الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الخلاف والاختلاف
جمال الهنداوي
2024 / 11 / 12اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
على الرغم من الحدود الهلامية الملتبسة بين مفهومي الاختلاف والخلاف لغوياً..نجد هناك صعوبةً في التوصل إلى دلالة قد تكون سببيةً ملزمةً بينهما لأنَّهما حدثان لا يتولدان ضرورة من بعضهما البعض.. بل يمكن اعتبار أنَّ المفهوم الأول هو الحد المانع من حدوث الثاني لو تعاطينا مع الأمر من جانب معطيات ثقافية بحتة..ولكنه لن يكون من الحكمة بمكان أيضاً تجاهل إمكانية استغلال التقاطعات الآيديولوجية والمجتمعية..وفي ظروف معينة لا يمكن أن نبرأها من الانحرافات القصدية..في عملية توظيف الاختلاف في توليد الخلاف...
إنَّنا وإنْ كنا نقر بأنَّ القبول الأولي بحق الاختلاف في داخل المجتمع الواحد، يمثل حقاً ديمقراطياً أصيلاً مكفولاً دستورياً لجميع افراد الشعب ، إلاَّ أننا لا نجد في الاختلاف الدائر بين المكونات المجتمعية العراقية حول الهوية الثقافية الجامعة، اختلافاً داخلياً مؤدياً بالضرورة إلى الوحدة، بل هو أقرب إلى الخلاف المدار من قبل ثقافات تكتسب هوية مشروعها الثقافي الطامح إلى بناء وحدات أخرى على حساب الوحدة الوطنية الأم ..وهذا ما قد يقود إلى خلاف يعيقنا عن مواجهة مخططات الخارج بأسلوبٍ واحدٍ واتجاهاتٍ واحدةٍ ووسائل واحدة ويدٍ واحدةٍ.. إنْ لم نقل إنه منهج يفتح الباب على مصراعيه للآخر في الإمعان في التدخل والوصاية على شؤوننا الداخلية..
إنَّ الحل يجب أن يبدأ من خلال الوعي بالاختلاف كعامل توحيد وقوة وتعزيز للكيان الوطني الأعم والأشمل..ولا يمكن إلا من خلال التعرف على مواطن القوة الكامنة في التعددية الثقافية داخل الوحدة المجتمعية الوطنية.. وهذا لا يمكن أن يتم من دون إعادة برمجة وتوجيه التعددية الحاصلة الآن، بنسختها الراهنة، إلى تحديد مركزية الشأن الوطني العام. وعلى أساس أن تتم الاستفادة من التنوعات الثقافية ووضعها في مصلحة المجتمعية الوطنية العراقية.
وهنا يأتي الدور المقدس والحاسم للنخب الثقافية العراقية في إرساء أسس تراعي مصالح وتطلعات جميع مكونات الشعب العراقي وبنفس توافقي وباحترام شديد للآخر من خلال تقبله كما هو كائن ليس كما نتمنى أن يكون ، مع الوعي الكامل لإمكانية بل وضرورة وجود الاختلاف بيننا..
إنَّ إدراكنا لهذا الاختلاف سيسهم في تأصيل ثقافة الحوار البناء في مجتمعنا ويساعدنا على التواصل حضارياً وسلوكياً ، تلك الثقافة التي تتبنى الحوار كوسيلة تتبنى الاعتراف بامكانية وجود من لا يكونون معنا على ذات الرأي ..ولكنهم يشابهوننا في الخلق والانتماء إلى هذا الوطن الغالي الكريم.. إنَّ هذا الطريق هو الخيار الوحيد لنا لكي لا يأتي اليوم الذي نرمى فيه خارج المنظومة الانسانية.. بل وحتى خارج التاريخ .. حيث أنَّ الأجيال القادمة قد تتفهم تخلفنا المؤسف عن الركب الحضاري ..وقد تغفر لنا أخطاءنا وهفواتنا .. ولكنها لن ترحم أبداً أن ندير الظهر بعضنا للبعض الآخر ونرمي وطننا في بوتقة التشرذم والتفكك رغم كل ما يجمعنا من روابط إنسانية ضاربة في أعماق القرون.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. وصول رهينة إسباني إلى الجزائر بعد تحريره في منطقة الساحل الأ
.. مظاهرة في مدريد للمطالبة بمحاسبة إسرائيل على الإبادة الجماعي
.. زاهر جبارين للجزيرة: هدف نتنياهو الوحيد هو القتل والتخريب لل
.. صباح العربية | -علاج ثوري-.. أمل جديد للملايين من مرضى الذئب
.. معاناة أم فلسطينية مكلومة فقدت ابنها ولا تعرف مصيره وتبحث عن