الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التسريبات الامنية: بناء اسرائيل الجديدة والسيطرة على الاقليم والاطاحة بالنظام الايراني

هاني الروسان
(Hani Alroussen)

2024 / 11 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


تكتسي فضيحة ما تسمى بقضية التسريبان الامنية بديوان رئيس الحكومة الاسرائيلية التي قادها ايلي فلدشتاين الناطق الحالي باسم نتنياهو والناطق السابق بلسان الوزير المتطرف بن غافيير التي تعيش على وقعها اليوم كل اسرائيل خطورتها من كونها تغلغل غير مسبوق للصهيونية الدينية في اعلى قمة الهرم الامني الاسرائيلي وقدرتها ليس فقط على الوصول الى معلومات على غاية من السرية بل والتلاعب بها وتزويرها خدمة لاهدافها السياسية على الرغم مما قد يلحقه ذلك من اضرار بالغة الخطورة بالجيش والمؤسسة الامنية الاسرائيلية على حد تعبير كل من غنتس ولابيد.
وان كان هذا الحدث الذي لم يتأكد بعد ان كان الاول من نوعه خلال هذه الحرب، فانه جاء مناسبة اخرى تُجيز لنا ان لا نصدق كل ما يقوله نتنياهو عن نيته بوقف الحرب وانهاء معاناة الشعب الفلسطيني وبقية شعوب المنطقة ووضع حد لجرائم جيشه وقبوله بمعادلة سلام الشرعية الدولية، كما انها مناسبة لا تُجيز لنا ابدا ان لا نصدق ما يقوله بشأن مستقبل المنطقة فهو يضع اصابع يديه الاثنتين بعيون كل من لا يصدقه ويقدم صباحا مساء البرهان تلو اخيه على انه غير معنى بكل ما هو خارج سياق رؤية تعاليم واهداف الصهيونية الدينة التي تتغلغل اليوم في كل اوساط الدولة وتعمل على تفكيكها واعادة بنائها من جديد لبناء اسرائيل الجديدة وفقا لتلك الاهداف، وانه لن يتوقف عند القضاء على كل فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية وكل ظواهر ومظاهر الفصائلية المسلحة في الاقليم واسقاط النظام الايراني وعدم القبول باي قوة اقليمية تحمل في احشائها بذور احتمال ان تكون يوما منافسا لاسرائيل.
فكلنا يعرف كيف انه مع اليوم الاول لوصوله الى رئاسة الحكومة بعد اغتيال اسحاق رابين كان حاملا على كتفيه معول تدمير السلطة الفلسطينية واقتلاعها ليس لكونها جاءت في سياق سوء تقدير اسرائيلي في لحظة دولية شابها كثافة ضباب رافق انتقال قيادة النظام الدولي من نمطها الثنائي الى نمط جديد احادي القطب، كان معنيا بتخفيف حدة التوتر في بعض الاقاليم العالمية ليتسنى له وضع آليات قيادة مرحلة الانفراد بقيادة هذا النظام، بل لانها وضعت اللبنة الاولى لنسف الرواية الصهيونية من اساسها تلك التي قامت على وهم خراريف واساطير التلمود التي جعلت فلسطين ارض بلا شعب لشعب بلا ارض.
وعلى الرغم من تهافت هذا الشعار الا انه ينقل على السنة قادة الحركة الصهيونية اعترافا صارخا بان اليهود لم تكن لهم يوما ما ارضا خاصة بهم باعتبارهم جماعة دينة ليس الا، وان المحاولات اللاحقة لتدارك ذلك الاعتراف والالتفاف عليه واستبداله بشعار اضفت عليه بعدا دينيا اي شعار العودة الى ارض الميعاد الذي لا تؤيده بل تفنده كل الدراسات الانتروبولوجية، الا ان اعتراف اسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا وحيدا وشرعيا للشعب الفلسطيني واعترافها بحقه باقامة دولته الفلسطينية المستقلة، شكل بالنسبة لليمين الصهيوني الديني ونتنياهو تحديدا ليس خطاء تاريخيا، بل انه بداية نهاية اسرائيل ومخالفة صارخة للتعاليم الدينية اليهودية، وانه يجب تصحيح هذا الخطأ الذي لن يتم قبل القضاء على السلطة الوطنية الفلسطينية برمزيتها السياسية والقانونية، اذ هي بهذا الشكل او ذاك هي الطرف التعاقدي الوحيد الذي اعترفت له اسرائيل بحق تمثيل الشعب الفلسطيني وان لها الحق باقامة دولته المستثقلة، وان بقائها بهذا المضمون يفرغ اسرائيل كاداة تنفيذية بيد الولايات المتحدة وحلفائها من اي مضمون، وفي هذا السياق فان كل المرونة التي ابدتها القيادة الفلسطينية لم تغر اسرائيل خاصة يمينها ويمنها الديني المتطرف للقبول بالتعايش السلمي معها وان المعركة معها صفرية غير قابلة للتسوية، استخدمت خلالها ولا زالت كل سبل اضعاف السلطة واحراجها.
