الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
-القصاص أم السياسة؟ السعودية تنفذ حكم القتل في خيانة وطنية وعناصر إرهابية-
بن سالم الوكيلي
2024 / 11 / 14كتابات ساخرة
في السعودية، حيث لا تفصل السياسة عن القانون، ينكشف اليوم مشهد قضائي يثير التساؤلات حول مفهوم العدالة والأمن الوطني. وزارة الداخلية السعودية أعلنت عن تنفيذ حكم القتل في مواطنين اتهما بالتخابر مع "عناصر إرهابية" وارتكاب "أفعال مجرمة تنطوي على خيانة وطنية". هذا الحكم، الذي يراه البعض تصعيدا ضروريا لمكافحة الإرهاب، يطرح سؤالا كبيرا: هل كان هذا فعلا خطوة قانونية لردع الخيانة أم مجرد أداة سياسية لتأكيد الهيمنة على الداخل؟
في السياقات السياسية المعقدة التي تمر بها المنطقة، يصبح مفهوم "الخيانة الوطنية" أكثر انفتاحا على التأويلات. ففي عالم تشهد فيه المنطقة تحولات جذرية، ويعاني الكثيرون من ضغوطات اقتصادية واجتماعية، قد يتساءل البعض: هل كان هؤلاء المتهمون فعلا خونة، أم أنهم كانوا ضحايا لصراع أكبر، حيث تم استغلال تهم التخابر كأداة لتصفية الحسابات السياسية؟ لا شك أن الأمن القومي في أي دولة يمثل أولوية قصوى، لكن أحيانا، في سياقات كهذه، تصبح التهم أداة يمكن تسييسها لتلبية احتياجات السلطة.
إن تنفيذ الحكم في قضايا كهذه قد يتجاوز مجرد تطبيق القانون. فالتهمة الموجهة إليهم - التخابر مع عناصر إرهابية - تتسم عادة بتحميل المتهمين وزر جريمة قد تكون أكثر تعقيدا من مجرد تحالف مع جماعات إرهابية. ففي عالم تتحكم فيه أجندات سياسية، يمكن أن تكون هذه التهم حجة لشن حملات ضد معارضين سياسيين أو أولئك الذين لا يتماشون مع سياسة الدولة. إذا كان الإرهابيون الذين تروجهم الحكومات هم أنفسهم "صانعو التهديدات"، فمن يضمن أن المواطن العادي الذي يتهم بالعمالة قد لا يكون مجرد ضحية لحرب سياسية تخوضها الدولة؟
وهذا يقودنا إلى تساؤل آخر: هل العدالة في مثل هذه الحالات هي حقا معيار الحكم، أم أن السياسة هي التي تتحكم في النهاية؟ في الأنظمة التي تحتكر السلطة، يصبح المواطن، مهما كانت دوافعه، عرضة لأن يوصم بالخيانة إذا تطلبت الظروف ذلك. قد يكون للمواطن المتهم في هذه القضية أسباب أو ضغوطات دفعته للتصرف كما فعل، لكن في بيئة ذات تحكم دقيق على معايير الولاء، قد لا يكون هناك مجال للبراءة أو للشكوك المشروعة.
هذه الأحكام السريعة التي تثير الجدل على منصات الإعلام المحلية والدولية، تفتح المجال للحديث عن أبعاد أخرى بعيدة عن النصوص القانونية. هل هي رسالة للجماهير عن قوة النظام واستعداده لمكافحة الخيانة مهما كان الثمن؟ أم أن هناك استغلالا غير معلن لحالات معينة بهدف تعزيز سلطة الدولة في الداخل؟ ما نراه في هذه القضايا هو مزيج من السياسة والقانون، حيث تصبح الأدوات القانونية أحيانا وسيلة لترسيخ صورة أمنية ترضي الجمهور، حتى لو كانت العدالة القانونية في هذه الحالات تظل غامضة.
لا شك أن مواجهة الإرهاب تعتبر قضية مشروعة، ولكن يظل السؤال العميق قائما: هل تستخدم هذه القضية لتبرير القضاء على معارضي النظام؟ ما يحدث في السعودية، كما في غيرها من الأنظمة السياسية في المنطقة، هو أن الأمن القومي يستخدم كذريعة لقمع الحريات، وتستخدم الخيانة الوطنية كأداة لمهاجمة كل من يختلف مع النظام. في النهاية، قد يكون الحكم بالإعدام في مثل هذه القضايا أكثر من مجرد تطبيق للعدالة؛ بل هو تكتيك سياسي يمكن أن يساهم في ترسيخ سلطوية الدولة.
وفي الختام، يبقى من الصعب تحديد ما إذا كانت العدالة قد سادت حقا في هذه القضية أو أن السياسة قد غلبت على تطبيق القانون. ما نراه في هذه الحكاية هو أن الأمن قد يتحول إلى أداة تستخدم لإخفاء القضايا الحقيقية، ويصبح المواطن أداة لتمرير رسائل سياسية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مدير مهرجان الأقصر السينما الأفريقية: شكراُ لكل الناس اللي س
.. رئيس مهرجان الأقصر: مبادرة شاشة سينمائية في كل دولةأفريقية ل
.. عقب تكريمه بمهرجان الأقصر .. المخرج مجدي احمد علي يكشف عن مش
.. الأجيال تتحدث - لقاء مع الزميل المسرحي أحمد محمد
.. وفاة فتحى ابن الفنان الراحل رياض القصبجى