماية حقوق المواطنين وضمان سيادة القانون. لقد برهنت نماذج من بلدان مختلفة على أن تعزيز استقلالية هذه المؤسسات يُعزز قدرتها على أداء مهامها بحرية وفعالية، بعيدًا عن التدخلات السياسية والحزبية. ويمكن أن تقدم هذه التجارب دروسًا قيّمة للعراق، مما يُساعد على تطوير وتطبيق إصلاحات جوهرية تعزز استقلالية المفوضية العليا لحقوق الإنسان.
- من أبرز الأمثلة (2)على نجاح تعزيز الاستقلالية، تجربة جنوب إفريقيا، التي شهدت تحولات ديمقراطية جذرية بعد انتهاء نظام الفصل العنصري. فقد أنشأت البلاد لجنة حقوق الإنسان المستقلة، والتي تتمتع بصلاحيات قوية ومستقلة للمراقبة والتدخل عند حدوث انتهاكات حقوق الإنسان. كان تأسيس اللجنة على أسس الاستقلالية الحقيقية عنصرًا رئيسيًا في بناء الثقة بين المواطنين والدولة، وقد ساهمت آليات التعيين الشفافة، التي تتضمن مشاركة واسعة من المجتمع المدني، في حماية اللجنة من التلاعب السياسي، مما عزز دورها كحارس فعّال للحقوق.
- كذلك، تُعتبر تجربة كندا نموذجًا آخر يُحتذى به، حيث تتميز لجان حقوق الإنسان فيها بمستويات عالية من الاستقلالية والشفافية. تستند آلية تعيين الأعضاء إلى معايير صارمة من الكفاءة والخبرة في مجال حقوق الإنسان، وتخضع العملية لإشراف لجنة مستقلة. تضمن هذه الآليات أن يكون اختيار الأعضاء مبنيًا على الجدارة وليس الولاءات السياسية، مما يعزز من مصداقية المؤسسات وقدرتها على أداء مهامها بفعالية. وتُعتبر إشراك منظمات المجتمع المدني في الرقابة على أداء هذه المؤسسات، بالإضافة إلى توفير الحماية القانونية للشهود والمبلغين، جزءًا من استراتيجية شاملة لضمان استقلالها التام.
- في آسيا، تُبرز تجربة الفلبين درسًا مهمًا آخر، حيث أنشأت الفلبين مفوضية حقوق الإنسان المستقلة، التي تلعب دورًا محوريًا في محاسبة الجناة على انتهاكات حقوق الإنسان، حتى في وجه التحديات السياسية الصعبة. تتمتع هذه المفوضية بصلاحيات واسعة للتحقيق ونشر تقارير مستقلة، وقد أظهرت قدرتها على العمل بفعالية بفضل الدعم التشريعي والموارد الكافية التي تضمن استقلالها. يُظهر نموذج الفلبين أهمية توفير الموارد المالية والبشرية اللازمة، مما يسمح للمؤسسات بالعمل بكفاءة وتحقيق أهدافها.
- ومن أوروبا، تُعد تجربة ألمانيا في هذا السياق مثالاً على النجاح في تحقيق توازن دقيق بين استقلالية المؤسسات الوطنية للحقوق والرقابة البرلمانية. تمتلك ألمانيا نظامًا مؤسسيًا مُحكمًا يضمن عدم تأثر اللجان الوطنية لحقوق الإنسان بالتوجهات السياسية. كما أن عملية تعيين الأعضاء تستند إلى إجراءات صارمة تضمن حياديتهم واستقلالهم، مع اعتماد تقارير شفافة ترفعها المفوضية إلى البرلمان، حيث يُتاح النقاش المفتوح حولها، مما يعزز الرقابة الشعبية ويزيد من مصداقية العمل المؤسسي.
- يمكن للعراق الاستفادة من هذه النماذج من خلال عدة طرق، أهمها تشكيل لجان تعيين مستقلة تضم خبراء في مجال حقوق الإنسان، إضافة إلى إشراك منظمات المجتمع المدني في عملية التقييم والرقابة. يجب أن تكون هذه اللجان مسؤولة عن وضع معايير صارمة وشفافة لاختيار المفوضين، بحيث تضمن أن الأشخاص الذين يتولون هذه المناصب يتمتعون بالخبرة والنزاهة اللازمة. كما أن إنشاء آليات لحماية الشهود والمبلغين عن انتهاكات حقوق الإنسان من الانتقام يُعزز من بيئة عمل المفوضية ويضمن استقلاليتها.
- علاوة على ذلك، يجب أن تترافق هذه الإصلاحات مع حملات توعية واسعة لتعريف المواطنين بدور المفوضية وتعزيز ثقتهم بها. إن توفير الموارد الكافية وتبني سياسة "الشفافية أولاً" في كل خطوة من خطوات العمل المؤسساتي يُسهم في خلق نظام حقوقي قوي ومستقل قادر على مواجهة التحديات المحلية. بهذه الطريقة، يمكن للعراق الاستفادة من الدروس العالمية لصياغة نموذج خاص يتماشى مع خصوصياته السياسية والاجتماعية، مع الحفاظ على الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
مقترحات عملية للإصلاح
- لضمان إصلاح فعّال وشامل للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، يجب أن نتبع نهجًا متعدد الجوانب يتعامل مع الجوانب الهيكلية، القانونية، المالية، والإدارية. إن مثل هذا النهج يضمن معالجة العوائق التي قوضت دور المفوضية لسنوات طويلة، مما يجعلها أكثر قوة وفعالية في حماية حقوق الإنسان. لنلقِ نظرة مفصلة على مقترحات الإصلاح العملية التي يمكن أن تحقق هذه الأهداف الحيوية.
1. تعزيز الاستقلالية القانونية والمالية
- يُعد ضمان الاستقلالية التامة للمفوضية أساساً لنجاحها. تحقيق ذلك يتطلب تشريعات واضحة تُكرس الاستقلال المالي والإداري للمفوضية، بحيث تصبح قادرة على تحديد أولوياتها دون أي تدخل حكومي أو حزبي.
‌أ) التشريع المالي: على سبيل المثال، تخصيص ميزانية ثابتة ومستقلة للمفوضية ضمن الموازنة الوطنية، بحيث لا تتأثر بالضغوط السياسية أو الفترات الاقتصادية الصعبة.
‌ب) الاستقلال الإداري: منح المفوضية صلاحية اتخاذ قراراتها الإدارية الخاصة، مثل تعيين الموظفين وإطلاق المبادرات المتعلقة بحماية حقوق الإنسان، بعيداً عن تدخل أي جهة خارجية.
2. تعيينات مستقلة وشفافة
- الآلية الحالية لتعيين المفوضين تُعاني من خلل جذري بسبب التسييس واعتماد الولاءات بدلاً من الكفاءة. من الضروري إحداث قفزة نوعية في هذا المجال من خلال اعتماد نظام تعيين يعتمد على الشفافية والاستقلالية.
‌أ) لجنة تعيين مستقلة: إنشاء لجنة مستقلة تتكون من قضاة وأكاديميين وخبراء في حقوق الإنسان، يتم اختيارهم بناءً على معايير موضوعية. يمكن أن تُشرف هذه اللجنة على عملية اختيار المفوضين لضمان عدم تأثرها بأي انتماءات سياسية.
‌ب) دور المجتمع الدولي: يمكن إشراك خبراء دوليين لمراجعة وتقييم عملية التعيين، ما يضفي عليها شرعية ومصداقية أكبر.

