الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعر بوصفه لعبة الابداع قراءة في نص (كَسَاحِرٍ يُرَوِّضُ عَصَافِيرَ قَلبِي )

داود السلمان

2024 / 11 / 9
الادب والفن


*مقدمة
يحلو ليّ أن أطلق على الشعر تسمية لعبة الابداع، كون الشعر ترف فكري يمارسه كلّ من يجد في نفسه هذه اللعبة – الشعر – فالشهر هو ليس كالفلسفة، أو النظريات والبحوث العلمية التي عادة ما تثمر عن نظريات تصب في خدمة الإنسان، وترفع من شأنه كي يواصل وجوده في هذا العالم المترامي الطراف، والمضطرب أحيانا نتيجة عوامل لا نفقه كنهها نحن البشر.
عودنا الشعر أن نسبح في بحر الخيال، لنستخرج منه مفردات وجُمل رنّانة، تذهل اللب وتسحر العقل، مما تجعل – هذه الجُمل – من المتلقي أن يشعر بالدهشة، وربما بالذهول، أو بحالة من السرور، أو بالاسى؛ (يُسر المتلقي إن كانت القصيدة عاطفية، أو غزلية تتنعم الجمال، وتصف مفاتن الحبيب والمتعة بقربه. وتشعره الأسى والحزن، إن كانت القصيدة تتحدث عن الفراق، والهجر، والبعاد، والغياب، والفقد، إلخ).
وبصورة عامة، الشاعر لا يمكن أن ينتج لنا نظرية علمية، لأنّه يحتاج إلى الوعي والادراك، والفطنة والذكاء؛ بعيدا عن الخيال الذي هو من ادوات الشاعر، - لولا الخيال لم يكن شعر- إذ شتان ما بين الشاعر والباحث العلمي، والعالم المتخصص في هذا المضمار.
*سمة النص:
في النص هذا الموسوم "كَسَاحِرٍ يُرَوِّضُ عَصَافِيرَ قَلبِي" للشاعرة السورية ميَّادة مهنَّا سليمان، ومن مجموعتها (قصير فستان صبري) نلاحظ النص يخضع إلى معايير ذاتية (ونعني بالذاتية تجربة الشاعرة وهي تكتب هذا النص، إذ كثرا ما نجد الشعراء يترجمون ذواتهم في أغلب نصوصهم)، بمعنى، أن النص يساير خطاب، أو قُل يناغي طيف الحبيب لحبيبه، ويشكو له ما يتعلق بسماء ذاكرته التي ارهقها الوجد، وباتت تستنهض ما يتعلق بالخيال، كأنّ الذكرى تجلب الدواء الشافي حينما يستنهضها الحبيب، وهي عادة أو صبر يلتجئ اليه الحبيب، عندما يشتد الوجد به: "أختَبِئُ قُربَ شُبَّاكِ الحَنينِ
أرشُو السِّتَارَ بِنُعومةِ أصَابِعِي
كَي لَا يَبُوحَ بِسِرِّ الشَّغَفِ" //ارجع النص.
*لغة النص:
جاء النص خالي من الارباك - كما هو واضح - الذي عادة ما يقع فيه الكثير من الشعراء، بما فيهم الكبار (فلنقل البارزين منهم، لأنني اتحفظ على كلمة كبار، فلا أطلقها جزافا) حيث يمتاز –النص بانسيابية، ويجري بتدفق شعري، يتجاوز الملل. فضلا عن الصورة، والرمزية المكثفة، التي حرصت الشاعرة على التركيز عليها، وهي من العوامل التي تتبناها النصوص الجيدة، وبعمقها الفلسفي (أرى أن جميع النصوص الأدبية تضع لفلسفة خاصها بها، والتي لا تحمل سمة فلسفة، هي نصوص هلامية مسيرها أن تختفي، أو تضمحل بتقادم الزمن)، هذا العمق تمثل بقول الشاعرة على سبيل المثال: "بِألوَانِ الأمَلِ
أَشرَبُ فُنجَانَ دَهشَةٍ
بِنَعنَعِ اللوعَةِ"// أرجع للنص
وجُلنا على دراية، بأنّ "الدهشة" هي بداية التفلسف، حيث أنها هي من ايقظ الهمة وقذفها في روع الفيلسوف. والأشياء التي لا تثير دهشتنا، لا تستحق التأمل، والتمعُن في قضايا الوجود، والشعر بحد ذاته قضية وجودية، أو من عمل تأكيدها- بحسب معرفتي البسيطة - هو المعري شاعر الفلاسفة، وفيلسوف الشعراء، كما يطلق عليه.
*تقييم
أستطيع أن اقيّم النص: (بحسب بساطة وعيي، وقلة خبرتي التي لا اُحسد عليها، لكنني متابع جيد، لما يُنشر، هنا وهناك) أن النص هذا، ويسمو والنصوص التي كُتبت لتبقى بالذاكرة الشعرية، لأنّ كلماته منتقاة بعناية وتركيز، ولغته الشعرية اتسمت بالبيان والاختزال، فهو نص ناهض من هذه النواحي، لا سيما وأن الشاعرة ل ميَّادة مهنَّا سليمان لها تجربة طويلة في عالم الشعر، ومجاميعها الشعرية تجاوز بعض مجاميع، وهي منشورة ومتداولة في الأوساط الأدبية، ومتاحة لمن يريد الاطلاع عليها.
*النص:
كَسَاحِرٍ يُرَوِّضُ عَصَافِيرَ قَلبِي
=====
فِي حَدِيقةِ الاشتِياقِ
قُبَالةَ شُرفَةِ اللهفَةِ
أرقُبُهُ
يُمَارِسُ رِيَاضةَ العِشقِ
يُغرِينِي بِتَمارينَ غزَلٍ
لا يُتقِنُها سِوَاهُ
كَسَاحِرٍ هُوَ
يُرَوِّضُ
عَصَافِيرَ قَلبِيَ الجَائِعَةَ
لِبُذورِ الأُمنِيَاتِ
فَأستَكِينُ
أختَبِئُ قُربَ شُبَّاكِ الحَنينِ
أرشُو السِّتَارَ بِنُعومةِ أصَابِعِي
كَي لَا يَبُوحَ بِسِرِّ الشَّغَفِ
تَرسُمُ أنفَاسِي
عَلَى بَلُّورِ الوَجدِ
لَوحَةَ حُبٍّ
بِألوَانِ الأمَلِ
أَشرَبُ فُنجَانَ دَهشَةٍ
بِنَعنَعِ اللوعَةِ
أُحَلِّيهِ بِقطَعٍ مِنَ الصَّبرِ
أَشرَبُ.. وَأشرَبُ
أغزِلُ ثَوبَ اللِقَاءِ
كَسُولٌ هذَا الوَقتُ
تَعِبتُ وَأنَا أُمَارِسُ
رِيَاضَةَ الانتِظَارِ
أَلَا أخبِرُوهُ:
رَشِيقٌ خَصرُ قَصَائِدِي!
ميَّادة مهنَّا سليمان / سورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم الحريفة 2 يحصد 11 مليون جنيه خلال يومي عرض بالسينمات


.. احتفاء كبير بصناع السينما المصرية وبفيلم البحث عن منفذ لخروج




.. أون سيت - لقاء خاص مع الفنان عمر السعيد | الجمعة 6 ديسمبر 20


.. تجمع لعرض ثقافات وفنون الدول في العاصمة واشنطن | أميركا هذا




.. أون سيت - فيلم Moana 2 يتصدر إيرادات الافلام الاجنبية في مصر