الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا في الوضع الإقليمي

سلامة كيلة

2007 / 1 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تتكثف النشاطات في المنطقة، وتتماوج التوقعات، ليبدو أن الاحتمالات باتت غامضة. فبعد الموجة التي كانت تشير إلى اندفاعة عسكرية أميركية، وهجوم سياسي، يهدفان إلى تغيير الأوضاع فيها، عبر تغيير النظم، بدا أن الأمور تسير نحو "التفاهم" والتوافق عبر الطرق الخلفية، أو حتى بشكل مباشر.
وكان تقرير لجنة بيكر/هاملتون موحياً بأن السياسة الأميركية يمكن أن تتغير من التشدد إلى المرونة. حيث دعا التقرير إلى حل "النزاع الفلسطيني الإسرائيلي"، والتفاهم مع سوريا وإيران بشأن العراق، في إطار حل يهدف إلى تجاوز المأزق العراقي. وهو ما كان يوحي بأن إستراتيجية تغيير الأنظمة قد أصبحت من الماضي، خصوصاً وأن "أبطالها" من المحافظين الجدد كانوا بدؤوا يتهاوون من الإدارة الأميركية.
ورغم أن الإدارة لم توافق بعد على التقرير، و عكس ذلك أصدرت عدداً من التصريحات التي توضح حدود قبولها به، حيث بدا أنها ترفض نتائجه. فقد قررت زيادة عدد القوات الأميركية في العراق بدل تخفيضها (وهو ما يدعو إليه التقرير)، وشددت على رفض التفاهم مع كل من سوريا وإيران. والأهم أن خطوات عملية تجري لامتصاص تلك النتائج، منها تحريك السلطة العراقية لتحقيق "المصالحة" الداخلية، ومحاولة فتح خطوط مع كل من سوريا وإيران للوصول إلى إتفاقات معهما. ومنها السياسة الصهيونية الجديدة التي بدأها إيهود أولمرت والداعية لبدء مفاوضات مع محمود عباس لإظهار أن الأمور تجري نحو الحل. كل ذلك من أجل خلق أجواء "تهدئة" لتخفيف النقد العنيف الذي بات يوجه لسياسات بوش وإدارته، الذي يرتبط بالدعوة للخروج من العراق.
ولقد تقدمت السلطة في سوريا بمبادرات من أجل "التفاهم" مع الدولة الأميركية، وأيضاً من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات مع الدولة الصهيونية "دون شروط مسبقة" حتى ذلك الخاص باسترجاع الجولان حسب تصريح وليد المعلم وزير الخارجية. ويبدو أن أجواء التقرير قد أنعشت الأوهام بأن "صفقة" يمكن أن تتحقق بعد قطيعة بدأت مع مقتل رفيق الحريري، أدت إلى ما يشبه الحصار السياسي مارسته الولايات المتحدة وأوروبا، وأيضاً النظم العربية.
ولاشك في أن الصراع في لبنان، الذي له بالتأكيد أرضية لبنانية تتعلق بوضع حزب الله بعد صدور القرار 1701 ووجود قوات اليونيفيل في الجنوب، و بتعديل ميزان القوى بين الأغلبية الحاكمة (قوى 14 آذار) والمعارضة التي يقودها حزب الله، وتعديل المحاصصة الطائفية. له أساس في هذا الوضع الإقليمي، حيث يبدو هدف إفشال المحكمة الدولية وكأنه أساسيّ في كل ذلك الصراع. رغم أن موازين القوى لا تسمح بالحسم لأيّ من الطرفين، وأن الأمر متعلق بالوضع السوري تحديداً.
ليبدو أن مصير المنطقة خاضع إما لمساومة وتوافق، أو لتصعيد يقود إلى تحقيق "التغيير الأميركي المنشود".
