الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بولونيا قبل 25 سنة سحق نقابة تضامن

المناضل-ة

2007 / 1 / 1
الحركة العمالية والنقابية


جان مالفسكي

قاد الجنرال ياروزلسكي يوم 13 ديسمير 1981 انقلابا أنهى تجرية نقابة صولدارنوشك ("تضامن"). كان هذا الحدث قد فتح طريق عودة الرأسمالية إلى بولونيا.

"تحمل النقابة الراهنة فعلا الاسم ذاته، لكنها شيء مغاير تماما لنقابة تضامن سنوات 1980-1981"، هكذا يوضح القائد التاريخي المعارض للستالينية، الباحث المختص بالقرون الوسطى كارول مودزليفسكي، في الطبعة البولونية من لوموند ديبلوماتيك في ديسمبر 2006. كانت نقابة تضامن الأخرى حركة غير مسبوقة في التاريخ لأنها كانت مبنية على انفجار لنشاط الجماهير أمدا طويلا – زهاء سنة ونصف- وعلى واقع أن هذه الكتلة من الناس – كانت الحركة النقابية تضم 9.4 مليون عضو، حسب احصاآت المؤتمر- نظمت نفسها من أجل الفعل دون أي ترسيمة مفروضة من أعلى. قبل أن تحصل على الترخيص أضرب 700 ألف شخص ونظموا أنفسهم."

تنتسب نقابة تضامن اليوم إلى اليمين، وتطمح إلى "رأسمالية حقيقية"، وتكسر الاضرابات( آخرها إضراب سعاة البريد)، وتساير حكومة مغرقة في الرجعية... كانت نقابة تضامن الأخرى على النقيض.

ويتابع مودليفسكي قائلا: " رغم أنها لم تكن محددة الايديولوجيا، كانت تنتمي إلى منظومة قيم، كانت تستمد منبعها من الممارسة الديمقراطية الجذرية اليومية للتعاون الكثيف من أجل بنائها. كان من تلك القيم نزعة المساواة التي كان لها دور رئيس، مفهومة سياسيا( أي كديمقراطية مباشرة) واقتصاديا. كانت حركة مساواتية، جماعية ، متمسكة بالديمقراطية المباشرة المبنية تلقائيا."

كان نشاط العمال الذاتي في ذلك المجتمع الذي ألغى الملكية الرأسمالية لوسائل الانتاج يرسم معالم انتقال حقيقي نحو الاشتراكية، متيحا وضع الانتاج بين أيدي المنتجين أنفسهم، واتخاذ القرار بشأن النتاج الاجتماعي الفائض بشكل ديمقراطي من طرف الجميع دون أن يكون امتيازا لأقلية ما. لقد كان ممكنا استبدال كاريكاتور"التخطيط" وفق الموضة الستالينية- تلك المحاولة المحكومة بالفشل لانتاج دون اهتمام بتلبية حاجات السكان وحتى دون محاولة التعرف عليها- بعلاقات انتاج جماعية.