3. آليات مساءلة فعّالة
- لا يمكن أن تعمل أي مؤسسة بحيادية وشفافية ما لم تكن خاضعةً لآليات مساءلة صارمة. هذه الآليات يجب أن تكون مصممة لمراقبة أداء المفوضية وضمان التزامها بمعايير حقوق الإنسان.
‌أ) رقابة برلمانية: تخصيص لجنة دائمة في البرلمان لمتابعة أنشطة المفوضية ومراجعة تقاريرها، على أن تتمتع اللجنة بصلاحية طلب التوضيحات وفتح تحقيقات عند الضرورة.
‌ب) مشاركة المجتمع المدني: منظمات المجتمع المدني يجب أن تُمنح دورًا بارزًا في مراقبة أنشطة المفوضية، عبر تزويدها بمعلومات حول الانتهاكات والتوصية بتحسين الأداء.
4. تعزيز الشفافية
- لإعادة الثقة في عمل المفوضية، من الضروري أن يكون نشاطها شفافًا ومتاحًا للرأي العام. نشر تقارير دورية عن أدائها، وإتاحة الوصول إلى الوثائق المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، يمكن أن يضمن مزيدًا من الشفافية.
‌أ) نشر التقارير بشكل دوري: يجب أن تتضمن هذه التقارير معلومات شاملة عن الأنشطة، التحقيقات، والتحديات التي تواجهها المفوضية، ويجب أن تكون متاحة على الموقع الرسمي وبوسائل الإعلام المختلفة.
‌ب) إتاحة المعلومات: توفير بوابة إلكترونية تتيح للجمهور الاطلاع على تقارير المفوضية وتقديم شكاوى أو طلبات للحصول على معلومات.
5. إشراك المجتمع المدني
- يُعتبر المجتمع المدني شريكًا حيويًا في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، لذا من المهم توسيع نطاق التعاون بينه وبين المفوضية.
‌أ) آليات تشاورية: تنظيم اجتماعات دورية تجمع بين المفوضية ومنظمات المجتمع المدني لمناقشة السياسات والمبادرات، مما يضمن تبادل المعرفة والخبرات وتوحيد الجهود في مواجهة الانتهاكات.
‌ب) التدريب المشترك: يمكن تنفيذ برامج تدريبية مشتركة لتحسين قدرات المجتمع المدني والمفوضية على رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان بفعالية.
6. بناء القدرات
- القدرات البشرية تلعب دورًا محوريًا في فعالية أي مؤسسة. تطوير مهارات موظفي المفوضية في مختلف المجالات القانونية والتحقيقية أمر لا غنى عنه.
‌أ) برامج تدريبية مستمرة: إقامة دورات تدريبية متخصصة في مجال حقوق الإنسان، تتناول أحدث الأساليب في توثيق الانتهاكات، العمل مع الضحايا، والضغط من أجل الإصلاحات.
‌ب) التعاون مع منظمات دولية: الاستفادة من خبرات المؤسسات العالمية في تصميم برامج تدريب تُلبّي احتياجات السياق العراقي.

