الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخيلة اليورانيوم علاقة الغيطاني بوزير الدفاع العراقي المقتول؟ !!

أسعد الجبوري

2003 / 7 / 9
الادب والفن


مخيلة اليورانيوم
علاقة الغيطاني بوزير الدفاع العراقي المقتول؟!!

 

(1)

من غبار الساعات الصاعد من الهاوية النائمة فينا.. إلى غبار الكلمات المتطاير فوق الرؤوس وفي أبار الذوات وعلى كراسيّ العقول المتمدّنة بالفضائح والأسمدة الخاصة بالأفكار، نتجلى في الهذيان العالي، مبتعدين عن كل حكمة تخدم كمّ الأفواه أو تسدّ على الأحلام منافذ الطيران من القفص، أو تبلط ممرات الحنجرة بالديناميت، فتجعل الكلام سيرة مفخخة بالخوف وبالإرهاب وبالصمت الذي إذا ما دنى من ضفة البوح، ارتفع كصخرة سيزيف عالياً، ليهوّي ثانية داخل النفس، مُحطماً آخر بقايا الأحياء في الحديقة الجيروسيكية: مكان المنقرضين وأضرحة أصواتهم الذابلة.

سنوات مرت قروناً. لم نر من صورة بلادنا غير جنازة تمر أمام مرآة في نهاية البرزخ الموصل ما بين الحكومة والله. تلك الجنازة. أو بلادنا الافتراضية، كانت تتناسخ بالانشطار الحر، حتى تحولت ذرات من قتلى الحروب. وذرات من قتلى المقاصل والسراديب. وذرات دخان تعقب كل حفلة إعدام بواسطة الرومونت كونترول. وذرات آدميين يسقون بعصير الثاليوم الزلال، تنضج فيهم فاكهة الموت العظيمة بطيئاً بطيئاً وحتى تساقط شعر تلك الفاكهة واهتراء لحمها.

وإذا كانت الجنائن المعلقة من ابتكار البابليين الأوائل، فتلك ميزة تجاوزها الديكتاتور صدام، عندما قام بتشييد قبور في الهواء: تربط أجساد المعارضين وتُعلق في الهواء حتى التعفن وخراب الخلايا. فتأتيهم الطير والكلاب والنمور لتأكل خلاصة خلق الربّ.

لم يكن الموت في العراق فردياً. نعمة الديكتاتور، حولت الموت الفردي إلى حالة جمعية. فما من قتيل إلا ويذهب برفقة قتيل آخر، يتسلى الاثنان، فيقضيان بذلك على وحشة الطريق، وهما باتجاه الله.

أين البلاد الرومانسية؟

وكل ما في الأرض من ضوء، خارق حارق مفتت للعظام ومبيد للسلالة!!

هل تنبتُ العواطفُ في أرض اليورانيوم المحروقة، بقدر ما اخترع الديكتاتور من حروب وكوارث انتهت بتسليم مفاتيح بغداد لرعاة البقر وراكبي الأشباح والـ B-52 ومطلقي التوما هوك والكروز وآخر ما في جعبة القبضاي اليانكي من الألعاب النارية والمشاريع السوداء؟

هل تستطيع الأحلام أن تكمل دورتها في طبيعة صامتة، امتلأت بطنها بالمقابر الجماعية، بحيث كل الأرض لشقائق النعمان؟

شعوب العالم.. كانت وما تزال، تبحث عن الكنوز في باطن الأرض ، عدا شعب العراق، فهو مضطر للتناقض مع تلك المسألة، عندما دُفع لاختار مهنة البحث عن ثروة من نوع آخر: العظام الآدمية في أكياس النايلون!!

في بداية الألفية الثالثة.. يكتشف المرء، إن في اليوم العراقي ألف ليلة للقتل، لا تقابلها ليلة واحدة لتطهير الفراش من الدم أو تنظيف أسنان الديكتاتور من لحوم قرابينه، بعدما تحول فمه مدخنة كيمياوية. وقصره إلى مشرحة لاغتصاب النساء وفصل أعناق المشكوك في ولائهم.

ويوم كان بعض العرب يحتفلون مع الديكتاتور في ألعابه البهلواني على ظهر خشبة المسرح، كان العراقيون، ممن مُسرحَ بهم ومُثلَ بأجسادهم، باقات استغاثات تنتهي في البئر العميقة تحت أقدام المحتفلين بالمربد، فيدفنون على إيقاع أصوات أولئك الشعراء المشاركين في تلك المقابر الشعرية.

