الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمة عرب/أسلامية ...بلا قلب ولا ضمير

علي بداي

2006 / 12 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لااتصور ان هناك مسؤولا في التاريخ قد كشف امام العالم على حقيقته المخزية، وبالادلة الدامغة التي لاتقبل التاويل، كما كشف صدام حسين، ولااعتقد ان هناك في تاريح هذا الرجل ولو فعل واحد صغير، يؤشرعلى فعل خير فعله في حياته من اجل نفع انسان اخر حتى وان كان هذا الشخص من عائلته هو نفسه او من اضيق حلقات حزبه والقائمة تطول من ابن خاله عدنان خير اللة الى صهره حسين كامل مرورا بولي نعمته احمد حسن البكر .
اما اذا توسعت الدائرة فتوسع الحديث ليشمل الوطن والامة فتكاد برامج الكومبيوتر تعجزعن احصاء حجم الضرر الذي الحقه بهما ، من الامثلة ان العراق كان، قبل ان يسرقه صدام ، يملك 30 مليار دولار فاضحى البلد في اخر ايام حكمه مدانا باضعاف هذا المبلغ وان عدد العراقيين خارج الوطن فبل عهد صدام لم يكن يتعدى الدبلوماسيين والطلبة ونفر قليل من التجار فارتفع العدد في اخر ايام الخلافة الصدامية الى قرابة الخمسة ملايين.

ربما يكون العراق اكثر بلدان العالم في عدد القبوروعدد الارامل والايتام والمعوقين، ولاريب ان مدن العراق هي اكثر مدن العالم رثاثة، وريف العراق اكثر ارياف العالم خرابا، والانسان العراقي اكثر سكان الارض قلقا وحزنا وتعاسة، والطفل العراقي اكثر اطفال الارض حرمانا.
في يوم واحد فقط اقتاد صدام 186 الف انسان ليطمرهم تحت التراب ، على الكيمياوي ابن عم صدام امتعض من كذب قادة الاكراد ومبالغاتهم : الا تخافون اللة ؟ ماهذا الكذب ؟ لقد طمرنا 180 الف فقط وليس 186 الف !!!
حول صدام الحلم الباهت بوحدة عربية، او بأن تنسق الشعوب العربية ذواتها باتجاه تعاون يرفع من شانها المتدهور، الى حلم مستحيل بغزوه المضحك المبكي للكويت الذي بداه بكذبة ثورة علاء حسين وانهاه بكذبة انتصار العراق على العدوان الثلاثيني فقرأت الفاتحة بعد هذا الغزو الاحمق وماخلقه من تنافر وتشرذم وأنزواءات أقليمية على روح الوحدة العربية .
قلب صدام معادلة الصراع العربي الاسرائيلي التي دخلت فيها ايران لاول مرة ووقفت في الصف الفلسطيني، وكأنه يأسف لغياب شاه ايران الذي كان ذيلا لامريكا : وبدا صدام الحرب ضد ايران بكذبة المرور عبر عبادان الى القدس وانهاها بمهزلة قبوله بشروط ايران، وأمتنا العربأسلامية لم تزل تبحث في خبايا تضاريس هذا الدون كيشوتي عن كنوز الحكمة والشجاعة!
فاي حس لدى الامة العرباسلامية ؟
كان أمام الامة العرباسلامية ثلاث سنين كاملة لتشاهد شهادات الاف الضحايا ،وصور القتل الفردي والجماعي المنفرة، وروايات عن هتك اعراض، وبيع أطفال، وهدم بيوت على روؤس ساكنيها، وتعذيب جماعي وتجفيف انهار، وحرق قرى، ويبدو ان ذلك كله لم يصل الى حد هز أوتار الحس الانساني لأمتنا.
واذا انعدم الحس الانساني وضاع الناس وكرامتهم تحت ركام الشعارات واختفت استغاثاتهم في لجة اناشيد الحروب، اين هو حس الامة الاقتصادي ؟ الم يعدم مسؤلون في فضائح فساد اداري محدودة لاتتجاوز بضعة ملايين من الدولارات؟ لقد كانت قوانين صدام ذاته تحكم من اختلس ملعقة واحدة من مخازن الدولة بالاعدام!
وكان صدام ذاته هو من اعدم مجموعة من تجار بغداد دون ترو او تدقيق بل بدون تهمة واضحة سوى غضبه من التلاعب بسعر الدولار والاتجار به فكيف بمن يلق بثروات العرا ق طيلة اربعة عقود الى النار؟