وايران وهي تستعد اليوم لتتفيذ ما تسميه بعملية الوعد الصادق الثالثة كما اكد ذلك المرشد الاعلى للثورة الايرانية وقائد الحرس الثوري، بعد ان تبين لها ان كل محاولات ابتلاع نتائج الهجوم الاسرائيلي الذي استهدف برنامجها الصاروخي البالستي والذي كان منذ تسعينيات القرن الماضي محط اهتمامها الخاص اكثر من برنامجها النووي، قد فشلت وان نتياهو ووزير دفاعه غالانت قد عمقا من شعورها بالحرج عندما اعلنا اكثر من مرة ان سماء ايران صارت مساحة مفتوحة لعمليات اسرائيل الجوية وانها اصبحت قادرة على الوصول لاي هدف بداخل الاراضي الايرانية، وايران وهي تستعد الان كما يؤكد قادتها للرد هل اقتنعت هي الاخرى ان معركتها مع اسرائيل ليست اقل صفرية من معركة هذه الاخيرة مع السلطة والشعب الفلسطيني؟؟.
منطقيا هو ان تكون قد وقفت على مثل هذه القناعة، ومنطقيا ان لا تكرر اخطاءها السابقة والخطأ القاتل الذي ارتكبه حزب الله عندما ترك زمام المبادرة في يد اسرائيل لتقرر متى تشعل هذه الجبهة او تلك، حيث اتبتت مجريات الحرب على الجبهة الشمالية وحجم الانجازات التي حققتها اسرائيل فيها وخاصة على مستوى الاستهدافات القيادية في الحزب انها كانت تستعد وتخطط لشن هذه الحرب حتى بدون هجوم السابع من اكتوبر، او بدون اسناد حزب الله للفصائل الفلسطينية في غزة.
ومن المفروض ان يكون قد اصبح واضحا للقيادة الايرانية ان اختيار استراتيجية المحافظة على النظام والبرنامج النووي، والتجريب بايصال رموز الجناح الاصلاحي لدفة الحكم واعادة الدفء لمفاوضات البرنامج النووي مع الولايات المتحدة، ليست هي الخيار الواقعي الذي من شأنه اسقاطها من حسابات الصهيونية الدينية على انها منافس اقليمي محتمل لن يكون بالمقدور التجاوز عنه، وان كل ما ستفعله باستثناء المواجهة المفتوحة التي تحمل امكانية توريط اسرائيل والولايات المتحدة وربما الاقليم، فانها لن قادرة على حماية بقاء النظام والاستمرار في المنافسة الاقليمية.
كذلك فان على ايران ان تدرك ان حربها الان مع اسرائيل تتحاوز حرب المحافظة على الهيبة في الاقليم الى حرب النفوذ والسيطرة عليه، وان هذه الاخيرة لن تقبل باقل من الاطاحة بالنظام وان كان ذلك لن يؤثر على التنافس الجيوستراتيجي بين الطرفين على المدى البعيد في ظل استسلام تام من النظام العربي وقيادته الضبابية لمعطيات الامر الواقع، وفي كل الاحوال فانه لا يمكن اغماض العيون عن حقيقة انفتاح الاقليم على تغيرات جذرية، لم يعد بالامكان الرجوع بها الى الوراء، وان حادثة التسريبات الامنية هذه لن تكون عابرة بل ستكون بداية لمرحلة اشد خطورة.
هاني مبارك/ استاذ الجيوبوليتيك والعلاقات الدولية في جامعة منوبة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا.. لا مياه في أحياء العاصمة نواكشوط!! • فرانس 24 /


.. إردوغان -يأمل- أن يتواصل تقدم مقاتلي المعارضة في سوريا -من د




.. هل سيسقط النظام السوري إن سقطت حمص بأيدي المعارضة المسلحة؟


.. وزارة الصحة في قطاع غزة: سقوط 44580 قتيلا فلسطينيا منذ بدء ا




.. هل يتجه المشهد في سوريا نحو التقسيم؟ | #الظهيرة