الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-محمد وأمنية ما بين السخرية والفلسفة: حين يتلاقى حسن الخاتمة مع حسن اللقاء!-

بن سالم الوكيلي

2024 / 11 / 24
كتابات ساخرة


في أحد البرامج التي تجمع بين أحلام الشرق الأوسط وطموحات الإعلاميين في الظهور بمظهر النجم الذي لا يقهر، وقعت حادثة قد تكون من عجائب القرن: حيث استضيف المواطن محمد في حلقة من برنامج "أحلام الشرق الأوسط"، وكان السؤال البسيط، الذي لا يثير أي شبهة: "ما هي أمنيتك في الحياة؟". كانت المذيعة، بطبيعة الحال، تتوقع إجابة تقليدية تشبه تلك التي يرددها الجميع في مثل هذه المواقف: "أرغب في سيارة فارهة، منزل واسع، أو ربما وظيفة مرموقة". لكن محمد، الذي يبدو أنه لا يتبع نفس القواعد المملة، فاجأ الجميع بأمنية خارجة عن المألوف: "أنت وحسن الخاتمة!"

الرد الذي أطلقه محمد قد يبدو للوهلة الأولى مجرد مزحة عابرة، لكنه في الواقع يفتح أمامنا بابا واسعا من التأمل والتساؤلات. هل كان يظن أن المذيعة هي المفتاح السحري لحسن الخاتمة؟ أم أنه كان يطرح علينا سؤالا وجوديا جادا بلمسة فكاهية؟! في كلتا الحالتين، لا يمكن إنكار أن محمد قد ألقى قنبلة فكرية أوقعت المذيعة في فخ الدهشة، وأساءت إليها في نفس الوقت. هل تضحك؟ هل ترتبك؟ هل تتهرب وتطلب من المخرج قطع البث؟ ذلك هو سؤال الساعة!

لنغص في عمق هذه الأمنية العميقة (أو على الأقل التي يبدو أن محمد كان يقصد بها شيئا أعمق). أولا، نلاحظ أنه لم يجمل طلبه بكلمات تقليدية عن الثروات المادية أو الطموحات الدنيوية. بل اختار أن يضع المذيعة في موقف محرج، وكأنها جزء من أمنية كونية تتعلق بحسن الخاتمة. ربما كان يريد أن يلفت الانتباه إلى حقيقة أننا جميعا نتعامل مع مفاهيم الحياة والموت بشكل غير تقليدي. ففي عالم حيث تسير الأمور بسرعة جنونية، نادرا ما نجد من يطلب "حسن الخاتمة" كأمنية.

في هذا السياق، يمكننا أن نرى في أمنية محمد دعوة فلسفية مضحكة، بل قد تكون رسالة عن حقيقة الحياة التي لا يدركها الجميع: النهاية هي ما يهم. فهل كان يظن أن الحياة ليست سوى رحلة نحو النهاية السعيدة؟ أم أن قضاء وقت في هذا العالم ليس سوى تحضير للقاء أبدي؟ في كل الأحوال، تظل الفكرة الأساسية هي أن محمد قد استدعى فلسفة الموت والحياة في تلك اللحظة، في موقف غير تقليدي، وسط ضحكات المشاهدين، ودهشة المذيعة.
دعونا لا ننسى أن محمد لم يظهر فقط روحا فكاهية عميقة في اختياره للكلمات، بل طرح أيضا فكرة فلسفية تؤرق الجميع في وقتنا الحالي: حسن الخاتمة. في عالم يعج بالتوترات والصراعات اليومية، يتمنى المرء أن تصل النهاية إلى اللحظة المثالية، حيث تكون الخاتمة سعيدة، صافية، وكاملة. وقد تكون أمنية محمد هنا دعوة فلسفية لنتقبل فكرة النهاية بإيجابية، بعيدا عن تعقيدات الحياة اليومية.

أما بالنسبة لمقولة "حسن اللقاء"، فهنا نجد إضافة فنية رائعة من محمد، وكأنما يحاول أن يضع المذيعة في قلب كل ذلك، ليوحي بأنها هي التي ستسهم في هذا اللقاء الميمون، الذي قد يكون اللقاء الأخير! قد يكون في ذلك تلميحا ساخرا، أو دعابة تحتمل أكثر من تفسير: هل كان يقصد أن اللقاء مع المذيعة هو بمثابة تلك اللحظة التي تقود إلى الخاتمة السعيدة؟ أم أنه كان يتلاعب بالكلمات على طريقتنا الشرقية الفريدة؟

في الختام، لا يسعنا إلا أن نقر بأن محمد قد لفت الأنظار بطريقة غير متوقعة، ليعيد تعريف ما يمكن أن تكون عليه "أمنية". بين الفكاهة العميقة والفلسفة الساخرة، تبدو هذه الأمنية دعوة لنا جميعا للعيش بتفاؤل، وأن نسعى نحو لحظات خفيفة من السعادة، حتى في أحلك الظروف. إذا، لنرفع أيدينا جميعا، ونتمنى حسن الخاتمة، ولكن مع قليل من الضحك، ولحظات من اللقاءات غير التقليدية، مثل تلك التي قدمها لنا محمد، الذي لا يزال يذكرنا أن الحياة أكبر من مجرد برامج تلفزيونية وأمنيات مملة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير مهرجان الأقصر السينما الأفريقية: شكراُ لكل الناس اللي س


.. رئيس مهرجان الأقصر: مبادرة شاشة سينمائية في كل دولةأفريقية ل




.. عقب تكريمه بمهرجان الأقصر .. المخرج مجدي احمد علي يكشف عن مش


.. الأجيال تتحدث - لقاء مع الزميل المسرحي أحمد محمد




.. وفاة فتحى ابن الفنان الراحل رياض القصبجى