الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية

حسقيل قوجمان

2007 / 1 / 2
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


وصلتني رسالة الكترونية من قارئ عزيز وردت فيها العبارة التالية:
"إنني ومجموعة من الرفاق نقوم حاليا بالاعداد لدراسة الماركسية بصورة منتظمة ..، وقد وضعنا نصب أعيننا عدة مجالات للدراسة منها المادية الديالكتيكية و المادية التاريخية"
قارئي العزيز
احييك واحيي رفاقك اعطر تحية
نعم الاختيار هو اختياركم لبدء دراسة الماركسية بدراسة المادية الديالكتيكية. فالمادية الديالكتيكية هي اساس الماركسية. ومن دواعي سروري ان اقدم لكم بعض المشورة فيما يتعلق بهذه الدراسة.
قبل البدء بمثل هذه الدراسة ينبغي ان تكون لديكم قناعة تامة بانكم تدرسون علما وربما ارقى العلوم اطلاقا. والعلوم الطبيعية كلها عبارة عن دراسة قوانين طبيعية نافذة في الطبيعة سواء كنا نعرفها ام لا نعرفها. والعلم هو واقع اكتشاف احد هذه القوانين الطبيعية الفاعلة في الطبيعة بالاستقلال عن ارادتنا ومعرفة اتجاه حركتها ومحاولة الاستفادة من تعلم حركتها في تطوير مجتمعنا البشري. اورد مثلا واحدا بسيطا هو قانون ارخيميدس حول فقدان وزن الاجسام الغاطسة في السوائل. كان هذا القانون فاعلا قبل ارخيميدس منذ أن وجدت السوائل والاجسام الصلبة. وتعلم الانسان استخدام قانون ارخميدس قبل ان يعرف انه قانون طبيعي فجرب بناء الزوارق والسفن وتكبد احيانا بعض الخسائر نتيجة لعدم معرفته القانون. وحين اكتشف ارخيميدس هذا القانون اصبح بمقدور الانسان ان يستفيد من اتقان حركة القانون في ضبط البواخر بدقة بحيث يتجنب اي خطر لغرقها ويحاول استغلال القانون باقصى ما يمكن من الفوائد.
هذا ينطبق على جميع القوانين الطبيعية التي يكتشفها الانسان. والانسان لا يستطيع تغيير هذه القوانين او خلق قوانين اخرى بدلا منها وانما يستطيع فقط الاستفادة من معرفة اتجاهها وتوجيهه لفائدة المجتمع البشري وتحاشي نتائجه المدمرة اذا كانت له نتائج مدمرة. وحتى الذين يستخدمون القوانين الطبيعية لتدمير البشرية لا يستطيعون تغيير القوانين وانما يستفيدون من حركتها لتطوير اسلحة الدمار الشامل كما نجده في القنابل الذرية والهيدروجينية والالكترونية وسائر اسلحة الدمار الشامل.
والمادية الديالكتيكية هي الاخرى مثل هذه القوانين التي كانت فاعلة طالما وجدت المادة وستبقى فاعلة طالما وجدت المادة لان هذه القوانين تسيطر على الحركة مهما كان نوعها والمادة شكل من اشكال الحركة. كذلك استفاد الانسان من هذه القوانين بدون ان يعرفها واستخدمها في بحوثه العلمية في شتى العلوم لان العالم الحقيقي لابد ان يكون ديالكتيكيا في بحوثه، في مختبره حتى لو كان من اعدى اعداء الديالكتيك فلسفيا واجتماعيا. واشهر نموذج على ذلك كان داروين الذي لم يكن يعلم حتى عن اسم الديالكتيك. فقد كان بحثه من اروع البحوث الديالكتيكية في التاريخ. بل ان الانسان استخدم الديالكتيك حتى في تطوير المجتمع فكانت ثورات العبيد تعبيرا عن تحول التطور الكمي في قوى الانتاج وتغيير علاقات الانتاج وفقا لذلك. ويصح هذا على الثورات البرجوازية التي حدثت قبل معرفة قوانين الديالكتيك.
ولكنكم في الواقع تريدون دراسة المادية الديالكتيكية. ولهذا الغرض انتم بحاجة الى كتاب دراسي لهذا الموضوع كما هو الحال في العلوم الاخرى. ولا اعلم عن كتاب دراسي وضع لهذا الغرض. ذكرتم في رسالتكم عددا من المصادر التي تتناول هذا الموضوع. ذكرتم ضد دوهرينغ. ان هذا الكتاب لا يصلح ككتاب دراسي للموضوع لانه في الواقع مناقشة لاراء دوهرينغ باسلوب انجلز الديالكتيكي. ولكن هناك مقدمة لهذا الكتاب ومقدمة لكتاب ديالكتيك الطبيعة قد يكون فيهما ما يفيدكم بهذا الخصوص. تذكرون كتاب بوليتزر الذي نشر في الحوار المتمدن. انا لم اقرأ هذا الكتاب ومثلكم اقتبسته من