الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعدام صدام.. فليحذر من يحارب الوحوش أن يتحول الى وحش!!

نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر

(Najah Mohammed Ali)

2007 / 1 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


هل أن مايجري في العراق يؤكد ما يردده البعض من أن الشيعة الذين رفضوا معظم النظم وعهود الحكم منذ زمن السقيفة ومرورا بالعهود الأموية والعباسية ومابعدها الى الخلافة العثمانية وأنظمة الحكم المتعاقبة في العراق الحديث، وغيره من البلدان، يجيدون فنون معارضة الحكام في بلدانهم، ويتقنون كل مايوصلهم الى الاستشهاد كقرابين فداء على مذبح الحرية؟..
هذا السؤال يجيب عليه - حتى الآن على الأقل- الواقع العراقي الراهن الذي يعكس أن الشيعة الذين كانوا ضحايا القتل والاعدامات والتغييب والارهاب ،وهم يقتلون يوميا حتى في يوم عيد الأضحى المبارك ،لا يعرفون بالفعل أساليب الحكم وتكتياته بالرغم من التجربة الايرانية الناجحة على الأقل في التعامل مع الحكام السابقين في عهد الشاه المخلوع!.

ومبدئيا نسجل أن التعاون مع الولايات المتحدة لاسقاط النظام السابق، والقبول بمبدأ المحاصصة الطائفية والأثتية، ومجرد الوثوق بواشنطن ،هوم خطيئة سياسية كبرى ارتكبها بعض زعماء الشيعة نشاهد آثارها كل يوم في عراقنا الذبيح..

وفي قضية "إعدام صدام" من بدء المحاكمة حتى التنفيذ،لابد أن نؤكد هنا أن التوقيت في يوم عيد الأضحى – أو في يوم عرفة - كان فخّا أمريكيا وقع فيه الأخوة الحكام ،إذ تؤكد معطيات عدة أن الحكام العراقيين(الشيعة طبعا)، اقتنعوا بواسطة تسريبات أمريكية مدروسة ومقصودة، أنهم إذا لم ينفذوا حكم الاعدام يوم السبت، فانهم لن ينفذوه الى الأبد"لأن الأمريكيين سيقومون بتهريب صدام من سجنه الى خارج العراق،أو أنهم-أي الأمريكيين- سيرضخون للضغوط الدولية والاقليمية التي ستزيدها شحنا الماكنة الدعائية غير الودية مع الشيعة، الى أن يُصبح من الصعب على واشنطن الموافقة على إعدامه".

الحكام العراقيون الشيعة، تعاطوا مع الأسف الشديد،إعدام صدام من خلفية ثأرية ، وهذا حقهم كمواطنين تضرروا في حقبة صدام، ولايملكون هذا الحق .. حاكمين. وجاء تصويرُ الواقعة بالجرأة التي ظهر فيها الرئيس السابق وتحوله الى بطل بعد أن كان المفروض معاقبته على مااقترف!، والهتافات التي أُطلقت من قبل بعض من سُمح لهم بحضور الواقعة، لتزيد من ضبابية المشهد العراقي المنقسم طائفيا منذ مؤتمر لندن منتصف ديسمبر 2002 برعاية السفير زلماي خليل زادة ، ويسميه بعض الشيعة الحاكمين "أبو عمر" للتأكيد على نزعته الطائفيّة!.

كذلك فان هروب "الرئيس الكردي" من التوقيع على الحكم لاصدار مرسوم بتنفيذه كاجراء شكلي نص عليه الدستور وقانون المحكمة الخاصة، وقبول رئيس الوزراء القيام بالمهمة وهوالمستعجل جدا لابلاغ عوائل ضحايا صدام " فرحة العيد" : إعدام صدام،جاء ليدثر هذه القضية بلباس طائفي يُضاف له أن مكان الاعدام كان الشعبة الخامسة لمخابرات النظام السابق المعنية باعدام الاسلاميين الشيعية خصوصا من حزب الدعوة الاسلامية الذي ينتمي له رئيس الوزراء ومستشاروه.

إعدام صدام في يوم عيد الأضحى – أو في يوم عرفة ،يُكسب رئيس الوزراء نوري الماكي شعبية لدى الرأي العام الشيعي داخل العراق وربما خارجه، لكن جعله يخسر الرأي العام العربي والاسلامي المتعاطف في أغلبيته مع صدام أثناء حكمه وبعد سقوطه بعملية الغزو العسكري الأجنبية، وقبل تنفيذ حكم الاعدام فيه..وهذا ما يجب أن يشرحه للمالكي مستشاروه..ويحذروه من عواقبه..

ومن السهل أن تُنفذ الحكومة العراقية حكم الاعدام، وأن نشاهد مستشاري المالكي على الفضائيات،ونستمع لهم في الاذاعات ونقرأ لهم في بقية وسائل الاعلام وهم يدافعون عن " قرار التنفيذ"..نعم ليس صعبا عليهم أن يشتموا معارضيهم ويسخروا ممن بكى أو تباكى على صدام- وفيهم عدد كبير من الاعلاميين العرب – لكنهم أي مستشاري الماكي ، فعلوا ذلك ونسوا أنهم ماعادوا اليوم في خانة "المعارضة " لصدام وحكمه الذي ذهب مع الريح بغزوة أنجلو امريكية، وتحولوا هم الى حكامٍ لشعب يعترفون هم أنه يتألف من "مكونات " عديدة!!.

لن أدخل في تأريخية، وفقهية الخلاف حول تحديد " هلال العيد" في شهر رمضان بشمل خاص، ولكن ما أريد قوله هنا هو ان الحج الذي يؤدي الى عيد الأضحى،إنما هو مواقيت وأمكنة، وأن إعدام صدام تمّ في يوم العيد أو في يوم عرفة بحسب التوقيت الشيعي، وهو يوم من أيام الله خصوصا إذا عرفنا أن من لم يدرك عرفة لم يحج، والحج عرفة..
وهنا أشير الى أنني من دعاة توحيد العيد خصوصا الأضحى لأن حجاج المسلمين الشيعة والسنة متوحدون فيه: ينحرون الأضاحي في يوم واحد!.
ولن أدخل في جدلية الاحتلال و مشروعية المحكمة التي أصدرت حكم الاعدام على صدام-وأنا وأسرتي وأسرة زوجتي وأسرة خالي وخالتي وبعض أبناء عمومتي من ضحاياه-، كما لن أخوض في تحميل فريق الدفاع عن صدام الموهوس بالاعلام والبحث عن الشهرة، والذين أوقعوا بموكلهم عندما تركوه يتحدث ليقدم للمحكمة وعلى طبق من ذهب اعتراف بالقتل، وكانوا يتعاملون معه كرئيس وليس كمتهم يبحث عن براءة، أي أنهم رضوا بأن يحدد هو مايريد قوله في المحكمة، بينما هم مشغولون بالشكليات ولعبة الانسحاب المتكررة من القاعة،فساهموا مع الاحتلال،في أن لايحصل صدام على محاكمة عادلة!.
لن أدخل في تفاصيل كل ذلك –الآن على الاقل- لكن ....ما أود قوله هنا في هذه العجالة هو ان صدام كان سنيا ويوم عيده هو السبت والقانون لايجيز اعدامه في يوم عيده، وإن الشيعة الحاكمين، لم يجيدوا حتى الآن لعبة الحكم ومافيها من مرونة ودبلوماسية والتعاطي مع " الآخر " ومع الوقائع من باب "لكل مقام مقال" و "نحن معاشر الأنبياء نكلم الناس على قدر عقولهم"...
فهل تحقق ذلك في إعدام صدام؟....
وقبل ذلك لماذا أختيرت قضية الدجيل "الشيعية"...لتكون الحبل الذي التفّ حول عنق صدام ... صبيحة عيد الأضحى المبارك، ولتفجر معها ذلك الانقسام الطائفي البغيض الذي زرع بذرته الأمريكان؟..
لقد كان بامكان المحكمة اذا كانت مستقلة أن تبدأ بالقضايا الكبرى التي تحرك عواطف الرأي العام العربي والاسلامي لصالح ضحايا " الأنفال وحلبجة " بشكل خاص ،دون الشروع في قضية تُعدُّ سهلة في حسابات عدد الضحايا،وأن يصدر حكم الاعدام في تلك القضايا الكبرى التي لاترتبط من قريب أو بعيد بشيعة العراق،ولاتثير شبهات-يبدو أنها مقصودة- حول ....الانتقام الطائفي!!
فليحذر من يحارب الوحوش أن يتحول الى وحش!! فردريك نيتشه

أليس كذلك؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