الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
القمة العربية والإسلامية.. الأسئلة المشاكسة
سليم يونس الزريعي
2024 / 11 / 12القضية الفلسطينية
عقدت القمة العربية والإسلامية غير العادية في الرياض الاثنين 11 نوفمبر بدعوة سعودية، من أجل بلورة موقف موحد من حرب الإبادة ضد أهل غزة، وما يجري من استباحة للضفة الغربية، والحرب على لبنان.
لكن أليس مفارقا ويفتقد للصدقية التعامل مع ما يجري في غزة، دون تشخيص فكري وسياسي لمعرفة، من هي أطراف هذه الحرب على غزة ولبنان التي جوهرها هو هذا المشروع الكولنيالي الذي زرعته وحمته وما تزال القوى الإمبريالية الغربية، على مدى عقود، ممثلا في الاحتلال الذي سبق كل ردود الفعل التي فجرت هذا التناقض في تجلياته الراهنة، يوم 7 أكتوبر 2023. كونه هو جذر المسألة.
ومن ثم إذا كان صحيحا أن هذه القمة العربية والإسلامية، تمثل دعما سياسيا إلى فلسطين ولبنان وهو أمر ضروري بكل الأبعاد السياسية والنفسية لأهل غزة، ولكن هل هذا الخطاب المحمل بالإدانات لما يجري لأكثر من عام من حرب الإبادة، يرتقي لمستوي الجريمة وما ينتظره من هم محل هذه الإبادة من أهل غزة من أشقائهم العرب والمسلمين؟ وهل تكفي المناشدة والإدانة في مواجهة هذا السلوك غير الإنساني من قبل العدو في حرب الإبادة ضد أهل غزة؟ وهل تكفي الإدانة لردع المعتدي أو في الحد الأدنى وقفه. وهل تزكي التجربة ذلك؟
غير أن ما يثير الضحك المر، ويصبح المشهد بمثابة كوميديا سوداء، عندما يجري تجاهل شركاء الكيان الصهيوني في حربة على قطاع غزة، ممثللا في الولايات المتحدة الأمريكية، عبر إدارتها المغادرة للمشهد السياسي الدولي، الشريكة في العدوان، وهي التي تتعامل مع الكيان الصهيوني انطلاقا من موقف أيديولوجي يتجاوز السياسة. عبر عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن، عندما اعترف وهو في فلسطين المحتلة متضامنا مع الكيان من أنه صهيوني، لأنه كما قال، ليس شرطا أن يكون المرء يهوديا حتى يكون صهيونيا".
ومع ذلك فإن هذا الموقف الأمريكي العدائي والحامي للكيان الصهيوني عسكريا والممول له وراعيه قانونيا في المؤسسات الدولية، وهي الرعاية التي جعلته فوق القانون الدولي طوال سنوات زرعه في فلسطين، لكن السؤال الساخر، في ظل أن بعض هذه الدول تستجدي واشنطن حمايتها، فيما البعض منها يستجديها ماليا، هو: كيف يمكن أن تنظر الولايات المتحدة إلى تلك الدول ؟ ثم كيف تتعامل مع ما ما تصدره تلك الدول مجتمعة من قرارات؟ في حين أن التجربة تقول : إن الولايات المتحدة كانت وما تزال، هي التهديد المباشر لأي دولة تحاول أن تكون مستقلة بعيدا عن هيمنة النموذج الغربي الامبريالي البغيض، كون تلك الدول الإمبريالية كانت وما تزال، الأساس في كل ما يعانيه الشعب الفلسطيني والمنطقة العربية مند وعد بلفور وحتى الآن.
