الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما التفكيكية. وفقا لجاك دريدا؟/ إشبيليا الجبوري - ت: من الفرنسية أكد الجبوري

أكد الجبوري

2024 / 11 / 20
الادب والفن


"لا يوجد شيء خارج النص." (جاك دريدا)

معطى السؤال المعرفي القائم. هو: كيف يشكك دريدا في بنيات اللغة والفكر في فلسفته التفكيكية؟.

التفكيكية، التي اقترحها الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا، هي نهج نقدي للغة والمعنى يتحدى الهياكل التقليدية للفكر الغربي. من خلال التفكيك، يحاول دريدا الكشف عن كيفية بناء أفكارنا ومفاهيمنا على ثنائيات (مثل الخير/الشر، الصواب/الخطأ) التي تحد من فهمنا للواقع. بالنسبة لدريدا، اللغة ليست أداة تعكس الواقع ببساطة؛ وبدلاً من ذلك، فإنها تخلق عالمها الخاص من المعاني، حيث يكون المعنى الحقيقي لكلمة أو فكرة في حالة تغير مستمر ولا يمكن أبدًا استيعابه بالكامل.

ويشير دريدا إلى أن كل نص، حتى الأكثر صرامة، يحتوي على تناقضات داخلية ويعتمد على تفسيرات متعددة. وهكذا يصبح التفكيك أداة لتحليل وكشف هذه التعقيدات، متحديا فكرة "المعنى الواحد". يرفض هذا النهج فكرة "نقطة النهاية" للتفسير ويقترح، بدلاً من ذلك، أن كل نص هو مجموعة من المعاني المفتوحة، حيث يكشف كل تفسير طبقات وتناقضات جديدة. وفقا لدريدا، فإن فهم النص يعني الاعتراف بأنه سيكون هناك دائما معان أخرى محتملة، وهو أمر أساسي في التفكيكية.

لا تقتصر التفكيكية على النصوص المكتوبة فقط؛ كما ينطبق أيضًا على المفاهيم والمؤسسات والممارسات الثقافية. يرى دريدا أنه في أي بنية تبدو متماسكة ومنطقية، هناك توترات ومفارقات مخفية، عندما يتم كشفها، يمكن أن تزعزع استقرار وتحول فهمنا لتلك البنية. كان لهذه الفكرة تأثير ملحوظ في مجالات مثل الأدب والفلسفة وعلم النفس والنظرية السياسية، لأنها تتيح لنا أن نرى كيف أن حتى الأنظمة الأكثر صلابة وموضوعية تحتوي على عناصر متناقضة وتخضع لإعادة القراءة.

أحد الجوانب الأساسية للتفكيكية هو التشكيك في مفهوم "المركز" أو "الأساس" في أي خطاب. يتحدى دريدا فكرة وجود مبدأ ثابت أو حقيقة مطلقة تدعم نظام المعاني. وتعتبر هذه الفكرة جذرية مقارنة بالمناهج التقليدية التي تسعى عادة إلى قاعدة مستقرة لبناء المعرفة. يقترح دريدا أن اللغة والفكر غير مستقرين بطبيعتهما وأن أي محاولة للعثور على "حقيقة" أو "معنى" مطلقين هي في النهاية مستحيلة وتؤدي إلى نتائج عكسية.

ويتجلى هذا النهج أيضًا في عبارة دريدا الشهيرة: "لا يوجد شيء خارج النص". بهذا، لا يؤكد دريدا أن اللغة وحدها هي التي توجد، بل يؤكد أن أي محاولة لفهم الواقع تتوسطها اللغة دائمًا. لا يمكننا الوصول إلى واقع "نقي" خارج البنى اللغوية والثقافية التي نستخدمها لتفسيره. وبالتالي، تدعو التفكيكية إلى مراجعة نقدية لكيفية فهمنا للمفاهيم الأساسية، مما يشير إلى أنه لا يوجد وصول مباشر إلى الحقيقة دون تعقيدات اللغة.

إن التفكيكية لجاك دريدا لا تشكك في الطرق التقليدية للقراءة والتفسير فحسب، بل تفترض أيضًا أن بنية الفكر البشري ذاتها غير مستقرة. يتحدى دريدا القارئ للتخلي عن فكرة المعنى الثابت واستكشاف إمكانية التفسيرات المتعددة. وكانت نظريته مؤثرة في الفكر المعاصر، حيث شجعتنا على إعادة التفكير في المعرفة باعتبارها عملية مفتوحة، في حركة مستمرة وإعادة تفسير.


* الكتب الموصى بها:
- لفهم النظرية التفكيكية، يعتبر دي ("علم النحو"، 1967) أحد الأعمال الأساسية لجاك دريدا. في هذا النص، يدرس دريدا العلاقة بين اللغة والكتابة، ويطور أسس منهجه التفكيكي. إنه كتاب أساسي لفهم كيف يعيد دريدا تفسير الفلسفة ويتحدى أفكار الحضور والغياب في اللغة.

- كتاب آخر موصى به هو (الكتابة والاختلاف، 1967)، وهو عبارة عن مجموعة مقالات يطبق فيها دريدا طريقته التفكيكية على أعمال فلسفية وأدبية مختلفة. يتيح لنا هذا الكتاب رؤية كيف يستخدم دريدا نظريته في تحليل نصوص محددة، مما يدل على إمكانية تطبيق التفكيك في سياقات ثقافية وفلسفية مختلفة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2024
المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 11/20/24
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد الشرنوبي يتحدث عن رأيه فى فيلم بضع ساعات


.. مهرجان الأقصر يحتفي بالسينما الموريتانية في ندوة بحضور رئيس




.. عمر متولي يثير جدل في الوسط الفني بسبب حديث عن موهبة الراحل


.. النادي الأميركي في الجزائر.. مساحة جديدة للتعريف بثقافة الول




.. الدوحة تستعد لعودة منافسات بطولة -ون- للفنون القتالية في فبر