الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسين علي يونس: الشاعر السوريالي المحلق بمراوح السخرية السوداء..

حكمت الحاج

2024 / 11 / 7
الادب والفن


بقلم: حكمت الحاج*
.. ومنذ مجموعته (الشعرنثرية) الأولى بعنوان "إجراءات"، وحتى آخر مجموعة له بعنوان "مراوح الخلود"* والشاعر العراقي حسين علي يونس ينجح في تطوير شكل قصيدة النثر العربية بطريقة تتلاءم مع قضايا وأساليب العصر الحديث. فلم تعد قصيدة النثر المعاصرة وسيلة للتعبير عن مشاعر فردية أو تأملات ذاتية فحسب، بل باتت أداة للتفاعل النقدي مع الواقع السياسي والاجتماعي، واختبار الحدود بين الواقع والخيال، وهو ما يُبرز السوريالية والسخرية السوداء في شعره.
في جل كتبه "الشعرنثرية" الصادرة خلال ما يناهز الثلاثين عاما ونيف، مثل "رسالة في برميل" و"حانة في حلم" أو "طرت فوق الزمن والحياة الغريبة" و"مهد الأبدية" و"أمل يمر"، علاوة على ما تم ذكره أعلاه، تمثل قصيدة النثر عند حسين علي يونس مساحة لتداخل الأسلوب السردي مع العناصر الشعرية الغرائبية والتهكم السياسي. فيستفيد الشاعر من تقنيات السرد اليومية والتوظيف الرمزي ليعكس تجارب معاشة ويقدم رؤى نقدية للعالم، مشكلاً بذلك قصائد نثر تتميز بالعمق والابتكار. وهو بذلك، يصوغ بكل عناية، لغة وشكلًا شعريًا متجدّدين يتماشيان مع متطلبات القارئ المعاصر، ليقدّم قصائد تسهم في تطور هذا النوع الأدبي في الثقافة العراقية والعربية.
إن الإخلاص لشكل قصيدة النثر عند الشاعر حسين علي يونس، والخروج أحيانا على ضوابطها المتعارف عليها كلما سمح له الخيال بذلك، والرؤية السوريالية، واستخدام السخرية السوداء والهجاء السياسي، حيث يوظّف الشاعر عناصر فانتاستيكية وصورًا متجاوزة للواقع ليعبر عن رؤى تأملية عميقة، إنما تشكل ملامح القصيدة بثباتها ووضوحها عند شاعرنا لتصبح رؤيته متعددة الأبعاد، تجمع بين الرمزية والفكاهة السوداء، مقدّمة بذلك أنموذجًا معاصرًا لقصيدة النثر. وتظهر السوريالية عنده في تصوير مشاهد خيالية تتحدى الإدراك الحسي المعتاد. بينما في المقابل، يتجلى الهجاء والسخرية السوداء في انتقاده اللاذع للمفاهيم الوطنية والشعارات الزائفة، حيث يستهزئ بفكرة التضحية، ويقارن الوطن ببطيخة أحيانا، في مفارقة لاذعة، كاشفاً بذلك عبثية الشعارات السياسية.
ولا يمكن لأي قاريء لشعر حسين علي يونس إلا أن يلاحظ كيف أنه يمزج بين الأسلوبين بمهارة، حيث تستحيل السوريالية أحيانًا إلى أداة تهكمية. هذا المزج يمنح القصائد بعدًا تأمليًا يمسّ الوجدان بقدر ما يفضح عبثية الواقع. يستخدم الشاعر السوريالية للهروب من الواقع الظاهري وفتح أفق الخيال، بينما تأتي السخرية السوداء لتحمل نقدًا اجتماعيًا وسياسيًا يعكس موقف الشاعر من تناقضات الحياة العراقية، فيصبح النص فضاءًا يجمع بين الخيال الجريء والنقد اللاذع، مع الانفتاح على العالم الواسع عبر انتهاجه لشكل قصيدة النثر بشقيها: الفرنسي (عبر الوجازة والتوهج والمجانية)، والإنكليزي (إيلاء السرد أهمية وتبني الحكاية في القصيدة) ليقدم لنا بذلك أكبر تعبير عن وجوده الكوني كشاعر عراقي، هنا والآن..

*(من مقدمتي للمجموعة الشعرية الجديدة للشاعر العراقي حسين علي يونس بعنوان "مراوح الخلود" والتي ستصدر قريبا عن منشورات "كناية").








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم الحريفة 2 يحصد 11 مليون جنيه خلال يومي عرض بالسينمات


.. احتفاء كبير بصناع السينما المصرية وبفيلم البحث عن منفذ لخروج




.. أون سيت - لقاء خاص مع الفنان عمر السعيد | الجمعة 6 ديسمبر 20


.. تجمع لعرض ثقافات وفنون الدول في العاصمة واشنطن | أميركا هذا




.. أون سيت - فيلم Moana 2 يتصدر إيرادات الافلام الاجنبية في مصر