الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يزج بالنقاد في دورته الثامنة ... المهرجان الدولي لمسرح الشارع في كركوك

حسام الدين مسعد
كاتب وقاص ومخرج وممثل مسرحي ويري نفسه أحد صوفية المسرح

(Hossam Mossaad)

2024 / 11 / 7
الادب والفن


عقب ختام فاعليات الدورة الثامنة من المهرجان الدولي لمسرح الشارع في كركوك بالعراق،إنطلقت التسأولات الحبيسة داخل صدر كل متلق،ومشارك في هذه التظاهرة الشارعية لتتجلي في صورة نقاشات ثنائية أو جماعية بين ضيوف المهرجان والمشاركين في دورته المتميزة،إذ كان السؤال الرئيس الذي شغل بال الجميع ما هي رسالة هذه الدورة؟ وماذا أراد" نجاة نجم " ورفاقه في كركوك أن يبلغ المتلقي من تلقيه لعروض وفاعليات هذه الدورة ؟ وهل تحقق هدف الإتصال المتوقع من هذه الدورة الثامنة ؟

إن المتابع للإستعدادات والتحضيرات التي سبقت إنطلاق الدورة الثامنة يستطيع أن يبلغ جوهر وحقيقة الرسالة التي أطلقها "نجاة نجم " ورفاقه كتعبير عن قضيتهم اليومية كمواطنين أكراد يحيون في مدينة كركوك التي يبلغ عدد سكانها   في عام 2024 1,100,000نسمة واللغات المعتمدة بين سكانها هي العربية والكردية،والسريانية،والتركمانية،وبالتالي فإن كل قومية تتعصب لهويتها علي حساب الهويات الأخري،فأصبحت الفتن والحروب وئد للسلام والتعايش بين هؤلاء السكان في حُقب سالفة،لذا كان إختيار شعار الدورة الثامنة (السلام-التعايش) شعار يعبر عن القضية اليومية التي يحياها سكان مدينة كركوك التي ما إن مررت علي مداخلها عبر الطرق المؤدية لها من المحافظات العراقية المختلفة لن تجد لافتة اهلا ومرحباً بك في كركوك،بل ستجد لافتات تعلن عن أن كركوك للجميع،لذا كان شعار الدورة الثامنة بمثابة رسالة لعرض مسرح شارع يعبر عن قضية يومية يحياها سكان المدينة،وكان إنتخاب واستقطاب العروض لهذه الدورة وفق معيار رئيس يتجلي في الرسالة الإنسانية المشتركة التي تعزز الفهم بين الشعوب وتتجاوز ثقافتهم .

-لاشك أن عروض مسرح الشارع في منطقتنا تعاني من عزوف التلقي النقدي لها،وهذه الإشكالية تتجلي في ندرة الدراسات والأبحاث والكتب والمراجع العلمية التي تنظر لمسرح الشارع،بل أن البعض من النقاد ينفي وجود مسرح الشارع وحين يسئل عن سبب النفي يدعي عدم تراكم عروضه واستمراريتها التي تتيح للتلقي النقدي ملاحقتها والتنظير لها .

-لقد سعي "نجم" ورفاقه الي حل هذه الإشكالية أو المعضلة علي أربعة محاور تجلت في فاعليات الدورة الثامنة، الأول هو عقد ورشة فنية متخصصة في آليات التلقي النقدي لعروض مسرح الشارع أطرها الناقد المصري هيثم الهواري وحضرها عدد من طلاب معهدي الفنون الجميلة ( العربي،والكردي) بكركوك .

 أما الثاني كان بإختيار أعضاء لجنة التحكييم لمحور عروض مسرح الشارع للكبار ،جميعهم من النقاد المسرحيين،وليسوا من صناع مسرح الشارع، فلم نسمع يوماً عن الناقد المسرحي العراقي الكبير عواد علي أنه صنع عرض مسرح شارع بل كان يهاجم ممارسته غير الواضحة،ولم نعلم عن الناقد الفني المصري هيثم الهواري أنه كتب مسبقاً عن عروض مسرح الشارع رغم أنه يترأس المهرجان المسرحي الدولي لشباب الجنوب بمصر والذي به محور لمسرح الشارع وعروض المواجهة والتجوال ،لكن الأمر يختلف بالنسبة للباحثتين السورية د.رشا ناصر ،والعراقية د.إيمان الكبيسي واللتين لهن  عديد من الدراسات البحثية في مسرح الشارع ،وكأنك يا عزيزي المتلقي والمشارك في فاعليات الدورة الثامنة تستشعر عملية الزج التي عمد إليها نجاة نجم ورفاقه والمماثلة للزج بالمتلقي داخل رقعة التمثيل في عروض مسرح الشارع،او ما أشرت إليه سابقاً في كتاباتي بعملية المقايضة،فإختيار هؤلاء النقاد اللامعين وإستضافة البعض الآخر شرفياً لحضور الفاعليات كان بمثابة مقايضة ذكية حركت الماء الراكد وكسرت عزوف التلقي النقدي عن ملاحقة عروض مسرح الشارع .

لكن هل كسر عزوف التلقي النقدي تأتي فقط بإنتخاب أعضاء لجنة التحكيم ،وإستضافة بعض النقاد لحضور الفاعليات ؟ 

اعتقد أن الإشكالية الأكبر كانت متمثلة في غياب الفضاء العمومي الذي أشار إليه الألماني "يورجن هابرماس"  في تصوره لفضاء عام يشكل مجالا للنقاش والمحاججة في حوار عقلاني ونقاش حجاجي حر،إنطلاقاً من " مقولة الدولة الدستورية، أي انسجام أفراد المجتمع السياسي مع المبادئ القانونية ذات الأهداف الكونية"ويتعلق الأمر 

( بمبادئ العدالة والديمقراطية والمساواة في المواطنة وحقوق الإنسان والتي هي مبادئ لدولة القانون). ونلاحظ من ذلك المفهوم  أن السلطتين السائدتين في الفضاء العام "هما: السلطة الحاكمة الرسمية، وأخرى تترأسها سلطة غير رسمية، ولا تتمثّل في المؤسسات الرسمية، وهي كل أنواع الحركات الاجتماعيةوالسياسيةوالاقتصادية. فالسلطة الأولى الرسمية تتدّخل في الفضاء العام بشكل رسمي وشرعي لتنظيم شؤون

الدولة والمواطنين. 

أّما السلطة الثانية غير الرسمية، فتصبو لتحقيق المزيد من المكتسبات والمطالب للمواطنين،

الذين يشكلون وقودها الحقيقي، فهم الفاعلون فيها. كما أن حقيقة مطالبهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هي أصل مشروعية السلطة غير الرسمية بالنسبة لهم. وقوة هذه السلطة  بمثابة قوة ضغط حيوية للمجتمع  لخلق رأي عام ينسجم ومصالحها بكافة الموارد والإمكانات والوسائل، وذلك في 

مواجهة السلطة التي تطمح دائماً

عن طريق السيطرة على الوظيفة النقدية، والتي هي في الأساس منوطة بالفضاء العام؛ أي أن الدولة تقوم   من خلال التحكم عملياً بالدور النقدي للفضاء العام  بالفعل السياسي، بحيث تقوم بتأطير الممارسة السياسية،وتوظيف الأحزاب والنقابات والجمعيات ودور النشر ووسائل الإعلام لتوجيه الرأي العام لصالحها،وبإعتبار المسرح عامة يشكل مجالا للنقاش والمحاججة وله سلطة غير رسمية بمثابة قوة ضغط حيوية للمجتمع  لخلق رأي عام،لذا فإن الحل الثالث الذي سعي إليه نجم ورفاقه من إقامة ندوة أو لقاء مفتوح علي هامش فاعليات الدورة الثامنة لتفعيل الفضاء العمومي بمسرح الشارع كانت خطوة محمودة من إدارة المهرجان ومحور فكري متميز لولا اننا في منطقتنا تفتقر الي لغة التعلم الحواري،وكذا الي ثقافة الإختلاف ولا نتقبل ذاك الآخر المختلف عنا ايدلوجيا،فباتت الهويات تطفح لتفرض تعصبها وعنصريتها،وبات مرضي الظهور وفرض الرأي دون حجاجية هم البارزون ليعلو المفهوم الملتبس علي المفهوم الحقيقي لمصطلح مسرح الشارع ،لكن اعتقد أن نجاة نجم ورفاقه كانوا علي وعي بنتائج هذا اللقاء المفتوح،بل وضعوا له خطة موازية حال أن تدهور الأمر،فكان الحل الرابع هو إصدار أربعة كتب متخصصة في مسرح الشارع عودة الي الدرب الصحيح الذي يسعي الي ممارسة واضحة أو ربما الي ممارسة صحيحة،ومفعل وموثق للوظيفة النقدية والفضاء العمومي مع القارئ الذي لا شك سيستفيد من هذه الكتب التي تعالج إشكالية ندرة الدراسات النقدية والبحثية في مسرح الشارع.

-في النهاية قضينا في كركوك ايام ممتعة يسودها السلام والتعايش وإحترام الآخر،وتلقينا وجبة دسمة من العروض في فضاءات مادية غير تقليدية وطارئة كانت تعود إلي حالتها الأولي عقب إنتهاء كل عرض صادف متلقيين المول التجاري في كركوك ،او متلقيين جامعة الكتاب، وحظي بإستقطابهم ومشاركتهم في بعض العروض،ورصدنا في المرحلة البعدية للدورة الثامنة اثرها الذي تجلي في كتابات النقاد والباحثين عبر صفحاتهم الفيسبوكية،وعبر المواقع الإلكترونية المتخصصة التي رصدت فاعليات تلك الدورة المتميزة والتي يمكن لنجم ورفاقه التأسيس عليها لاحقاً في الدورات القادمة طالما أنهم يمتلكون مقومات النجاح والتفاني ويطبقون علم الإدارة الثقافية دون ادني تقصير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم الحريفة 2 يحصد 11 مليون جنيه خلال يومي عرض بالسينمات


.. احتفاء كبير بصناع السينما المصرية وبفيلم البحث عن منفذ لخروج




.. أون سيت - لقاء خاص مع الفنان عمر السعيد | الجمعة 6 ديسمبر 20


.. تجمع لعرض ثقافات وفنون الدول في العاصمة واشنطن | أميركا هذا




.. أون سيت - فيلم Moana 2 يتصدر إيرادات الافلام الاجنبية في مصر