7. المحاسبة
- غياب المحاسبة يُعزز ثقافة الإفلات من العقاب، وهو أمر خطير في مجال حقوق الإنسان. لا بد من وضع نظام فعال يضمن محاسبة جميع المسؤولين عن الانتهاكات، بغض النظر عن مناصبهم.
‌أ) آليات قضائية: تسهيل إجراءات التحقيق في الانتهاكات الكبرى، والتنسيق مع الهيئات القضائية لضمان وصول قضايا حقوق الإنسان إلى المحاكم.
‌ب) قوانين رادعة: تعديل القوانين بما يضمن عدم السماح للجناة بالإفلات، مع توفير حماية قانونية للمبلغين عن الانتهاكات والشهود.
نرى ان هذه المقترحات تشكل حجر الزاوية في عملية إصلاح جذرية وشاملة، تعيد للمفوضية دورها المفقود وتُعزز ثقة المواطنين والمجتمع الدولي في قدراتها. إن تنفيذ هذه الإجراءات يتطلب إرادة سياسية حقيقية وتعاونًا من جميع الأطراف المعنية، فهل سنشهد تحولًا جذريًا أم تظل الإصلاحات حبيسة الورق؟
الخاتمة:
إنّ تخفيض تصنيف المفوضية العليا لحقوق الإنسان يمثّل تحذيراً خطيراً يُلقي الضوء على حاجة ملحّة لإصلاح النظام الهيكلي للمفوضية وتعزيز استقلاليتها. يتطلب ذلك إرادةً سياسيةً حقيقيةً وتعاوناً بين الحكومة والمجتمع المدني والمجتمع الدولي. يُمكن للعراق، بإجراء الإصلاحات اللازمة، استعادة ثقة الجمهور والمنظمات الدولية وإثبات التزامه بحماية حقوق الإنسان لجميع المواطنين. يجب الاستفادة من هذه الأزمة كفرصة لتحسين الأداء وإرساء أسس قوية لمؤسسة قوية ومستقلة لحقوق الإنسان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(( 1 ) https://www.alsumaria.tv/news/localnews/500499/%D8%AA%D9%87%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86
)(2 ) جنوب إفريقيا:
المصدر: تقارير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في جنوب إفريقيا.
صفحات محددة: تقرير سنوي مفصل يُنشر على موقعهم الرسمي يتضمن تقييم الاستقلالية وآليات العمل المؤسسي.
رابط: [South African Human Rights Commission](https://www.sahrc.org.za)
كندا:
المصدر: الهيئة الكندية لحقوق الإنسان، التي تُصدر وثائق رسمية حول عمليات التعيين وآليات الرقابة.
صفحات محددة: الصفحة المتعلقة بالحوكمة، خاصةً المواد التي تصف عملية اختيار أعضاء اللجنة.
رابط: [Canadian Human Rights Commission](https://www.chrc-ccdp.gc.ca)
الفلبين:
المصدر: الموقع الرسمي لمفوضية حقوق الإنسان في الفلبين.
صفحات محددة: تقارير الأداء والآليات المستخدمة لضمان الشفافية والاستقلالية.
رابط: [Commission on Human Rights of the Philippines](https://chr.gov.ph)
ألمانيا:
المصدر: معهد حقوق الإنسان الألماني، الذي يُصدر معلومات شاملة حول ضمان استقلالية المؤسسات.
صفحات محددة: الصفحة المتعلقة بالتقارير السنوية والإجراءات البرلمانية.
رابط: [German Institute for Human Rights](https://www.institut-fuer-menschenrechte.de)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشئ طريقا يفصل أقصى شمال غزة لمنع النازحين من العود


.. بعدما منح بوتين الأسد حق اللجوء الإنساني.. بماذا يختلف عن ال




.. الولايات المتحدة توجه تهمة التعذيب لمدير سجن سابق في دمشق


.. أهوال سجن صيدنايا.. تجربة معتقلين




.. أهوال سجن صيدنايا.. تجربة معتقلين