كيف بمن اشعل النار بنفط الكويت لستة اشهر؟ الم يكن نفط الكويت عونا لالاف العوائل من الفلسطينيين والاردنيين والمصريين والسوريين؟ واية حكمة في هذا الفعل الجنوني سوى اشارته الى تخلفنا الاسطوري وجنوحنا لتلويث البيئة والارض وما عليها ووقوفنا حارج ركب الحضارة؟
اوليست جريمة كبرى ان يعيش مواطنو البلد الذي يملك ثاني احتياطي نفطي في الارض تحت مستوى الفقر، في حين يختلس صدام طيلة اربعين سنة 5% من ايرادات النفط بتستر من أمريكا التي لاتود فتح هذا الموضوع؟

واذا انعدم الحس الاقتصادي لدى امتنا العرباسلامية ؟ أين اضحى الحس الامني والتاريخي؟ الا تذكر امتنا كيف كانت اميركا تبحث عن مبرر لاحتلال منابع النفط في الخليج في بداية الثمانينات من القرن الماضي؟ وكيف يسر صدام لاميركا هذه المهمة بل ورشحها لان تدخل المنطقة رافعة راية تحرير الشعوب ؟
واذا انعدم الحس الامني والتاريخي لدى هذه الامة ووجدت لنفسها الاعذار كونها امة منشغلة بمشاكلها ، وغيرتها على عروبتها اين هو حسها القبلي ؟ فلماذا لاتتذكر هذه الامة صداما حين تشفى بضرب اميركا لليبيا وعلق بكل صلف بان من حق الدول الكبرى تاديب الدول المارقة؟
اية عقدة تلك التي تتحكم في نفس الامة و تدعوها للتمسك بابوتها لصدام ؟ لقد فشل صدام في ان يكون رمز الشجاعة والكرامة العربيتين حين استل من جحره يوم 13 كانون الثاني عام 2003 وهو القائد العام للقوات المسلحة الذي كان دوره يحتم عليه الوقوف مع جيشه حتى أخر لحظه لا الهروب بجلده وترك البلاد عرضة للنهب.
وقبل ذلك بسنين عام 1991 فشل صدام في ان يكون رمزا لما تنشدة الامة من صفات القائد الغيور، حين اختفى تحت الارض ليترك الجيش العراقي يهلك تحت قصف جيوش ثلاثين دولة.

فما معنى ان تختلف الامة العربية والاسلامية على مصير صدام حسين؟ واي معنى يتبقى امام العراقي لشئ اسمه الامة العربية او الاسلامية حين تتجدد الادلة امام عينيه يوميا بأن أمته لاتريده بل تريد المتاجرة به وبتأريخة ؟؟
اي شئ يجعل صداما مميزا وجبارا غير بطشه اللامعقول بابناء العراق؟ وأية ميزة يتميز بها صدام على أقرانه من حكام العرب غير تهوره واستعداده المرضي لحل صغائر الامور بقطع الرؤوس وكبائر الامور بخلط الاوراق ورمي الحجارة في الظلام والهرب من النتائج الى أقرب مخبأ محصن؟
وا أسفاه على تلك الامة التي قاتلنا طويلا من اجلها!
فلو كان صدام حسين نتاج امة حية لاغلقت على نفسها الباب واضربت عن فعل أي شئ الى ان يقتص القضاء منه، لان وجوده عار يصم تاريخها، لكن امتنا العرباسلامية لا تحس العار كما تحس به باقي الامم فهي مستعدة ان تطارد امرأة حتى حدود الارض لكي تغسل عارها ولاتكترث لمصير شعب بكاملة رمى به صدام خارج حدود العصر الصناعي.
ولو كان صدام نتاج امة تنتمي الى عصر التحضر، لخجلت من ارتباط اسمه باسمها واضافته جرائمه الى سجل تراثها ولطالبت هي فبل ان يطالب اي عراقي بان يلقى به في أقرب فرصة ممكنة الى اقرب مزبلة كما يلقى بالقمامة و مايضر البيئة والبشر، لكنها امة بلا قلب ..امتنا هذه...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الداعية الأزهري رمضان عبد المعز: ابن تيمية جاء في ظروف قاسية


.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر




.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ


.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي




.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا