الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
السياسة الامريكية في العراق
محمد عبيد حمادي
أكاديمي وكاتب وباحث في الشأن السياسي العراقي والإقليمي
(Mohammed Obaid Hammadi)
2024 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية
السياسة الأمريكية في العراق بعد عام 2003
منذ الغزو الأمريكي للعراق في مارس 2003، دخلت السياسة الأمريكية في العراق مرحلة جديدة وصارت معقدة ومتداخلة مع مصالح إقليمية ودولية. فقد كان لقرار إدارة الرئيس جورج بوش الابن بإسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين وتغيير مسار الحكم في العراق تأثيرات جوهرية، ما زالت تتردد أصداؤها على مستوى السياسة الإقليمية والدولية.
بررت الولايات المتحدة غزو العراق بوجود أسلحة دمار شامل وارتباط النظام العراقي بتنظيم القاعدة، وهي ادعاءات ثبت لاحقاً عدم صحتها. وارتكزت السياسة الأمريكية على فكرة تحويل العراق إلى نموذج ديمقراطي يحتذى به في الشرق الأوسط، إلا أن هذه الأهداف لم تتحقق بشكل كامل أو كما خُطط لها.
بالتوازي مع الإطاحة بالنظام البعثي الحاكم، بدأت الولايات المتحدة بعمليات إعادة بناء سياسي واقتصادي، شملت إنشاء نظام سياسي جديد، حل الجيش العراقي وإعادة هيكلته، وتدريب قوات الأمن العراقية. ولكن، لم تكن عملية التحول هذه سلسة، إذ أدت إلى فراغ أمني وسياسي تسبب في تدهور الوضع الداخلي وتصاعد الصراعات الطائفية.
أدى غياب الاستقرار السياسي والأمني بعد الغزو إلى تصاعد التوترات الطائفية، مما أفسح المجال لنشوء جماعات مسلحة منها تنظيم القاعدة ثم “داعش”، اللذين استفادا من ضعف الحكومة العراقية والانقسامات الطائفية للسيطرة على مناطق واسعة في البلاد، خصوصًا في عام 2014. وكانت هذه الأزمة من أبرز التحديات التي واجهت السياسة الأمريكية، حيث اضطرت واشنطن إلى إعادة تعزيز وجودها العسكري في العراق لدعم الحكومة العراقية في مواجهة هذا التهديد.
خلال ولاية الرئيس باراك أوباما، اتجهت السياسة الأمريكية نحو تقليل التواجد العسكري المباشر في العراق. ففي عام 2011، أعلن أوباما عن انسحاب القوات الأمريكية، في خطوة كانت تُعتبر إنجازاً محلياً لأجندته. ومع ذلك، عاد العديد من الجنود الأمريكيين إلى العراق بعد 2014 لمحاربة تنظيم “داعش” في ظل تدهور الوضع الأمني، وهو ما عُرف بـ”عودة الأمريكان إلى العراق”.
مع تراجع الدور الأمريكي في العراق، ظهرت إيران كلاعب رئيسي في المشهد السياسي والأمني العراقي، خصوصًا من خلال دعم فصائل مسلحة وقوى سياسية مقربة منها. وتنامى النفوذ الإيراني تدريجيًا، ليصبح إحدى القضايا الخلافية الرئيسية بين واشنطن وطهران، حيث سعت الولايات المتحدة للحد من نفوذ إيران من خلال فرض عقوبات على فصائل مرتبطة بها ومنع نشاطاتها في العراق.
خلال فترة حكم الرئيس دونالد ترامب، زادت الضغوط على إيران، ما انعكس على المشهد العراقي بفرض المزيد من العقوبات على الفصائل الموالية لإيران، وأدى إلى تصاعد التوترات بين القوات الأمريكية والجماعات المسلحة المدعومة من إيران، بما في ذلك عملية اغتيال الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، وأبو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، في يناير 2020.
أما خلال رئاسة جو بايدن، فقد سعت الولايات المتحدة إلى تقليل وجودها العسكري المباشر في العراق وتغيير استراتيجيتها، مع التركيز على التدريب والدعم الاستشاري للقوات العراقية، بدلًا من الانخراط المباشر في المعارك، وتهدف الإدارة إلى دعم العراق ليصبح أكثر استقلالية في مواجهة تحدياته الأمنية، خاصة مع استمرار وجود خطر الجماعات المتطرفة.
اليوم، بعد مرور أكثر من عشرين عامًا على الغزو، ما زالت السياسة الأمريكية في العراق تواجه تحديات كبيرة. ورغم سعي الولايات المتحدة إلى تقليل وجودها العسكري، إلا أن علاقاتها مع العراق لا تزال حيوية لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، سواء من خلال دعم القوات العراقية في محاربة الإرهاب أو من خلال دعم البرامج الاقتصادية والتنموية.
لم تحقق السياسة الأمريكية في العراق جميع أهدافها، فقد تركت تدخلاً عميقًا في التركيبة السياسية والاجتماعية للبلاد، وأسهمت في بروز قوى إقليمية جديدة مثل إيران. ويظل العراق مثالاً على التحديات التي تواجهها الدول المتدخلة في شؤون دول أخرى، حيث تتشابك المصالح وتتعارض التوجهات، ما يجعل الاستقرار عملية معقدة ومستدامة تحتاج لتعاون متعدد الأطراف.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. أكثر من 30 شهيدا إثر القصف والغارات الإسرائيلية المتواصلة عل
.. باتشوكا المكسيكي يحقق مفاجأة ويفوز على بوتافوغو البرازيلي
.. أبرز ما تناوله الإعلام الإسرائيلي بشأن التطورات في سوريا ومح
.. سوريا.. فلسطيني ينجو من سجون بشار الأسد بعد 42 عاما
.. مقتل أحد المصابين في عملية إطلاق النار جنوب القدس واقتحامات