الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرئيس الأسد معه الحق في كل كلمة قالها في خطابه أمام القمة العربية الإسلامية

عبد الحميد فجر سلوم
كاتب ووزير مفوض دبلوماسي سابق/ نُشِرَ لي سابقا ما يقرب من ألف مقال في صحف عديدة

(Abdul-hamid Fajr Salloum)

2024 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لو تأملنا في قضية الصراع العربي الإسرائيلي على مرِّ تاريخها، لوجدنا كيف أنهُ كلما كان العرب يميلون نحو المرونة والاعتدال وطروحات السلام كان العدو يجنحُ نحو المزيد من التطرُّف والتعنُّت والصّلف والجّشع والطّمع والعدوان والإجرام والتوسُّع والضّم ومصادرة الأراضي وبناء المستعمرات، ويواجهُ مبادرات العرب السلمية بالاستخفاف لدرجة الإزدراء.
**
العرب تمسّكوا بالسلام كخيار استراتيجي وذهبوا إلى مؤتمر مدريد للسلام في آخر تشرين أول/ أكتوبر عام 1991، بهدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وحل الصراع العربي الإسرائيلي وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما فيها قرارات مجلس الأمن 242 (1967) و338 (1973) و497 (1981) ولكن إسرائيل ماطلت طيلة الزمن ولجأت للّف والدوران والتعجيز، ولم تنفِّذ بندا واحدا من هذه القرارات.
**
ثم أعاد العرب التأكيد على التمسك بالسلام كخيار استراتيجي، وقدّموا مبادرة السلام العربية في القمة العربية في بيروت أواخر آذار عام 2002 ، وهدفت إلى إنشاء دولة فلسطينية معتَرفا بها دولياً على حدود 1967 وعودة اللاجئين والانسحاب من الجولان السوري المحتل، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل، فماذا كان رد الفعل الإسرائيلي؟.
جاء الرد على لسان أرييل شارون حينها فقال (أنها لا تساوي الحبر الذي كُتِبت به). ثم هجم على مدينة جنين بعدها بثلاثة أيام وارتكب مجزرة بشعة. وتابعوا في اتخاذ قرارات ضمّ الأراضي التي احتلوها بالقوة كما الجولان، في تحدٍّ سافر وخرقٍ فاضح لكل قرارات الأمم المتحدة. بل وهبَهم إياها الرئيس ترامب، تاجر العقارات، وكأنها إحدى عقاراتهِ الخاصّة.
**
أعاد العرب في القمة العربية الإسلامية في تشرين ثاني /نوفمبر العام الماضي 2023 في الرياض وفي الفقرة 25 :
(التأكيد على التمسك بالسلام كخيار استراتيجي، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وحل الصراع العربي الإسرائيلي وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما فيها قرارات مجلس الأمن 242 (1967) و338 (1973) و497 (1981) و 1515(2003) و2334 (2016)، والتأكيد على التمسك بمبادرة السلام العربية لعام 2002 بكافة عناصرها وأولوياتها، باعتبارها الموقف العربي التوافقي الموحّد وأساس أي جهود إحياء السلام في الشرق الأوسط، وأن الشرط المسبق للسلام مع إسرائيل وإقامة علاقات طبيعية معها، هو إنهاء احتلالها لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية، وتجسيد استقلال دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على خطوط 4 يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في تقرير المصير وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وحل قضيتهم بشكل عادل وفق قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة رقم 194 لعام 1948).
فماذا كان رد الفعل الإسرائيلي؟.
كان المزيد من العدوان والقتل والتدمير والتهجير والمجازر بحق المدنيين وسياسة الفصل العنصري والتطهير العرقي، وتوسيع الإجرام ليشمل لبنان وسورية. وتهديد بعض الصهاينة باستخدام السلاح النووي ضد أهل غزّة.
القسم الثاني من الفقرة 25 من قرارات القمة العربية الإسلامية للعام الماضي 2023 واضحة جدّا:
(.. وأن الشرط المسبق للسلام مع إسرائيل وإقامة علاقات طبيعية معها، هو إنهاء احتلالها لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية، وتجسيد استقلال دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على خطوط 4 يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في تقرير المصير وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وحل قضيتهم بشكل عادل وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948).
والسؤال، هل التزمت كافة الدول العربية والإسلامية بذاك الكلام الوارد في القسم الثاني من الفقرة 25 من قرارات القمة العربية الإسلامية للعام 2023، التي هُم وضعوها بأنفسهم ووافقوا عليها؟.