بل كم كان مهيناً للشعر وللشعراء أن يُطلق محمود درويش على وزير مومس فاشي كوزير الثقافة لطيف نصيف جاسم لقب ((وزير الشعراء))؟

نحن اليوم أمام تجربة قاتلة. تجربة يجب أن تفتح كل الأبواب من أجل عدم تكرراها هنا أو هناك . تجربة الاصطفاف مع نظام الفاشيست فرانكو ضد لوركا جسداً وشعرية.

أم هؤلاء يعشقون لوركا بالاسم فقط؟

سجل دموي تدميري ضخم بهذا الحجم، يستحق انقلاب حقيقي في الثقافة العربية ومؤسساتها وأزقتها ومقاهيها وجرائدها ومنابرها وبيوتاتها الشعرية وصالوناتها الثقافية ومراكزها الإعلامية من الماء وإلى الماء.

التعرية ليست ظاهرة تخص التربة وحدها. بل تخص الثقافة أولاً وثانياً وثالثاً.

عندما قلت ذلك وبدأنا بنشر ما يرد للموقع من مواد، اتهمنا جمال الغيطاني بالتعامل مع أمريكا. وكم ظهر هذا الروائي سخيفاً في لصق تهمة جاهزة كالبوستر، عليه أن يثبتها للرأي العام، قبل أن يدفع ثمنها أمام القضاء غالياً.

بل كم تبدو الأسماء الموقعة على بيان التضامن معه نفعية تسترية خائبة، استغفلها الغيطاني، ليس من أجل تبرئته من كتابة (زبيبة والملك) بالضبط، بل ربما لقطع الطريق على ملف علاقته مع النظام العراقي، وتلك قضية أخطر بكثير من الرواية التافهة. قضية تخص تورط كاتب بعلاقة سريّة مشبوهة مع وزير الدفاع العراقي السابق عدنان خير الله طلفاح الذي تمت تصفيته في حادثة تفجير طائرته المروحية شمال بغداد يوم 5/5/1989!!

لم يعلن الغيطاني أسباب قراره بامتناع عن مواصلة زياراته لبغداد حتى قبل تلك الحادثة بشهور تقريباً. فهل لليسار العربي أو من بقي من قطيعه أن يستفسر من الغيطاني عن أسباب تهربه من ذلك الملف الذي يخص ارتباطاته بأحد أبرز رموز السلطة الفاشية في العراق آنذاك، وزير دفاع النظام في حرب الخليج الأولى وحرب إبادة الأكراد، وابن خال صدام حسين. وشقيق ساجدة طلفاح زوج صدام الأولى، أي قبل أن يمارس الرئيس المثنى الثلاث الرباع، فيدخل لعبة ما ملكت أياديه من حريم العراق والفرنجة؟!!

يبدو أن كتاب عرائض التضامن، هم من الطبيعة الصامتة التي لا تهش ولا تنش، شيوخ طريقة قطنية، تعتمد تقنية تقنين أصوات الاحتجاج، فلا ترفع نباحاً إلا عن موت كلب في تشيلي أو مقتل دابّة في نيكاراغوا .والعراقيون بغنى عن كل هؤلاء. فلديهم من اليسار أكوام وطوابير وحاويات في كل شارع. ولديهم من بكاء الشيعة ولطمهم وسيوفهم، ما يسد رمق العراق والأمة قروناً.

لا أحد يريد تصديق علاقة الروسي الشوفيني جيرنوفسكي بصدام. ولا علاقة العنصري الفرنسي لوبان بصدام. ولا علاقة اليتيم القومي بن بيلا بصدام. ولا عن علاقة البريطاني جورج غالاوي بصدام. ولا علاقة عبد البار عطوان بصدام. ولا عن قراءة شوقي بغدادي لأشعاره تحت ظلال صدام. ولا عن مديح الغيطاني لـ (حراس البوابة الشرقية) برئاسة صدام. ولا عن سهرة رغدة في قصر من قصور صدام ورغبتها بتمثيل دور زبيبة. ولا علاقة النازي النمساوي الجديد هاير بصدام. ولا عن ازدواجية المعايير والأخلاق لصاحب مجلة (الآداب) سهيل إدريس بطباعة أعداد خاصة بثقافة الفاشية في العراق.

هؤلاء نماذج. والأمثلة طوفان.. لا باب أو سد سيوقفه. كيف يمكن أن تنقذ المخيلة الشعرية من كل هذا كل هذا الوباء الذي استجلب للعراق يورانيوم أمريكا ومنضبات الاحتلال الأجنبي المتعددة الأخرى، كي يكون التدمير شاملاً: العقل والأرض معاً!..

 

 - 09.06








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي


.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-




.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر


.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب




.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند