الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المهداوي: ضحية النظام أم بطل مسرحية درامية؟
بن سالم الوكيلي
2024 / 11 / 12كتابات ساخرة
في المغرب، حيث تتشابك السياسة مع الإعلام في دوامة من الصراع، جاء حكم محكمة على الصحفي حميد المهداوي هذا الأسبوع ليضيف فصلا جديدا في رواية الصحافة الحرة في العالم العربي. الحكم الذي قضى بسجن المهداوي لمدة عام ونصف، بالإضافة إلى غرامة مالية ضخمة تقدر بـ150 مليون سنتيم، يعكس حجم التوتر بين السلطة والصحافة المستقلة، ويؤكد أن هناك مواقف غريبة تجمع بين السياسة والفن. فالصحفي الذي كان يكتب عن قضايا الفساد والمجتمع، تحول فجأة إلى شخصية محورية في مسرحية العدالة المفقودة، بعد أن جلبت الحكومة له فصلا دراميا جديدا من القمع.
المهداوي، الذي كان يعتقد أنه يكتب الحقيقة وينبش في قضايا فساد السلطة، اكتشف بطريقة غير متوقعة أنه أصبح هو نفسه جزءا من هذه القصة، ليكتشف أن الواقع السياسي في المغرب أشبه بحلم مختلط بالخيال. كان في البداية يأمل أن يكون بطلا في رواية الصحافة الحرة، ولكن سرعان ما تحول إلى ضحية لمأساة جديدة تعيشها الصحافة في العالم العربي. فبدلا من أن يكرم على كشف الحقائق، أصبح هو نفسه مستهدفا، محاطا بالتهديدات والاتهامات التي سلبت منه حريته.
أما وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، الذي يعد أحد اللاعبين الرئيسيين في هذه القصة، فقد بدا كالمخرج الذي يحاول إدارة هذا العمل الدرامي المعقد. هو نفسه الذي حرص على الظهور في كل الأوقات ليؤكد أن العدالة في المغرب لا تعرف المزاح. المهداوي، الذي كان يظن أنه يمارس حقه في التعبير عن الرأي، اكتشف فجأة أنه أصبح ضحية لرغبة السلطة في إظهار قوتها، متجاهلة أي منطق قانوني أو دستوري.
أما الغرامة التي فرضت عليه، 150 مليون سنتيم، فهي مبلغ قد يبدو للبعض مجرد "أرقام"، لكنها بالنسبة للمهداوي كانت بمثابة صفعة ضخمة تعكس محاولة لتكميم أفواه الصحفيين. هذا المبلغ، الذي يعادل ثمن إفطار فاخر في أحد الفنادق الكبرى أو ربما عشاء فخم في مؤتمر، لا يتناسب مع واقع المهداوي كصحفي مستهدف. لقد كانت هذه الغرامة أشبه برسالة من الحكومة تهدف إلى الردع وإظهار أن أي محاولة للتعبير عن الرأي بحرية قد تؤدي إلى عقاب قاسي.
في هذا السياق، يطرح العديد من المتابعين تساؤلات مشروعة: هل نحن بالفعل في عصر جديد من العدالة؟ أم أننا نعيش في مرحلة الكوميديا السوداء، حيث تصبح الاعتقالات والغرامات جزءا من الروتين اليومي؟ يبدو أن الحكومة قررت أن تجعل من المهداوي مثالا عبرة، ولكن بطريقة معكوسة، حيث تحول من كاتب منتقد إلى رمز للسخرية من "العدالة" في المغرب.
وفي خضم هذه الأحداث، يتساءل الجميع: كيف سيتعامل المهداوي مع هذه التجربة؟ هل سيستمر في الكتابة بنفس الطريقة؟ أم سيعمد إلى تغيير أسلوبه ويتبنى نوعا من السخرية ليحول محنته إلى مادة كوميدية تثير اهتمام الجمهور؟ هذا الحكم يمثل اختبارا حقيقيا للصحافة في المغرب والعالم العربي بشكل عام، حيث يتحول الصحفي من ضحية لعدالة مفترضة إلى بطل في مشهد سياسي غير واضح.
وفي الختام، يبقى السؤال الكبير: هل سيظل المهداوي رمزا للحرية في مواجهة القمع؟ أم سيحول هذه المحنة إلى مادة سخرية تفضح الواقع المرير؟ في عالمنا العربي، لا شيء مستحيل، ولكن الأكيد أن الضحك قد يصبح سلاحا فعالا ضد الظلم. ورغم كل ما تعرض له، يبقى المهداوي قادرا على إضحاكنا في هذا الزمن المليء بالجدية القاتلة، حيث تتحول الأحداث الجادة إلى مشاهد كوميدية تفضح تناقضات الأنظمة والعدالة الغائبة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. أنجلينا جولي تكشف عن رأيها فى تقديم فيلم سيرة ذاتية عن حياته
.. اسم أم كلثوم الحقيقي إيه؟.. لعبة مع أبطال كاستنج
.. تستعيد ذكرياتها.. فردوس عبد الحميد تتا?لق على خشبه المسرح ال
.. نافذة جديدة على العالم.. مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة ا
.. الحكي سوري | فنان يجسد مآسي اللاجئين السوريين في تركيا.. وذك