لكن يبدو أن السياسة الأميركية لم تتغير بعد، وهي تقوم على رفض تحقيق إنفراجة في العلاقة مع السلطة السورية. لهذا يخضع أولمرت لسياسة أميركا التي ترفض العودة إلى المفاوضات رغم المبادرات السورية المغرية. حيث يصرّح بأنه لن يبدأ المفاوضات دون موافقة أميركية. وهذا يوضح مدى الهيمنة الأميركية على القرار السياسي للدولة الصهيونية. لكنه يوضح أن المطلوب هو استمرار الحصار المضروب على السلطة في سوريا.
وهذا يطرح السؤال حول ما تريده الدولة الأميركية، هل تريد الاستمرار في سياستها للتغيير، أم تراجعت وبالتالي ستسعى للتفاهم؟ الوصول إلى صفقة وترتيب الوضع الإقليمي وفق الوضع الراهن، أو "التغيير" الذي بدا أنه تأخر كثيراً، خصوصاً بعد تورطها في العراق ونشوء مأزق شلّ قدرتها على التحرك من أجل إكمال ما أعلنت عنه من سعي لتغيير الوضع الاستراتيجي للمنطقة كلها؟
ليس من الواضح أن الإدارة الأميركية قد تراجعت عن سياساتها، الواضح أنها تحاول تجاوز نتائج تقرير بيكر/هاملتون والالتفاف عليها. لهذا تبدو أنها باتت أكثر مرونة، وأنها عادت للتفاوض والتفاهم مع الأطراف الإقليمية. ولقد عادت تلوح بأنها تسعى إلى إقامة دولة فلسطينية، أي بحل "النزاع الفلسطيني الإسرائيلي". بمعنى أن "الحركة الدبلوماسية" سوف تتركز في الموضوع الفلسطيني. وبالتالي ليس في الموضوع السوري الإسرائيلي، رغم المبادرات السورية المتكررة. وإن كانت تلك الحركة الدبلوماسية لن تفضي إلى حل كونها تهدف إلى تخطي نتائج تقرير بيكر/هاملتون أكثر مما تهدف إلى تحقيق تسوية ما.
وفي هذه الأجواء تتسرب المعلومات عن تدريبات للجيش الصهيوني على حرب في الجبهة الشمالية، أي ضد حزب الله وسوريا، تعيد الاعتبار للجيش الذي هزم في حرب لبنان الأخير، وتعيد ترتيب وضع المنطقة وفق الرؤية الأميركية الصهيونية.
هل تسبق الحرب الجهود الدبلوماسية؟ أو تتراجع الدولة الأميركية عن تشددها تجاه السلطة السورية؟
إن كل الحركة الدبلوماسية هي الخطوة الاستباقية لنتائج التقرير. وبالتالي فهي لا تعبّر عن تغيير في السياسة الأميركية. لهذا يمكن القول أن الهدف الأميركي هو التغيير وليس أي شيء آخر. كيف ومتى؟ هذا ما لا نستطيع التكهن به.
لكن سواء تكيفت السلطة مع المشروع الامبريالي الصهيوني، أو أقام هذا المشروع مصالحه على أنقاضها، سوف تكون النتيجة واحدة، وهي نهاية السيادة الوطنية وتفاقم النهب الامبريالي. وبالتالي تفاقم الإفقار والبطالة والتهميش، وأيضاً الفوضى وانعدام الاستقرار والأمن، والتناحر الطائفي والقتل.

المطلوب الآن ليس الانتظار، ولا استجداء رضا أميركا أو الدولة الصهيونية. بل المطلوب هو تعزيز إمكانات المواجهة. سواء حصلت مساومات أو لم تحصل، وبالتالي اندفعت الدولة الأميركية للتغيير مستخدمة أداتها: الدولة الصهيونية.
المطلوب تعزيز إمكانات المقاومة و ترتيب الوضع الداخلي بما يسمح بذلك. وهو ما لن يتحقق إلا بنشاط القوى التي تدافع عن الشعب وعن مصالحه، ضد المافيات وقوى النهب التي تبذل كل جهد من أجل المساومة والتنازل، حرصاً على إستمرار السلطة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي


.. السلوك العدواني.. من أسباب التأخر عن المواعيد




.. صباح العربية | في السعودية.. إلزام تحويل رواتب العمالة المنز