الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواكبة في عالمٍ متغير

أشرف عبدالله الضباعين
كاتب وروائي أردني

(Ashraf Dabain)

2024 / 11 / 11
العولمة وتطورات العالم المعاصر


العلوم الاجتماعية والإنسانية شيء وتطبيق هذه العلوم شيء آخر. قد يحصل الإنسان على شهادة علمية مرموقة في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية ومنها الإدارة ولكن عندما يُطلب منه تطبيق النظريات أو الفرضيات يفشل، والسبب في الأغلب أن تطبيق العلوم الاجتماعية والإنسانية يحتاج للممارسة. وفي الممارسة قد يفشل صاحب العلم لأنه لم يتمكن أو لم يمارس علمه بعد تدريب وتجريبٍ كافٍ. لذا يحتاج صاحب العلم إلى تدريبٍ تطبيقي وتجريب النظرية، واخضاع العلوم الاجتماعية والإنسانية للتطبيق العملي في مجالات محددة لمعرفة إمكانية التوسع لاحقًا في التطبيق، واخضاع المؤسسات أو المشاريع لهذا العلم. لذا عندما ظهرت نظريات الإدارة وبدأ العلماء بتطبيقها كشفت الممارسة عن عيوبٍ في تلك النظريات، فظهرت نظريات متجددة لتفادي الأخطاء في النظريات السابقة وهكذا.
من أهم طرق تطبيق العلوم الاجتماعية والإنسانية الحديثة التجديد، والتجديد لا يحدث فجأة بل يمر بمراحل عدة وأهم تلك المراحل مرحلة اسمها التأهيل، والتأهيل هو الخروج من جمود العلوم الاجتماعية والإنسانية الذي وجدت كحاجة في فترة تناسب الواقع القديم، فيُدخل خصائص المرحلة الجديدة في العلوم الاجتماعية والإنسانية فيُأهلها ليتناسب والمتغيرات السريعة في عالمنا. فعلى سبيل المثال لا الحصر نظريات الإدارة قبل ثلاثين عامًا لا تتناسب والواقع الذي نعيشه، فما بالك ونظريات الإدارة الكلاسيكية التي يصر بعض المديرين العرب على تطبيقها في مؤسساتهم، وأهم المتغيرات التي حدثت في هذه الثلاثين عام الأخيرة الثورة التكنولوجية السريعة جدًا، بالتالي نحن بحاجة لتأهيل "جميع العناصر" لتواكب هذه الثورة التكنولوجية وبسرعة لتلاحق هذا التسارع.
ولا بد أن يترافق التأهيل بشيء اسمه النقد البناء، والنقد البناء هو الوسيلة الأنجع للإبداع، فعلى النظرية والنظرية المقابلة وضع مساحة جيدة للنقد البناء والمراجعة للتأكد من الانتقال السلس والسليم من تطبيق النظرية القديمة إلى تطبيق النظرية الحديثة. وبالمناسبة هذا التطبيق يختلف من منظمةٍ لأخرى وهنا يبرز دور القائد في المنظمة.
وهنا نرى نماذج غربية ناجحة في تطبيق العلوم الاجتماعية والإنسانية، بينما نرى نماذج مستهلكة بالية وضعيفة عربيًا! لماذا؟
إن الحالة التي نراها في تطبيق النظريات عربيًا هو حالة جمود. فالمؤسسات والمنظمات العربية ما زالت تؤمن وتتبع بقصد أو بغير قصد على المنهج الكلاسيكي في النظريات وتطبيقها، وكلما حاولت تلك المؤسسات أو المنظمات أن تطل برأسها خارج الصندوق عادت واختباءت فيه خوفًا من الفشل.
إن حالة الخروج من النظريات الكلاسيكية يحدث بشكل بطيء جدًا وبدون ثقة وبحالة توهان ودون هدف محدد.
للأسف تقلد معظم المنظمات العربية مثيلاتها المنظمات الأجنبية في وضع الاستراتيجيات ومن ينبثق منها من خطط وبرامج وأدوات قياس، لكن وضع تلك الاستراتيجيات موضع التنفيذ أمرٌ آخر، وعندما يُسأل المسؤول العربي عن سبب عدم التطبيق أو الفشل فيه يضع أسبابًا واهية، كأن يقول مثلا أنها متطلبات أمام من أعلى منه، أو أن يضع اللوم على من دونه في المستوى التنظيمي متناسيًا أحد أهم مبادئ الإدارة وهو تحمل المسؤولية، وأن المسؤولية لا تفوض بل السلطة والسلطة فقط.
نحن أمام عالمٍ سريع التغيير وسريع التطور ومتغير جدًا فإما أن تكون مواكبًا للتغير أو يأكلك هذا الوحش الصامت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -ورشة القرن-..من سيدفع فاتورة إعمار غزة؟


.. إطلاق سراح ثلاث رهينات إسرائيليات مع بدء سريان اتفاق وقف إطل




.. عاجل | حماس تسلم الرهينات الإسرائيليات الثلاث إلى الصليب الأ


.. عاجل | بايدن عن اتفاق غزة: هذا ما يجب على ترامب فعله




.. شبكات | استعدادات واشنطن لحفل تنصيب ترمب... من سيحضر؟