قطيعة عميقة

طالب مؤتمر نقابة تضامن الأول، في خريف 1981، بـ"اصلاح قائم على التسيير الذاتي وديمقراطي يقيم نظاما اقتصاديا-اجتماعيا يربط التخطيط بالتسيير الذاتي وبالسوق". كان هذا المشروع يحمل اسما جميلا " الجمهورية المسيرة ذاتيا" ." كان ذلك المؤتمر المجلس الأكثر ديمقراطية والأكثر تمثيلية في عالم الشغل في تاريخ بولونيا، وكان هذا المقرر الشهادة الأكثر صوابا عن تطلعات عمال بولونيا" حسب قول زبيغنيو كوفالفسكي ، مناضل الأممية الرابعة ، في تريبونا روبونتشا(6 ديسمبر 2006) ، الجريدة الأسبوعية لنقابة أغسطس80 . كانت التجربة البولونية تهز الموقع الاجتماعي الامتيازي للبروقراطية الوطنية، وتهدد بالامتداد إلى كامل الكتلة السوفياتية، وقد تكون مثالا لكل الذين يتمردون ضد الاستغلال الرأسمالي. ويوم 13 ديسمبر 1981 وضعت البيرقراطية البولونية حدا نهائيا لها، وبإنقلاب فرض الجنرال ياروزلسكي حالة الحرب. وبدأ القمع: حظر التجول، الدبابات في الشوارع، الجيش والشرطة يجتاحان المصانع المضربة، مهددين باطلاق النار على المضربين، و مطلقينها فعلا على عمال المناجم الذين حاولوا الدفاع عن النفس. اجتاحت العالم موجة مساندة هائلة لنقابة تضامن. وبدأت الأحزاب الشيوعية، التي لم تعتبر التماثل مع حركة النشاط الذاتي العمالية تلك أمرا مناسبا، انحدارها النهائي. وفي بولونيا كان الجيش والشرطة السياسية قد أخذا مكان نومونكلاتورا الحزب الشيوعي (الذي لم ينهض أبدا) وابتهجت جريدة وول ستريت جورنال، المتفقة لمرة مع الكرملين- النبأالسار. وفي بولونيا بدأت سرية كثيفة. لكن خلافا للمظاهر، لم تكن السرية استمرارا للحركة التي ولدت في اغسطس 1980. لماذا؟ لأن القاعدة الجماهيرية للحركة، تلك التي كانت تقرر ظهورها وسياستها لم يعد لها وجود." حسب كارول مودزيلفسكي . لم يكن القمع المنظم خلال حالة الحرب دمويا لكنه كان فعالا. بعد اعتقال "القادة" في الأيام التي تلت الانقلاب جرى استهداف الصلات بين القيادة السرية للنقابة والمقاولات. كان ذلك بالاعتقالات والتسريحات ورفض إعادة التشغيل، والضغوط للدفع نحو الهجرة: كان العمال الذين يواصلون المعركة معزولين، واحدا تلو الآخر. وكانت الصلات بالمقاولات في المناطق الأكثر تنظيما قد ُحطمت في ظرف سنة. كان تأسيس نقابة تضامن الأولى قد فتح وضعا ثوريا، لكن القيادة لم تكن بالمستوى. كان جاك كورون، معارض تاريخي آخر، قد أقنع قيادة النقابة بوجوب أن "تضع حدودا ذاتية" بقصد تفادي التدخل السوفياتي. لم تحل "الحدود الموضوعة ذاتيا" دون المواجهة، لكنها جعلت النقابة وأفضل عناصرها غير مهيأة لمواجهة الجيش البولوني، وفوجئت في اللحظة الحاسمة وأعوزتها التكتيكات والاستراتيجية. وفي هذه الحالة لم يكن أمام الجيش البولوني خيار – لم يكن بوسعه "تغيير المعسكر" ، لأنه لم يواجه مقاومة منظمة، رغم أن الاضراب كان عفويا... وعاما في يوم الانقلاب الأول.

الثأر

كانت الغالبية العظمى لانشط مناضلي نقابة تضامن لا تتطلع سوى إلى جعل" الاشتراكية القائمة فعلا" انسانية، وإلى " إصلاح" الاقتصاد، أي باختصار إلى إصلاحات تتيح مواصلة " بناء الاشتراكية" (أو "التقدم"). أدت النهاية العنيفة لتجربة "الاصلاحات" إلى تجذر مع الاقتناع أن النظام غير قابل للاصلاح، وأنه يجب البحث عن الحل في جانب آخر غير الاشتراكية... هكذا فتح انقلاب 13 ديسمبر 1981 طريق عودة الرأسمالية. كانت إحدى أقوى أشكال الاستقلال العمالي التي شهدها التاريخ قد ُقوضت. و كانت أي إحالة إلى الاشتراكية كمشروع مجتمع قد فقدت المشروعية، ممهدة الطريق للدعاية النيوليبرالية. وسقط قادة النقابة السرية، المقطوعين عن قواعدهم، تحت تأثير " الخبراء" .

لكن بوجه خاص كانت البيروقراطية تواجه، على نطاق واسع، عدم أمان اجتماعي لوضعها الامتيازي. وكانت تطمح أكثر من ذي قبل إلى تحويل امتيازاتها الوظيفية إلى امتيازات مضمونة وقابلة للتنقيل." فتح ياروزلسكي الطريق لبالسروفيتش( وزير الاقتصاد الذي نفذ خطط صندوق النقد الدولي)" حسب مودزليفسكي . ويستخلص كوفاليفسكي قائلا:" إن حالة الحرب بدفاعها عن "الاشتراكية" البيروقراطية ضد العمال رسمت طريق عودة الرأسمالية."

جان مالفسكي

أسبوعية روج عدد 2186

تعريب المناضل-ة









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجا على السياسة الأمريكية تجاه غزة.. 12 مسؤولا حكوميا اس


.. قلوب عامرة - د. نادية عمارة توضح ( حدود التعامل بين المخطوبي




.. فيديو لطفل مكبل ويعامل بشكل عنيف يثير غضبا بالكويت


.. رئيس الاتحاد العمّالي العام لـ-الحرّة-: الإجتماع مع رئيس الح




.. قلوب عامرة - د. نادية عمارة توضح ( التعامل بين الأولاد ووالد