الحوار المتمدن لكي اقرأه اذا سنحت لي فرصة لقراءته. ان انسب الكتب التي قد تصلح لكي تكون اساسا لهذه الدراسة هي المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية لستالين وقد ترجمتها وهي موجودة في موقعي وفي موقع ستالين في الحوار المتمدن، وحول التناقض لماوتسي تونغ ومقالات كتبها لينين عن كارل ماركس شرح فيها اركان الماركسية شرحا رائعا ومركزا. لذا اقترح ان تركزوا اهتمامكم على هذه المصادر الثلاثة في البداية واذا اتقنتم هذه المصادر بامكانكم ان تستفيدوا من اية مصادر اخرى تصادفونها وان تميزوا الجيد منها وغير الجيد.
ولكنكم تحتاجون اضافة الى دراسة قوانين الديالكتيك واتقانها الى تطبيق لها تتتبعونه وتتفهمون كيف يقوم العالم المتقن للديالكتيك استخدامه. هذا موضوع مهم جدا. اذ ان حفظ القوانين لا يمنح الانسان القدرة على اتقان استخدامها في بحوثه ودراساته للواقع الاجتماعي الذي يعيشه.
في الواقع كانت جميع كتابات معلمي الطبقة العاملة ماركس وانجلز ولينين وستالين نماذج رائعة بهذا الخصوص. ولكن اروع مثال لهذا الموضوع في اعتقادي هو الخمسين صفحة او ستين صفحة الاولى من كتاب الراسمال. ان ماركس لم يذكر فيها كلمة ديالكتيك. ولكن كيفية بحث هذا الموضوع الاقتصادي الذي يكشل اساس الاقتصاد السياسي الماركسي هو الطريقة الرائعة لاستخدام كافة قوانين المادية الديالكتيكية. فهناك يتتبع كارل ماركس الانتاج الاجتماعي من اول نشوئه ويبين كيفية ان النمو الكمي لهذا الانتاج يتحول الى تغير نوعي فيه. كتحول الانتاج البدائي الى سلعة وانفصال القيمة عن القيمة الاستعمالية ونشوء سلعة واحدة لتكون معبرا عن قيمة جميع السلع وتحول هذه السلعة الى النقود وتحول النقود الى راسمال والتوصل الى موضوع فائض القيمة. ان دراسة هذا البحث لا تعلمكم اساس الاقتصاد السياسي الماركسي وحسب بل عن طريق تتبع كيفية توصل ماركس الى هذه التغييرات النوعية الناجمة عن تغيرات كمية وكيفية تأثير كل ظاهرة على الظواهر الاخرى تفيدكم في تعلم تطبيق القوانين التي تعلمتموها من دراسة الكتب في التطبيق العملي لدراسة ظروفكم الاجتماعية وتمييز اتجاه الحركة فيها والعمل على دفع التطور في اتجاهها.
والاهم من كل ذلك هو تطبيقكم العملي لما تعلمتموه من قوانين الديالكتيك. فلا فائدة في دراسة المادية الديالكتيكية دراسة نظرية مجردة كهواية. ان اهم فائدة لدراسة المادية الديالكتيكية هي محاولة تطبيقها والاستفادة منها في الحياة اليومية وخصوصا في الحركات الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية القائمة. عليكم ان تحاولوا تمييز اتجاه الحركة في القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تصادفكم اثناء النضال وان تميزوا الاتجاه الذي تسير فيه وان تعملوا على دفع الحركة في هذا الاتجاه. بهذا فقط تتم الاستفادة من دراسة المادية الديالكتيكية والا فتبقى الدراسة مجرد هواية بتي برجوازية يطمح فيها الانسان الى تعلم شيء جديد وليس تعلم المادية الديالكتيكية من اجل استخدامها كأداة للنضال في سبيل تقدم المجتمع والسير به الى التخلص من الاستغلال ايا كان نوعه.
ارجو ان يكون في هذه الملاحظات بعض الفائدة لكم في دراستكم ولكن الاهم من كل ذلك هو المواضبة على الدراسة والايمان بما تقومون بدراسته. واتمنى لكم النجاح في مسعاكم.
عاطر تحياتي
حسقيل قوجمان










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد نبيل بنعبد الله يستقبل السيد لي يونزي “Li Yunze”


.. الشيوعيون الروس يحيون ذكرى ضحايا -انقلاب أكتوبر 1993-




.. نشرة إيجاز - حزب الله يطلق صواريخ باتجاه مدينة قيساريا حيث م


.. يديعوت أحرونوت: تحقيق إسرائيلي في الصواريخ التي أطلقت باتجاه




.. موقع واللا الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت في قيساريا أثناء و