هل من دولة عربية وإسلامية قطعت علاقاتها الدبلوماسية (على الأقل) مع إسرائيل؟.
بعض دول أمريكا اللاتينية قطعت هذه العلاقات ولكنّ الدول العربية والإسلامية المُطبِّعة لم تفعلها. بل بعضها، وكما نقلت الأخبار، كانت تزوِّد إسرائيل بالخضار والفواكه طيلة هذا الوقت.
**
كل قرارات القمم العربية والإسلامية أكّدت على مركزية القضية الفلسطينية، ولكن هل ما زالت فعلا القضية الفلسطينية هي قضية العرب المركزية؟.
لا أحدا يعتقد ذلك بعد أن خلقوا لكل دولة عربية قضيتها الخاصة، وبعد أن رفع معظم القادة العرب شعار(بلادي أولا).. وبعد أن أقنعت أمريكا وإسرائيل بعض العرب بأن عدوهم الأول هو في مكان آخر وليس إسرائيل، وبات معظمهم يعتبر إسرائيل حليفة وليست عدوا. وبعد أن تناسوا السلاح النووي الإسرائيلي الذي يهدد كل بلدان العرب والمسلمين وركّزوا فقط على برنامج إيران التي أكّد كبار قادتها أنهُ للأغراض السلمية وموضوع تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل صارم.
**
شخصيا أدعو كل الدول العربية والإسلامية المقتدرة في الشرق الأوسط، السعودية ومصر وإيران، وغيرها، لامتلاك السلاح النووي. فإما شرق أوسط خالٍ من السلاح النووي وإما ليمتلك الجميع هذا السلاح ولا يكون حِكرا فقط على إسرائيل.
منذ متى والحديث عن شرق أوسط خالٍ من السلاح النووي قائمٌ، وتنعقد حوله المؤتمرات، ولكن هل استجابت إسرائيل لذلك؟. أكيد لم، ولن تستجب. بل كل برنامجها النووي غير موضوع تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والغرب كلهُ يُغطّي عليها، بينما كل العيون مفتوحة حتى على برامج نووية سلمية في أي دولة عربية أو إسلامية.
**
أذكرُ في أوائل الثمانينيات حينما كنتُ عضوا في وفد بلادي للأمم المتحدة، كان موضوع إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط مطروحا، ورغم انقطاع العلاقات بين سورية ومصر في تلك الفترة نتيجة اتفاقية كامب دافيد ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، وكانت التعليمات من وزارة الخارجية حينها أن لا نتحدث مع الدبلوماسيين المصرين ولكن رغم هذا جاءت التعليمات من ذات الوزارة للتنسيق مع الوفد المصري فيما يخص طرح مشروع قرار حول إنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط. فهذا موضوع في غاية الأهمية.
وكان حينها المسؤول عن الموضوع في الوفد المصري السيد(عمرو موسى) وكان وقتها نائب للسفير (عصمت عبد المجيد) والاثنان أصبحا أمينين عامين للجامعة العربية.
**
كل القرارات التي تصدر عن مؤتمرات القمم العربية، أو الإسلامية المنفردة أو المشتركة(كما القمة العربية الإسلامية المشتركة 2023 و 2024 ) هي قرارات جيدة جدا، ولكن المشكلة في التطبيق.
فإذا كان بعض القادة العرب، بل وبعض القادة المسلمون، لا يلتزمون بقرارات مؤتمراتهم فكيف سيطلبون من الآخرين ذلك؟.
أليس الأولى أن يكون العرب والمسلمون أصحاب تلك القرارات هم أول من يلتزم بها ويطبقها حتى تأخذها بقية دول العالم على محمل الجدية.
وتطبيق تلك القرارات يفترض سياسات مختلفة ومواقف مختلفة ومقاربات مختلفة وأساليب وأدوات مختلفة، ليس من إسرائيل فقط، بل من الدول التي تدعم وتحمي جرائم إسرائيل في مجلس الأمن، وتزوّدها بكل أصناف الأسلحة الفتّاكة وترسل أساطيلها وحاملات طائراتها للدفاع عنها.
فالولايات المتحدة كانت ضد كل القرارات التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في العامين 2023 و 2024 بخصوص العدوان الإسرائيلي على غزة، وعطّلت كل قرار في المجلس لا يخدُم عدوان إسرائيل، باستخدام الفيتو.
في القمة العربية الإسلامية المشتركة العام 2023 كان هناك 31 قرارا لم يُنفّذ منها شيئا.
في قمة هذا العام 2024 أصبحت 38 قرارا.. فكم ستُصبِح العام القادم؟.
ولذلك أقول أن الرئيس الأسد كان معهُ كل الحق في كل كلمة قالها في خطابه في مؤتمر القمة العربي والإسلامي المشترك في الرياض يوم الاثنين 11 تشرين ثاني /نوفمبر 2024 .
الشعوب العربية تنتظر أفعالا وليس فقط أقوالا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زينة مكي: حب حياتي مصاب بالتوحد


.. فرار آلاف العائلات من مدينة حمص بعد وصول قوات المعارضة المسل




.. كيف سيطرت المعارضة السورية المسلحة على مدن كبرى في سوريا بسر


.. روسيا وتركيا.. خلاف أم توافق في سوريا؟ | #ملف_اليوم




.. نشرة إيجاز - قوات المعارضة السورية تعلن السيطرة على مدن بريف