الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
على أعتاب الحب الممنوع: نداء امرأة لا تعود إلى بيت القلب قراءة نقدية في قصيدة : لن اعود لبيت القلب - جنور نامق – اربيل – كردستان العراق . بقلم : كريم عبدالله – العراق .
كريم عبدالله
2024 / 11 / 12الادب والفن
على أعتاب الحب الممنوع: نداء امرأة لا تعود إلى بيت القلب
قراءة نقدية في قصيدة : لن اعود لبيت القلب - جنور نامق – اربيل – كردستان العراق .
بقلم : كريم عبدالله – العراق .
قصيدة "لن أعود إلى بيت القلب" للشاعرة جنور نامق هي نصّ شعري يتعامل مع موضوعات الحب والتقاليد والقيود الاجتماعية، وتعبّر عن صراع المرأة مع تاريخ طويل من القمع الاجتماعي والنفسي. من خلال الرمزية، والإيقاع الداخلي، والمفارقات العميقة، تبني القصيدة خطابًا مملوءً بالتوترات بين الرغبات الطبيعية والتوقعات المجتمعية، وبين ما يمكن تسميته "الذات العاطفية" و"الذات الممنوعة". القصيدة، التي ترجمتها يوسف شواني، تحمل في طياتها تأملات في الذات الأنثوية عبر إطار تاريخي وثقافي، ويظهر فيها حضور مكثف للغة الحزن والتمرد.
1. العنوان: "لن أعود إلى بيت القلب"
عنوان القصيدة يمثل النقطة التي تنطلق منها معظم الأسئلة الفلسفية التي تطرحها الشاعرة. "بيت القلب" هنا ليس مجرد مكان مادي، بل هو حالة نفسية وعاطفية وثقافية. قد يشير "بيت القلب" إلى معقل الحب أو الرغبة الإنسانية التي يتوق الإنسان للوصول إليها، ولكنه في السياق الذي تقدمه الشاعرة يمثل أيضًا سجنًا، قيدًا، أو فضاء محصورًا مليئًا بالضغوط الاجتماعية التي تحول دون أن يكون هذا "البيت" مكانًا طبيعيًا للحرية العاطفية. الشاعرة إذًا في العنوان تعلن رفضها العودة إلى هذا البيت، لأنها اكتشفت فيه ليس الأمان والحب، بل القيد والرفض.
2. الزمن والمكان: "قبل ألف سنة"
منذ البداية، تضعنا الشاعرة في حالة من التداخل بين الزمان والمكان. استخدام "قبل ألف سنة" لا يقتصر على تقديم الزمن بطريقة خطية، بل يشير إلى نوع من الديمومة والتكرار، وكأن الشاعرة تتحدث عن معاناة مستمرة عبر العصور. الزمن في القصيدة ليس مجرد مرجع تاريخي، بل هو تكثيف للحالة النفسية والاجتماعية التي تعيشها الشاعرة، حيث يظل الماضي حاضرًا، كأنها في حلقة مفرغة من الخوف والعجز، غير قادرة على الإفلات منه.
وفي المقابل، لا يتحدد المكان بشكل واضح، بل يتمثل في "مدينة القلب"، التي قد تكون بمثابة الرمز للحالة النفسية التي تشعر فيها الشاعرة بأنها سجينة لعواطفها. فهذه المدينة تبدو، من خلال الكلمات الواردة في القصيدة، وكأنها مكان مليء بالمتاهات الداخلية: "مدينة القلب" تصبح سجنًا عاطفيًا، يشبه المستنقع الذي يتكرر فيه الألم.
3. اللغة والصورة الشعرية: الصور الاستعارية والمجازات
تستخدم الشاعرة مجموعة من الصور الاستعارية التي تحاول من خلالها تصوير جفاف العاطفة والشعور بالعجز. على سبيل المثال، في السطر "لم أستطع إرواء الزهور مجددًا"، تعكس الشاعرة حالة من جفاف الحب والتعطش للعاطفة التي لم تعد قادرة على تلبيتها. هنا، الزهور ليست فقط رمزًا للجمال والخصوبة، بل أيضًا تمثل رمزية الخصب العاطفي، الذي أُعاق بسبب القيود الاجتماعية.
كذلك، قولها: "أصبحت لذبولها أصيص أربع حقب" يعكس شعورًا بالجمود العاطفي والروحي. الزمن هنا ليس مجرد تمرير لحظات عابرة، بل هو حالة من الثبات في مكان واحد، مثل الأصيص الذي يحبس الزهور في داخله ويمنعها من النمو. تكرار هذه الصورة يعزز الإحساس بالشلل العاطفي، حيث لا يمكنها إطلاق شعور الحب بحرية.
4. المفارقات الداخلية: التوتر بين الرغبة والخوف
أحد المفاتيح الرئيسية في القصيدة هو التوتر بين رغبة الشاعرة في الحب وبين الخوف الاجتماعي العميق الذي يفرضه الواقع. الشاعرة هنا توضح أنها لا تستطيع تذوق "نكهة القبلات"، رغم وجود الرغبة في ذلك. تقول: "شفتي سكر مر / لا أستطيع أن أتذوق نكهة القبلات"، ما يعكس مشاعر حقيقية من العاطفة المقموعة. السكر هنا ليس متعة أو لذة، بل هو مرارة وفقدان. فكأن العاطفة تتحول إلى عبء ثقيل.
هذا التوتر يتجسد أكثر في عبارتها: "إن لم أكن امرأة عالمة / في فتح الأبواب / دون أن تصدر صريرًا". الشاعرة تشير إلى أنها تتعرض لانتقادات دائمة بسبب تعبيرها عن رغباتها العاطفية والجسدية، وهو أمر يخالف المعايير المجتمعية. الأبواب هنا تمثل حدودًا أو حواجز، ويُطلب منها أن تكون قادرة على تجاوز هذه الحواجز دون إحداث ضجيج أو إثارة الجدل، وهو ما يعكس الضغط الكبير الذي يقع على المرأة لكي تكون "هادئة"، "خاضعة"، و"مؤدبة" في تعبيراتها.
5. الخوف والتقاليد: وراثة العجز
الشاعرة تسهب في الحديث عن تأثير "الوراثة" على تصوراتها العاطفية. تقول: "لقد ورثتها من أمي / الخوف والفزة والتجهم". هنا، تفتح الشاعرة بابًا آخر من التأمل: هل هو التكوين النفسي والجسدي الذي ترثه المرأة عبر الأجيال فقط؟ أم أن المجتمع هو الذي يفرض هذا الشكل من القمع عبر العادات والتقاليد؟ ورثت الشاعرة الخوف والقلق من "أمها"، وبالتالي تكرر نفس الأخطاء نفسها. هذا يشير إلى أن المجتمع والعائلة يعملان كقوى مهيمنة على العواطف الأنثوية، ولا يسمحان للمرأة بالانطلاق أو التعبير بحرية.
6. الرفض النهائي: الرفض لعودة إلى بيت القلب
القصيدة تنتهي بقرار حاسم: "لذلك.. أنا لا أعود إلى بيت القلب!". هذه الجملة النهائية تشكل ذروة التمرد والرفض الذي يبدأ منذ السطور الأولى. الشاعرة ترفض العودة إلى "بيت القلب" لأنه ليس مكانًا للحب الحر النقي، بل مكانٌ للقيود والضغوط. هي تدرك تمامًا أن العودة إلى هذا البيت تعني العودة إلى "الذل"، "الخوف"، و"العجز". ولذلك، تختار الخروج منه، حتى وإن كان ذلك يعني الانقطاع عن الحب أو العاطفة.
الخلاصة
في قصيدة "لن أعود إلى بيت القلب"، تُظهر الشاعرة جنور نامق ببراعة عجز المرأة عن التعبير عن حبها في ظل التقاليد المجتمعية. تعكس القصيدة تجربة المرأة المقهورة العاطفية، الممزقة بين الرغبة في الحب والخوف من التقاليد التي تمنعها من العيش بحرية. الشاعرة تستخدم الرمزية بمهارة لتصوير هذا الصراع الداخلي والتاريخي، وتؤكد في النهاية على ضرورة رفض هذه القيود، حتى وإن كانت العواقب صعبة.
القصيدة :
لن اعود لبيت القلب - جنور نامق - ترجمة يوسف شواني
قبل الف سنة
في مثل هذا اليوم
لم استطع ارواء الزهور مجددا ،
اصبحت لذبولها أصيص اربع حقب ،
كلما مددت شفتي لاي رشفة
كان مزيفا فصل القلب
شفتي سكر مر
لا استطيع ان اتذوق نكهة القبلات
لو يخطفني دعاء الحب الى حضنه
ولكن لِمَ يأخذني !
إن لم اكن امراة عالمة
في فتح الابواب
دون ان تصدر صريرا،
ان كنت جاهلة في ارواء شتلات اللهفة
واطلاق صفوف القبلات في الهواء ..
الان،
استطيع ان اقول
بانني في مدينة القلب
كنت افشل امرأة في هذا التاريخ الأشيب
لم يبق أي كتاب عشق
لم أتمش فيه بملل
دون أن اقدر على ترجمة
نوتات الحب الحمراء الى لغات الفراشة
دون ان تسعفني جرأتي
لاقدم باقة ورد الى يد الحبيب
منذ الف عام
و انا في مدرسة الحب قابعة في نفس الصف !
لقد ورثتها من امي
الخوف والفزة والتجهم!.
منذ الف عام يعلمونني على الطاعة والتقوى ،
امراة تخاف الوقوف امام المطر
كيف لها أن ترتوي !
كيف يمكنها ايقاف حركة الغيوم بالنظرات
كيف تتجرأ ان تكبح الامواج ؟
المنبه ، الصوت ، الخطوط الحمراء
والاوامر الناهية ، لا تفعلي ، لا تذهبي !
تجنني منذ الف عام ،
منذ الف عام و البكاء تخمدني
وتبكي لنفسها ..
انا امرأة ممتلئة بالكذب
اكاد أجفّ بالكمامة
منذ الف عام و انا ارتشف كأس الذعر
فانا تلميذة في صف الحب
دون ان اهدي باقة ورد الى يد الحبيب
دون ان تسعفني جرأتي
لاترجم كلمة العشق
الى لغات الطيور ،
من دون ان استطيع اطلاق قبلة في الهواء.
لذلك ..
انا لا اعود الى بيت القلب !.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الفنان السوري باسل خياط: فخور كوني سورياً.. وحتى الآن لا أصد
.. الفنان السوري باسل خياط لـ-العربية-: تعرضت لمحاولات كثيرة من
.. أفضل ما قطر في 2024: الفنون البصرية والعجائب المعمارية والري
.. أحمد رزق ووفاء عامر .. الفنانون يواسون بدرية طلبة فى وفاة زو
.. كيف تفاعل مشاهير وفنانو سوريا مع سقوط بشار الأسد؟ | هاشتاغات