ويمكن القول مع ذلك إن أهمية عقد مثل المؤتمر وما صدر عنه من قرارات ، لا يجب أن تقف عند حدود البيان، ثم ينفض السامر وتذهب قراراته معه، وإنما في مكنة ترجمة هذه القرارات إلى فعل ، لأن معيار أي قرار هي عندما يصبح واقعا، مثال ذلك، القرار المتعلق بأن "الدول العربية والإسلامية ستعمل على حشد الدعم لتجميد مشاركة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة والكيانات التابعة لها"، وهي الدعوة التي تعني نظريا عزل الكيان، وهي معركة سياسية شرسة من المتوقع أن تقف فيها أمريكا والدول الغربية ومن يدور في فلكها، ضد هذا التوجه، لكن السؤال هنا لماذا لم تقدم الدول التي تربطها علاقات دبلوماسية وتجارية مع الكيان رغم المحرقة، على تجميد هذه العلاقات قبل أن تطلب من الآخرين تجميد عضوية الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة، طالما أن إراداتها حرة ، لأن عدم قيام أي دولة وقعت على بيان القمة بذلك، إنما يشكل نوعا من النفاق، وأن تلك الدول تبطن غير ما تظهر في علاقتها مع قضية الشعب الفلسطيني.
لكن ما يثير السخرية هو عندما تعتبر القمة أن القدس هي "خط أحمر بالنسبة للأمتين العربية والإسلامية"، ليكون السؤال أين كان هذا الخط الأحمر، فيما يغير الاحتلال ملامح القدس ويهود أجزاء منها، ويستبيح الأقصى، وتعترف واشنطن أن القدس الشرقية هي جزء من القدس الموحدة العاصمة الأبدية للكيان الغاصب، وتنقل سفارتها إليها.
ومع ذلك لا يمكن التسليم أن أهمية هذه القرارات تقف عند بعدها النظري، كون أهمية هذه القرارات هي في جعلها واقعا ملموسا، فهل تملك تلك الدول بكل ثقلها ، أن تجعل من هذه القرارات برنامج عمل لكل الدول يما يوفر من إمكانية لإقرارها في المؤسسات الدولية؟ وكيف سيكون ذلك، أمام هشاشة مواقف تلك الدول أمام من يحمي كيان الاحتلال منذ زرعه في فلسطين عام 1948، وهي الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية التي تمتلك امتياز النقض في مجلس الأمن؟ في حين أن الكيان الصهيوني خاض ويخوض هذه الحرب ضد أهل غزة، بدعم عسكري وغطاء فكري وسياسي وقانوني من واشنطن أولا، ودول الغرب الاستعماري ثانيا.
ثم كيف يمكن لأكثر من دولة عربية وإسلامية ان تترجم قرارات القمة، التي توجه مباشرة للكيان الصهيوني؛ أو شركائه في العدوان على أهل فلسطين ، وهي تعتمد في الجوهر على وسيلة واحدة وهي المناشدة ، مع إدراك أنه ما من أحد في المشهدين العربي والإسلامي يمكن أن يفكر في استخدام ما هو أبعد من المناشدة السياسية، والضغط غير المباشر وربما الوعد بتقديم رشا سياسية وغير سياسية، عوض الضغط السلبي الدبلوماسي والاقتصادي، فيما ليس في الوارد اللجوء للضغط الخشن.
انتهت القمة وصدر البيان الختامي، الذي حدد بعض المهام ، ومن ثم فإن أي محاكمة لنجاح القمة من عدمها ، هي في مكنة تحويل القرارات إلى وقائع ملموسة، وهي في ظني تستطيع، إذا ما فكرت خارج الصندوق، لأنها مجتمعة تملك الإمكانية لذلك، إن توفرت الإرادة والنوايا الصادقة.. وهذا هو مربط الفرس..
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. سحب الثقة من حكومة بارنييه: أي تداعيات للأزمة السياسية في فر
.. في باكستان.. حين تتحول الأنهار الجليدية إلى وحوش قاتلة
.. فرحة الأهالي في حماة بعد دخول المعارضة السورية
.. صحيفة التايمز: حمص هي المحطة الأخيرة لقوات المعارضة السورية
.. مراسل الجزيرة يرصد من ساحة العاصي في حماة الأجواء الاحتفالية