الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خضر محمد الأحول: وحلم العودة الذي لم يتحقق!

محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)

2024 / 11 / 25
القضية الفلسطينية


في صباح يوم 11 يوليو 2024، رحل عنا رجل كان يحمل في قلبه حلماً لم يتحقق، وكان يشع بأمل لا يموت رغم كل الظروف. خضر محمد الأحول، الذي وُلد في مدينة صيدا عام 1954، في قلب لبنان الذي احتضن الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم من أرضهم. رحل في حادث أليم في منطقة خلدة جنوب بيروت، وهو في طريقه لمتابعة حلمه الكبير الذي ظلّ يرافقه طوال حياته: العودة إلى يافا، المدينة التي طرد منها أهله في عام 1948.



خضر لم يكن مجرد رجل ولد في صيدا، بل كان نغمة في لحن طويل من النكبة، كان جزءاً من قصة مشتركة بين صيدا ويافا، بين مدينتين جمعت بينهما البحر والدم، وبينهما حلم واحد: العودة.

صيدا، المدينة التي ضمّت أبناء فلسطين، كان البحر فيها ينطق باسم يافا، وكأنهما جارتان لا يفصل بينهما سوى الذكريات، والحنين، وذاكرة الأرض التي لا تموت.

كان خضر يرى في أمواج البحر التي تغسل شواطئ صيدا، أمواج البحر الذي كان يغسل شواطئ يافا، متخيلاً فلسطين التي لم يراها بعد، لكنه حملها في قلبه وعينيه طوال حياته.



مدينة صيدا، مثل يافا، كانت تحكي لهما نفس الحكاية. البحر هناك، هناك في يافا، كان يُشرف على المدينة كما كان يشرف البحر في صيدا، وكأنهما أبناء بحر واحد. كما كان يافا أفق خضر، كانت صيدا أفقاً له، وكأنما كانت الأرض هناك تناديه، فكل زقاق في صيدا كان يذكره بزقاق في يافا، وكل نسمة هواء كانت تأتيه من البحر كانت تذكره بأن فلسطين أقرب من أي وقت مضى.

صيدا كانت مكان ولادته ومسكنه، لكنها كانت، في جوهرها، جزءاً من حلمه في العودة إلى يافا.



خلال سنواته الطويلة في لبنان، كان خضر محمد الأحول صوتاً مدافعاً عن القضية الفلسطينية، وسفيراً يحمل رسالة شعبه للعالم. عايش معاناة اللجوء، وعاش تفاصيل الألم والحرمان، لكنه لم يسمح لليأس أن يسيطر عليه. بل كان يقف دائماً صامداً، يدافع عن حق الفلسطينيين في العودة، وعن الحق في الحياة بكرامة على أرضهم. حتى في أيامه الأخيرة، كان حديثه دائماً: عن فلسطين، وحلم العودة.

كانت عيناه، وهو في صيدا، تتطلعان إلى يافا، وتراقب البحر وكأنما ينتظر السفينة التي ستعيده إلى ضفافها، إلى بيته، إلى أرضه.



ورغم السنوات التي مرّت، لم يتخلَّ خضر عن حلمه، ولم ينسَ يوماً حلم العودة إلى يافا. كان دائماً يردد: "لن يكتمل الحلم إلا بالعودة إلى أرضنا". كانت تلك الكلمات معبرة عن إيمان عميق بأن الحق لا يموت، وأن الأرض لن تكون لأحد سواهم. كان حلمه أملاً يتجدد في كل جيل، وسراً لا يشيخ أبداً. فحتى عندما رحل عن هذه الدنيا، كانت عيناه شاخصتين نحو الأفق، وكأن روحه تواصل المسير نحو فلسطين، تتبع تلك الخيوط التي ستعيدها يوماً.



في لحظات الوداع الأخيرة، كانت عيونه مليئة بالأمل، رغم الحزن الذي يغلفه. رحل جسده، ولكن فلسطين، التي أحبها، لم تغادره لحظة. رحيله لم يكن مجرد خسارة لعائلته وأصدقائه، بل كان خسارة لأمة بأسرها، لأنها فقدت رمزاً من رموز الصمود. خضر كان حلماً لا يموت، وحكاية شعب لم يتخلَّ عن أمله في العودة، رغم كل العواصف التي مرت عليه.



إن قصته هي قصة كل فلسطيني. هي قصة حلم لن يموت، مهما مر الزمن. هي رسالة أمل للأجيال القادمة بأن العودة قادمة، وأن الأرض مهما غيّبها الزمان، ستظل تنتظر أبناءها.



إلى روحك الطاهرة، خضر، أقول:

ستظل عيونك شاخصة نحو فلسطين، وستبقى في قلب كل فلسطيني. حلمك لم يكن مجرد أمل، بل كان رسالة للأجيال القادمة بأننا مهما ابتعدنا، فإننا لن ننسى فلسطين.لم العودة الذي لم يتحقق!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: -أحكام تعسفية- بحق مناهضي التطبيع؟ • فرانس 24


.. خطة أممية لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا: حل للازمة أم تكريس لل




.. تونس تتسلم رئاسة مبادرة 5+5 دفاع لسنة 2025 • فرانس 24 / FRAN


.. روسيا تحذر مواطنيها من السفر إلى ليبيا وطرابلس تطالب بإيضاحا




.. وزيرة الدفاع الإسبانية: اتهام الرباط بالتورط في قضية بيغاسوس